النحافة المفرطة.. أسبابها وأثارها السلبية
كل من يلاحظ أو يعاني من فقدان الوزن المؤدي إلى النحافة المفرطة عدم التهاون بالأمر واللجوء إلى الرعاية الطبية، فمن المعروف أن للسمنة المفرطة آثارها الشديدة السلبية على صحة الجسم، حيث تسبب العديد من الأمراض.
كما ان فقدان الوزن أو النحافة المفرطة لها بعض الأضرار أيضا، وإن كانت اقل ضررا مقارنة بزيادة الوزن. من الممكن أن يكون الشخص نحيفا جدا منذ الطفولة، وهو يعاني ويشتكي من تلك المشكلة محاولا إيجاد حل لها، أو قد يصاب المرء بالنحافة المفرطة كعرض جديد بدأ بملاحظته، وفى هذه الحالة تؤخذ الشكوى بعين الاعتبار لتقصى أسباب فقدان الوزن، ذلك أن هذا الأمر قد يكون مرتبطا بمرض يكون التشخيص المبكر فيه مهما.
تأثيرات النحافة السلبية
إن للنحافة الشديدة بعض التأثيرات السلبية على جسم المصاب بها، منها ما هو بسيط، كالتأثر ببرودة الطقس، وذلك لفقدان الجسم الطبقات الدهنية التي تعمل عازلا وقائيا للجسم من الطقس البارد، لذا يتأثر الجسم النحيف أكثر بالمناخ البارد أثناء فصل الشتاء.
ومنها ما هو أشد سلبية، كسهولة التعرض للكسور أثناء الإصابات والحوادث، ويعود الأمر في ذلك لأن نسبة احتمالات الإصابة بمرض هشاشة العظام لديهم أعلى من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، كما ويسهل عليهم الإصابة بالإعياء الشديد والجفاف لدى إصابتهم بالإسهال أو النزلات المعوية أو الحمى.
أسباب النحافة المفرطة
هنالك العديد من الأسباب التي تؤدى إلى الإصابة بالنحافة المفرطة، منها ما هو مرضي ومنها ما هو غير مرضي.
من الأسباب غير المرضية والعرضية أو الوقتية، تعرض الجسم لمجهود عضلي أو نفسي أو عقلي، كما يحدث للطلبة أثناء فترة اجتياز الامتحانات، أو بذل مجهود رياضي من دون تناول الغذاء الكافي، او لدى العمل لفترات طويلة من دون راحة، أو كما يحدث مع البعض حين يواجهون المشاكل الحياتية فلا يرغبون في تناول الطعام، أو لدى الإفراط في ممارسة النشاط الجنسي.
كما ان هناك أسبابا دائمة، منها أن يكون الشخص مصابا بالنحافة المفرطة منذ الطفولة مع عدم وجود ضعف في الشهية، الأمر الذي غالبا ما يكون لسبب عائلي أو وراثي أو لأحد الأسباب النادرة كحساسية الجهاز الهضمي للنشاء، أو بسبب ضعف امتصاص أحد العناصر الغذائية.
أما الأسباب المرضية فهي:
– مرض السكري:
ينتج مرض السكري عن نقص هرمون الأنسولين أو نقص الاستجابة الطبيعية من خلايا الجسم للأنسولين. وتحتاج كل خلية من خلايا الجسم إلى السكر (الغلوكوز) كمصدر للطاقة، ويعمل هرمون الأنسولين على الخلايا ليساعدها على استخلاص الغلوكوز من الدم.
وفي مرض السكري نجد إما أن البنكرياس لا يصنع ما يكفي حاجة الجسم من الأنسولين، وإما أن خلايا الجسم تقاوم مفعول الأنسولين، وفي كلتا الحالتين يكون التأثير سواء، حيث يرتفع مستوى الغلوكوز في الدم، لأنه لا يدخل إلي خلايا الجسم، وبالتالي لا تحصل خلايا الجسم على كفايتها من الغلوكوز (المصدر الرئيسي للطاقة)، فتبدأ باستخدام الدهون كمصدر للطاقة بدلا من الغلوكوز، مما يؤدي إلى استنزاف مخزون الدهون في الجسم، وبالتالي يبدأ الوزن بالنقصان.
كذلك فان فقدان السوائل في مرض السكري اذا لم يتم تعويضه، يؤدي أيضا إلى نقصان الوزن.
– فرط إفراز الغدة الدرقية:
هي حالة مرضية تؤدي إلى إنتاج كميات زائدة من الهرمون الدرقي (الثيروكسين) في الجسم، فتصبح هذه الكميات من الهرمون أكثر بكثير مما يجب أو من حاجة الجسم، فيزداد المعدل الأيضي لجميع أعضاء الجسم، وهكذا فإن زيادة نشاط الغدة الدرقية يجعل كل جزء من الجسم زائد النشاط أيضا.
فالأمعاء تستجيب لهذه الزيادة، بكثرة الحركات المعوية، والقلب يستجيب بالازدياد الملحوظ في معدل ضرباته، والجلد يستجيب بزيادة إفراز العرق، وتزداد الشهية بصورة ملحوظة مع فقدان الوزن المستمر، فتضعف العضلات ويصاب الجسم بالارتعاشات وعدم القدرة على احتمال الجو الحار، والقلق وغيره من الأعراض العصبية.
وتصاب النساء إلى جانب كل ذلك، بعدم انتظام الدورة الشهرية وقلة كميتها، والتهيج العصبي. سوء الامتصاص والالتهابات
– سوء الامتصاص:
هو تدهور قدرة بطانة الأمعاء الدقيقة على امتصاص العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن، مع عدم القدرة على إيصالها إلى الدم بوفرة، ومن ثم يخرج الطعام غير الممتص مع الفضلات، من دون أن يستفيد الجسم منه، لعدة أسباب، منها ضمور الزوائد المبطنة لجدار الأمعاء التي تعمل على امتصاص المواد الغذائية، أو بسبب الإصابة بأحد الديدان المعوية، أو الالتهاب المعوي المزمن والتهاب الأوعية الدموية.
وتظهر أعراض المرض في الإسهال المتكرر وفقدان الوزن مع زيادة الشهية ويصاحبه نقص في الفيتامينات أو المعادن، ومع ذلك لا يعاني المريض من الإعياء.
– الالتهابات:
منها ماهو خفيف أو يسمى بالالتهاب الحاد، ومنها ما هو مزمن، فلدى الإصابة بالتهاب حاد (كالتهاب اللوزتين أو الجيوب الأنفية أو الالتهاب الرئوي) أي لفترة وجيزة وليس مزمنا، يؤدى ذلك إلى فقدان الوزن، ولكنه فقدان مؤقت، سرعان ما يعود المريض إلى وزنه الطبيعي بعد انقضاء فترة العلاج وانتهاء المرض. أما في حالات الالتهابات المزمنة فيفقد المريض الشهية بصورة ملحوظة وبالتالي يفقد وزنه.
وسميت هذه الأمراض بالمزمنة لصعوبة الشفاء منها أو لطول فترة العلاج، ومنها التهاب البنكرياس المزمن، الالتهاب الردبي، المرض المعوي الالتهابي (أو ما يعرف بمرض كرونز) التهاب الكبد الوبائي، مرض السل أو الدرن وغيرها من الكثير من الأمراض.
– الأمراض السرطانية:
تسبب الأمراض السرطانية، فقدان الشهية وفقدان الوزن إلى جانب الأعراض المرضية الأخرى، لذا إذا أصيب كبار السن بفقدان الوزن من دون سبب واضح، يجب فحصهم جيدا لاستبعاد الإصابة بأحد الأمراض السرطانية.
أما الأسباب النفسية فهي :
– الأمراض النفسية:
فقدان الشهية العصبي وهو يعني السير على نظام غذائي قليل السعرات أو الامتناع عن تناول الطعام إلى الحد الذي يفقد فيه الشخص وزنه إلى أقل من وزنه المثالي بنسبة 15%، مع الإحساس الدائم بالخوف من الزيادة في الوزن، أو الاعتقاد الدائم بزيادة وزنه.
– الشراهة:
وتعرف أيضا بالشراهة العصبية، أو اضطراب النهم الدائم للطعام، وفيه يتم تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة وجيزة يعقبها إرغام النفس على التقيؤ مع الإفراط في استخدام الملينات.
وكلا الاضطرابين يبدآن في سن المراهقة، وحوالي 90% من المصابين بأي منهما هن من النساء، ويبدأ المصابون بالمرض بإلغاء بعض أصناف الأطعمة من وجباتهم، ويدعون تناول بعض الوجبات، ويصيبهم في بعض الأحيان وسواس بأنهم يبدون بدناء، على الرغم من نحفهم الواضح.
وقد تكون هناك فترات متبادلة بين عدم تناول الطعام على الإطلاق وتناول الطعام بشراهة، ومع فقدان الوزن الشديد تتدهور الصحة، وتختفي نضارة البشرة ويشحب الجلد ويصبح أصفر اللون، ويصاب الشعر بالتقصف، وتتكسر الأظافر، ومن الأعراض الأخرى المصاحبة، الإمساك وفقر الدم وتورم المفاصل والإحساس بالبرودة معظم الوقت، وتوقف أو اضطراب الدورة الشهرية، مع الصعوبة في التركيز وتشتت التفكير، وظهور تقرحات بطيئة الشفاء أو لا تلتئم نهائيا. ومع تدهور الحالة ومن جراء مضاعفات المرض قد ينتهي الأمر بالوفاة.
ويخشى أيضا المصابون بمرض الشراهة الزيادة في الوزن، غير أنهم على عكس المصابين بفقدان الشهية العصبي، غالبا ما يدركون أن سلوكهم غير طبيعي، لكن في ذات الوقت قد يصابون بالاكتئاب عقب تناولهم وجبة طعام دسمة.
وهنا أيضا قد تصبح العواقب الصحية وخيمة، منها الإرهاق الشديد والهزال، والإمساك وانتفاخ البطن، وتورم الغدد اللعابية، وتآكل الأسنان. وبسبب التعرض المستمر لأحماض المعدة نتيجة للقيء المتكرر تظهر تقرحات الحلق والجفاف الشديد في الجسم، الذي يفقد عنصر البوتاسيوم، وقد يحدث تمزق في المريء أيضا. ومن فرط استخدام الملينات من قبل هؤلاء الأشخاص يحدث لهم فقدان للسوائل والمعادن بكميات كبيرة جدا تعرض حياتهم إلى الخطر. ويحقق العلاج المبكر لكلا الحالتين أفضل النتائج والنجاح.
– التدخين:
تقل الشهية للطعام عند مدخني السجائر المزمنين وهو أمر يلاحظه المدخنون أنفسهم بشكل واضح.
– العقاقير الطبية:
تؤدي بعض العقاقير الطبية إلى الإصابة بقلة الشهية وبالتالي فقدان الوزن، كالأدوية المخدرة أو مضادات الاكتئاب أو مضادات الأورام، الأدوية المثبطة للشهية.
لكل ما سبق ذكره ،على كل من يلاحظ أو يعاني من فقدان الوزن المؤدي إلى النحافة المفرطة عدم التهاون بالأمر واللجوء إلى الرعاية الطبية لإجراء الفحص الاكلينكي والمختبري لتشخيص الحالة ومعرفة السبب، فكلما كان التشخيص مبكرا، وعولجت المشكلة من البداية أعطت أفضل النتائج. من 10% إلى 20% خلال الأعوام المقبلة.
وكالات