منوعات

المخدرات والتبغ والتمباك … ثـالوث يهدد الأطفال

[JUSTIFY]غريب أمر هذا الحي .. حي القوز الواقع في الجزء الجنوبي من مدينة الخرطوم .. الغريب في الامر ان سمة هذا الحي هي حالة الحراك الكثيف في ساعات النهار غير انه وبمجرد الغروب يتحول لحالة من السكون الغريب ويبدو كأنه حي لاترى به سوى الكلاب والقطط رغم ان الوقت ما يزال مبكرا للنوم .

التحول الغريب الذي صار اليه حي القوز جاء في اعقاب الحادثة التى صارت محل حديث اهل الحي والاحياءالمجاورة وتعود تفاصيل الحادثة الى ان مجموعة من صغار السن همت بالخروج من المسجد فاعترض طريقهم شاب على دراجة بخارية ، هذا الشاب وبعد ان اشاد بمهارات الشباب في لعب الكرة عرض عليهم مجموعة من الحبوب مدعيا انها حبوب منشطة يتناولها كبار اللاعبين وثمنها جنيهان فقط .. تحمست المجموعة وهمت بالعودة الى المنزل لجلب المال وشراء الحبوب ليشك احد المارة بالشاب الغريب والتفاف الاطفال حوله وعندما شعر به الشاب ولى هاربا قبل ان يتم القبض عليه .. تم التخلص من الحبوب دون اللجوء الى الجهات المسؤولة للتقصي من الامرليعيش الحى بعد ذلك حالة من القلق ضاعفتها انتشار الشائعات حول زيادة مواقع تعاطي المخدرات خاصة ما يعرف بالزرارة وابو قرص التى لا يتجاوز سعرها الخمسة جنيهات، لتكون في متناول الجميع بجانب انتشار تدخين السجائر وسط صغار السن.

بشارع الطابية اجتمع عدد من الصغار الذين تتراوح اعمارهم بين الثانية عشروالرابعة عشر تقريبا في ظل احدى الاشجار الظليلة بجوار مستشفى الشعب لا ليلعبوا او يتحدثوا ولكن ليتناوبوا على تدخين سيجارة قام احدهم بإشعالها من بائعة الشاي ليصطفوا لتدخينها ، وامام احدى البقالات وبحركة ملفتة للانتباه طفل في ربيعه الثانى عشر مشغول بجمع بقايا السجائر من على الارض ثم عمد الى زاوية بعيدة عن أعين المارة ليخرج ورقة البرنسيس ثم يقوم بتفتيت بقايا السجائر داخل الورقة ويلفها ثم يهم باشعالها متلهفا وبحركة خفية وسريعة رماها من يده حينما لمحنا نقبل عليه في محاولة ليحدثنا عن قصته مع التدخين ومتى بدأ يدخن ؟ وكيف اكتشف هذه الطريقة ؟ رفض التعريف باسمه بدأ حديثه متسائلا (لماذا لا ادخن؟ الأمر عادي جدا فكل الرجال يدخنون ) توقف عن الحديث وبعد برهة عاد ليقول ساخرا ان الحصول على سجارة صفراء اسهل من الحصول على طعام ) ملابسه الرثة وملامحه التي بالكاد تتضح معالمها تحت ما يغطي وجهه من أوساخ، وجسمه الهزيل الذي يوحي بأنه ذاق مختلف أنواع القساوة .. أنه طفل متشرد بلامأوى تائه بين أحضان الشارع بلا مرشد ولا وصي .

هذه المشاهد لا تشكل إلا فقرة من نص رواية طويلة جميع أبطالها صغار يقعون في دائرة التعاطى لتتكرر داخل احياء وشوارع العاصمة وامام محال التبغ التى تقوم ببيعها لهم دون اي اعتبار للاضرار التى تلحق بهم وبأسرهم والمجتمع ككل وهمهم تحقيق الربح المادي فقط .
كان يقف وسط الجموع امام محل لبيع التمباك ليبتاع منه ما يقضى به يومه ليخبرنا ان السبب الذي دفعه لتعاطي التمباك هو تقليد والده، ففى احدى الايام ترك الاخيركيس التمباك على الطاولة فأخذه الصغير وانزوى داخل الغرفة فكانت تلك اول مرة ليتكرر الامر حتى اصبح لا يستغنى عنه. وذكر ايضا انه كان منذ صباه يختلس بعض السجائر من جيب سترة اخيه ويقلده في التدخين .
ليس أطفال الشارع وحدهم المدمنين على التدخين هكذا ابتدرعبد الحليم استاذ علم اجتماع حديثه ليضيف ان الكثيرغيرهم يعيشون وسط دفء الأسرة، وفي ظروف جيدة يتمتعون بملبس أنيق وطعام صحي وملحقين بالمدارس الخاصة لجأوا إلى السيجارة تحت مبررات وظروف مختلفة.
كما ان الكثير من الآباء يلقون باللوم على المجتمع كلما زلت أقدام أبنائهم عن جادة الطريق الصحيح، متناسين أن الأسرة هي أول مجتمع يتربى فيه الطفل و أنه يواجه المجتمع الخارجي بكل ما تعلمه منها ولكن إذا اختل ركن من هذه الأركان، زلّ الأبناء وأخطأ المربون. [/JUSTIFY]

الصحافة