اقتصاد وأعمال

ترك اهالي المنطقة بلا علاج

في الاسبوع الماضي ذهبت لمناسبة (زواج) بمنطقة البجراوية، واثناء تسامرنا نعيد مادار ما في الحفل من مواقف طريفة ،سألت الجالسين سؤالاً مباغتآ وبكل عفوية: “ياجماعة المستشفي بتاعتكم وين “.. وكان هدفي من هذا السؤال ان اتعرف علي حال المنطقة الصحي ، ولكن قبل ان يجيب علي احدهم، اطلقت إحدي النساء ضحكة مجلجلة ومعها ضحك كل الجالسين ، وهذا الضحك جعلني ارتب السؤال مرة اخرى ليكون على شاكلة: “ياجماعة سؤالي دا فيه حاجة بتضحك.؟ ” ، وبعد هذا السؤال اجابتني إمرأة في العقد السابع من عمرها قائلة: ياولدي (سؤالك) مافيه حاجة بتضحك لكن البضحك هو (الجواب) ، بعدها بدات تحكي لي تلك المرأة قائلة : “عندنا مركز صحي في المنطقة والايام دي الدكتور مقفل المركز لانو مشى (الدهب)…!! وهي تقصد بالطبع مناطق التنقيب عن الذهب بالشمالية..!!
رحلة تقصي:
في الصباح توجهنا الي المركز الصحي الذي كان يعمل به ذلك الطبيب لنتأكد من صحة هذا الحديث، فوجدنا ابواب المركز مغلقة، فماكان منا الا ان اخرجنا كاميرتنا وقمنا بالتقاط بعض الصور التي تعكس ذلك المشهد الذي لا يصدق، وبعدها حاولنا الدخول الى المركز الذي كان محاطا بسياج من (السلك الشائك)، وقمنا بالدخول الي المركز بصعوبة، وتجولنا بسوح المركز الصحي الذي كان حاله يغني عن السؤال ،فالابواب كلها مغلقة ومجموعة من كراسي البلاستيك تنتظر جليسا ربما لن يأتي قريباً….(السوداني) تجولت بداخل البجراوية متسائلة عن الاسباب التي جعلت دكتور (علي عمر) الشهيربـ(التويجر) يغلق المستوصف ويحزم امتعته للولاية الشمالية للتنقيب عن الذهب، ويترك المواطنين هناك بلا (مستشفى)..!!
الكمون و زيت السمسم:
يقول (م،ا) الذي امتنع عن ذكر اسمه : ان دكتور علي (التويجر) يعمل بالمنطقة منذ عشر سنوات، وهو من الاطباء (الشاطرين)، ويعامل المرضى معاملة جيدة ، ويضيف مدافعا عنه ان جل الذين يقطنون في هذه المنطقة يتعالجون (علاج بلدي) مثلا اذا فيهم واحد شعر بوجع في الصدر يقومون بخلط زيت سمسم وكمون ويقوم بمسحه في صدره ، لذلك شئ طبيعي ان يترك الدكتور المركز الصحي ويذهب الي شغل اخر يأكل منو عيش.
فوضى عارمـــــــــة:
“دي فوضى وعدم مسؤولية”.. هكذا ابتدر محمد أحمد حديثه معنا وأضاف :(هذا شئ لايصدق فكيف لطبيب يترك عمله ليذهب الي اماكن التنقيب عن الذهب ويترك مواطني القرية يتعالجون في اماكن اخرى، وهذا قد يسبب كثير من المشاكل الصحية في المنطقة، وقد يؤدي هذا الى الوفيات لان اقرب مستشفى للمنطقة هي مستشفى كبوشية وهذا المستشفى اذا تحدثنا عنه (عايزة ليها صفحات وصفحات).
اسباب خاصة جدا:
طلبت منا إحدى نساء الحي الذي يجاور المركز الصحي ان تتحدث الينا ولكن بشرط الا نذكر اسمها وقالت لنا ضاحكة: “الدكتور متزوج من مرتين ولديه اطفال ودخل المركز لا يكفيه لذلك قرر ان يجد له مصدر دخل آخر غير الطب” وتضيف : هسي ممكن (صفارة جهاز) تجعلوا من الاغنياء..لكن لو قعد هنا سنين وسنين مابلقى قروش تعيشو عيشة كريمة، واضافت مبتسمة : “والله انا لو عارفة السودان بطلع فيه دهب بالصورة دي ما كان خليت ولدي يقرأ الجامعة”..!! هاتف مغلـــــــــق:
حاولنا الاتصال بالطبيب المعني لكي يقوم بتوضيح وجهة نظره فيما يحدث ولكن باءت كل محاولاتنا بالفشل وكان رد هاتفه: “عفواً…هذا المشترك لايمكن الوصول اليه حاليا”..تماماً كالمستوصف الطبي..!!! والرسالة الان موجهة الى وزارة الصحة لادراك الاهالي بتلك المنطقة قبل ان تتضخم المشكلة، ولايجد مريض العلاج بسبب وجود الطبيب في الدهب حالياً…!!!
صحيفة السوداني
البجراوية : يوسف دوكة

تعليق واحد

  1. [SIZE=4]المشكله في الدوله العاجزه عن توفير دخل يحفظ كرامه الطبيب وبدل ان تصرف المليارات علي الحروب ومخصصات الدستوريين والمحاسيب تحارب الاطباء في ولاتمنحهم مرتبات تقيم الاود وتحفظ كرامتهم اما الصحافي الذي تناول الموضوع بهذه السطحيه والجهل فيبدوا انه عنده عداء وحقد علي مهنه الطب وكان بتناول الموضوع بعمق افضل عن عدم توفر الكوادر والمعينات التي عجزت الدوله عن توفير فالصحه ليست من اولويات الحاكمون[/SIZE]