الطبيب الآلي.. جراح المستقبل الآن في غرف العمليات
وفي ظل كساد عالمي يلوح في الافق ووقوع ميزانيات الرعاية الصحية تحت ضغط قد يبدو الوقت غريبا للتفاؤل بشأن الجراحة عالية التقنية.
والانسان الآلي ليس رخيصا. ويبلغ متوسط سعر بيع دا فينشي سيستم من شركة كاليفورنيا انتويتيف سيرجيكال وهو رقم واحد في الاسواق 1.35 مليون دولار.
وشكك بعض المنتقدين ومنهم خبير الخصوبة روبرت ونستون في فاعلية التكلفة للانسان الآلي في حين يتم الاقتصاد في علاجات أخرى مثل عقاقير السرطان.
لكن مؤيدين يشيرون إلى أن الاسعار ستنخفض لا محالة مع زيادة الاستخدام والمنافسة مثلما حدث مع أجهزة الكمبيوتر التي كانت باهظة الثمن ذات يوم.
ويقوم الانسان الآلي بالفعل باجراء عشرات الالاف من جراحات البروستاتا والقلب والعمليات الاخرى ويتكهن خبراء بأن هذه الالات ستستخدم في الاختراق على عمق اكبر بالاجساد المريضة في السنوات القادمة.
وفي معمل جامعي وراء متحف العلوم في لندن يعمل باحثون على جيل جديد من الانسان الآلي عالي التقنية لنقل جراحة الإنسان الآلي التي تخترق على عمق سطحي إلى المستوى التالي.
وربما يكون احتمال دخول أذرع الانسان الآلي إلى البطن مقلقا لكن دقتها يمكن أن تعني جروحا أقل وتعافيا أسرع فضلا عن البقاء لفترة أقصر في المستشفى وتقليل الاضرار التي تلحق بالانسجة.
ويشير أطباء يستخدمون هذه المعدات إلى أنه بين الرجال الذين يحتاجون إلى جراحات في البروستاتا – وهي اكبر مجموعة تخضع للعمليات التي يستخدم فيها الإنسان الآلي – يعني هذا مخاطر أقل بالاصابة بالعقم.
ويقول الجراح ارا دارزي مدير مركز هملين لجراحة الإنسان الآلي في امبريال كوليدج بلندن ووزير بوزارة الصحة بالحكومة البريطانية مسؤول عن رعاية المرضى “ليس المفهوم الاسهل لتشرحه لمريض ما.”
ومن واقع خبرته يقتنع المريض سريعا متى يتم شرح الفوائد له.
وأضاف “يحتاج المرضى إلى طمأنتهم بأن هذه ليست الة تعمل بشكل مستقل. هذه آلة تمكننا (من العمل).”
ويجلس دارزي على لوحة للتحكم وينظر من مجسام او ستيريوسكوب حيث يستطيع توجيه أطراف الانسان الآلي المتعددة المفاصل داخل جسم المريض باستخدام مجموعة من عصي وبدالات التحكم حين يجري عملية للمرارة او السرطان او عمليات أخرى.
قد يكون هذا أحدث شيء لكن أجهزة الإنسان الآلي هذه ما هي الا بداية.
وقال دارزي لرويترز “هذه قمة جبل الجليد… هذه أول سيارة تخترع على الاطلاق.”
وأضاف “هناك كم هائل من العمل في هذا المجال الذي سوف يحسن بشدة من قدرة الجراح على اجراء عملية اكثر تحديدا ودقة كثيرا.”
ومن بين الافكار التي قد تصبح واقعا عما قريب أداة تستخدم نظرة الجراح في توجيه الادوات من خلال تتبع الضوء الذي ينعكس من عيني المستخدم مما يجعل العمليات أبسط وأقل تغلغلا.
وعرضت النتائج الايجابية لنظام رصد ضوء العين بالمؤتمر الدولي للانسان الالي الذكي والانظمة في نيس بفرنسا في سبتمبر ايلول.
وكاميرا ونظام جراحة “اي سنيك” التي تدخل الى الجسم من فتحاته الطبيعية التي تنهي الحاجة الى الفتح الجراحي كلية لا تزال مسألة مستقبلية. ويأمل فريق مستشفى امبريال في أن تكون أنظمة الدخول عن طريق الفم والشرج جاهزة لاختبارها في غضون ثلاثة اعوام ونصف العام.
ويجري العمل على أنظمة كمبيوتر “الحقيقة المدمجة”. وتستطيع هذه استخدام بيانات من عمليات تصوير سابقة للمريض لمساعدة الجراحين على رؤية الاورام او التكوينات الاخرى تحت الانسجة الحية.
ومن بين الاحتمالات الاخرى تحقيق الاستقرار اصطناعيا لصورة الاعضاء المتحركة مثل قلب ينبض عبر ابتكار إنسان آلي يتحرك في نفس الوقت مع جسم المريض.
وقال جوانج جونج يانج رئيس وحدة امبريال “في الوقت الحالي يستخدم الإنسان الآلي في عمليات بسيطة نسبيا… لكن في المستقبل سنراه يستخدم في عمليات اكثر تقدما مثل جراحة القلب النابض.”
ودارزي ويانج ليسا وحدهما.
ففي مايو ايار هذا العام استخدم أطباء بجامعة كالجاري في كندا إنسانا آليا أطلق عليه اسم نيورو ارم لازالة ورم من مخ شابة في الحادية والعشرين من عمرها في أول عملية من نوعها.
في الوقت نفسه فان مؤسسة سانيتي الامريكية الخاصة تجري اختبارات على دباسة للمعدة للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة تنزلق عبر الحلق بدلا من اجراء جراحة في البطن.
ويعمل باحثون في معهد دي ال ار لعلوم الروبوتيكس والميكاترونيكس على نظام خفيف الوزن أطلق عليه اسم ميرو باستخدام نفس تقنية ذراع الانسان الآلي التي تستخدم في الفضاء.
والعمل مزدهر في معهد انتويتيف سيرجيكال المقرر أن تجري قاعدتها التي قامت بتركيبها من اكثر من 1030 إنسانا آليا من طراز دا فينشي بالمستشفيات في أنحاء العالم 130 الف عملية لاستئصال البروستاتا والرحم وعمليات صمام القلب فضلا عن عمليات أخرى هذا العام.
المصدر :رويترز [/ALIGN]