رأي ومقالات

الطيب مصطفى : المرجفون في المدينة!!

[JUSTIFY]إننا مُخترَقون من الداخل.. إي وربِّ الكعبة، نحن مُخترَقون حتى النخاع وهل أخطر على أمنك القومي من أن يجوس الأعداء داخل الديار بل داخل ملابسك الداخلية وأنت لا تدري؟!
أكثر الفئات نقاءً وشفافية في التعبير عن آرائها هم فئة الطلاب بسبب فطرتهم غير الملوَّثة بدهاء السياسة وقذارتها وتضاريس ومنعرجات السنين ومكر الليل والنهار المتراكم عبر مسيرة العمر الطويل.
خلال الندوات التي ظلَّ منبر السلام العادل يُقيمها وكان آخرها قبل نحو شهر في جامعة الإمام المهدي بالجزيرة أبا جلس أتباع عبد الواحد محمد نور ومناوي وغيرهما من زعماء الحركات الدارفورية المتمردة في الصفوف الأولى من شهود تلك الندوة وكانوا ــ ويا للعجب ــ أكثر الطلاب جرأة في الجهر بآرائهم المساندة للقوات الغازية التي كانت حينها تُعمل أسيافَها جزَّاً في رؤوس مواطني أب كرشولا واغتصاباً لنسائها وتشريدًا لأهلها.

شهدنا مشاهد مماثلة في جامعة الخرطوم وفي جامعة أم درمان الإسلامية وغيرهما في قلب العاصمة أمَّا الخلايا الرابضة والنائمة في صمت وفي مواقع أكثر خطورة فحدِّث عنها ولا حرج.
هؤلاء الطلاب هم الذين أشعلوا الجامعات السُّودانيَّة وتسبَّبوا في إغلاقها لعدة أشهر بسبب أزمة الرسوم الدراسيَّة رغم قِلَّة عددهم ورغم أنَّها قضيَّة خاسرة ما كان ينبغي أن تُثار ذلك أنَّ اتفاقيَّة أبوجا لم تستثنِ كلَّ طلاب دارفور إنما طلاب معسكرات النازحين ولكن السياسة قاتلها الله أبت إلا أن تحشر أنفها لتفتك بأمننا القومي داخل عاصمتنا وتصوِّر لكل طلاب دارفور حتى ولو كانوا من نسل مليارديراتها صديق ودعة وآدم يعقوب أنهم من أبناء النازحين الذين ينبغي أن ينعموا بالإعفاءات دون غيرهم من أبناء السودان.

إنها أخطاء الاتفاقيات الكارثيَّة التي أرهقت بلادنا وعطَّلت مسيرتها وأغرقتها في حروب دامية لا أحد غير الله يعلم متى وكيف تضع أوزارها.
إننا في حاجة إلى تنقية جبهتنا الداخليَّة من الاختراقات التي تُمسك بخناق أمننا القومي وهذه تحتاج إلى جهدٍ كبير يطول كل أجهزة الدولة والمجتمع بما في ذلك جميع القوات النظاميَّة.
قرآنُنا علَّمنا كيف نحمي جبهتنا الداخلية بالتوحُّد والتحذير من التنازُع الذي يُفضي إلى الفشل وذهاب الريح كما علَّمنا كيف نُبعد من يفتُّون في عضدنا بحيث لا نُشركهم في قتال أعدائنا (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ…) وشنَّ القرآن حملةً شعواء على المنافقين وذكَّر بما بدر منهم داخل (الصندوق) القتالي للمسلمين بقصص خلدت إلى يوم القيامة (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)… ثم في معركة الأحزاب يُطلقون الإشاعات المدمِّرة ويُشعلون الحرب النفسيَّة في جو ملبَّد بالغُيُوم والخوف الذي زلزل قلوب المؤمنين لدرجة أن يصف القرآن تلك الحال: (وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) يُشعل المنافقون الحرب النفسيَّة (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا).

فتِّشوا عن هؤلاء الذين يحطِّمون تماسُك الأمة خلف مرجعيَّتها الفكريَّة وفي مواجهة عدوها المشترك.. هؤلاء الذين حذَّرهم القرآن الكريم: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا)… فتِّشوا عنهم لتتقوا شرورهم وفقاً للقانون.
دهشت أنَّ بعض أمثال هؤلاء لم يكتبوا سطراً عن تحرير أب كرشولا بل فرحوا بالخبر الذي نفى مصرع العميل عبد العزيز الحلو وتهكَّموا (فرحاً) من الصحف التي تحدثت عن خبر مصرعه.. أحدُهم لم يهتم بالاحتفال التلقائي الذي أعقب تحرير أب كرشولا ولم يُثرْ انتباهه إلا الفرح الغامر والدموع التي انهمرت من عيني تابيتا بطرس فطفق يتهكَّم منها مُعتبراً تلك الدموع أمام الرئيس البشير (كسِّير تلج) بحثًا عن المنصب الوزاري ولم يدُر بخلده البتَّة أن تابيتا التي رُوِّع أهلُها النوبة في أب كرشولا بفعل هؤلاء الشياطين يمكن أن تفرح جراء تحرير أرضها من الغاصبين المحتلين.

صدِّقوني إن هذا الرجل وأمثالَه من المشوهين نفسياً لا يمكن أن يُدركوا ما يُدركه الأسوياء أو يفكروا كما يفكرون.. قدرُنا أن نصبر عليهم فأمثالُهم موجودون في كل زمان ومكان ولو كان الناس يُجمعون على شيء لأجمعوا على من خلقهم ورزقهم.. الله الحي القيوم.. لا نتوقَّع منهم أن يفرحوا كما نفرح لا نتصاراتنا ناهيك عن أن ينخرطوا في الدفاع عن أمنهم وأعراضهم كتفاً بكتف مع القوات المسلحة والمجاهدين الذين يذودون عن بيوتهم هم وأطفالهم الذين سيتعرَّضون إلى ما تعرَّض له أطفال أب كرشولا إذا دخل الأوباش الخرطوم ولكن!!
إنهم الوبال على أمتهم وعلى بلادهم.. إنهم ينخرون كالسُّوس في جسد هذه البلاد.. كلُّ المطلوب أن نأخذ حذرنا مما يفعلون. أصناف شتى من الهمَّازين المشَّائين بالنميم المتحالفين مع الأعداء المُخترِقين لجبهتنا الداخليَّة المروِّجين للشائعات التي ملأت سماءنا قبل تحرير أب كرشولا.. هم العدو فاحذروهم قاتلهم الله أنَّى يُؤفكون.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

‫2 تعليقات

  1. سلام عليكم
    كلامك هذا صحيح… ولكنكم هل حقيقة لا تعرفون السودان إلا من هذه الجهة؟
    أين المجاهدون ببر آبائهم وأمهاتهم؟ أين المعتصمون بعد حنين عند تقسيم الغنائم؟ وماذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
    إن مثل هذه الخطابات لا معنى لها لأنها كأنها موجهة لمواطنين مخلصين، يعلمون ما تعلمون، وقد يكونوا أكثر تفانيا في العمل.
    إن الناس ما عادوا ينظرون من خلف أكتاف الغير.

  2. يشكر الأستاذ الطيب على حماسته؛ ولكن على الرغم من الألم الذي نراه من المرجفين إلا أنهم ليسوا بالضرورة من أتباع الجبهة الثورية الحاقد؛ البعض ربما لديه مصالح ضيقة؛ ثم أنه لم يثبت أن الرسول (ص) قتل أيا من المنافقين أو المرجفين بل أخرج اليهود من بني النضير وبني قينقاع وقتل من يحملون السلاح في أب كرشولا الأولى في دولة المدينة؛