رأي ومقالات

عبير زين : مانديلا .. أُسطورةُ لن تموت!

دوّن الكثيرون ذِكراهم في دفاترِ التاريخِ بمدادِ التجبر والظلم والتسلط، حفروا بين سطوره قبوراً ما أن نمر عليها حتى نشتمُ رائحة رفاتهم التي تُزكم الأنوف، والقليلون من قادة الأُمم من إستطاعوا حجز مقعدهم بين سطور التاريخ بحروفٍ من نور يضئُ لشعوبهم الدروب المظلمة حتى بعد أن يرحلوا أو يتنحوا بكامل الإرادة لأنهم تركوا إرثاً لا بنفذ ومعيناً لا ينضب …. مانديلا (العظيم) لم يسعَ أن يكتب له التاريخ إسماً ولكنه مجّد له بأفعاله ودخله من باب النضال الواسع حين نذر نفسه لمحاربة العنصرية البغيضة تلك التى تقطع أوصال الشعوب وتهدر دمائهم وتعيق تقدمهم، وفي سبيل ذلك ذرف سنواتٍ من عمره خلف القضبان غير آبهٍ سوى برسالته التي وهب لها حياته مُتأثراً بالقائد العظيم المهاتما غاندي الذي يعتبره المصدر الأكبر لإلهامه فتنبنى فلسفته حول نبذ العنف والمقاومة السلمية التى تؤتى أُكلاً وثماراً أكثر نُضجاً من العنف والصِدام الذي يجرف في طريقه خسائر من أرواح وبُنى تحتية.

لا تبدو حياة مانديلا ونشأته عادية كغيرها من نشأة أبناء جيله الذين ولدو في دولة جنوب أفريقيا المُتمرغة فى وحل التفرقة العنصرية، فما ميّز نشأتهُ مُنذ الطفولة أنه كان إبناً لقائد قبيلة تشرب منه شخصية الريادة والقيادة وحب التغيير وعندما توفي والده كان لا يزال صغيراً ولكنه أُنتخب ليكون مكانه وتم إعداده ليكون قائداً للقبيلة مكان والده وهُنا تتجلى أهمية التربية (القيادية) التى ظهرت فى شخصيته فيما بعد حينما قاد شعباً بأكمله نحو التغيير وتأطرت شخصية الــ(مانديلا) حين صُقلت بالعلم والدراسة الأكاديمية وكبر بداخله هم الدولة الجنوب أفريقية سوداء الجسد بيضاء اليد التي تقبض على السلطة.

لم تسيطر على مانديلا الرغبة فى الزعامة رغم أنه كان زعيماً منذ الصغر ولكنه وبكامل إرادته خلع تاج الزعامه و أهداهُ لجيل آخر بعد أن أناخ لهم راحلة التغيير وأزاح أذى العنصرية عن طريقهم ونقل بلده من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، و هو من الزعماء القلائل الذين لم تخبو سيرتهم بعد التنحي أو الإقالة فظل يمارس نشاطاته وظلّ مُتابعاً مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم، وتلقى عددا كبيرا من الميداليات والتكريمات أهمها جائزة نوبل للسلام إضافة إلى أكثر من مائتين وخمسين جائزة وطنية ودولية.

البعضُ يرهن حياته ويكرسُ عمره لمحاربة البغضاء والعنصرية، هؤلاء الذين لا يموتون أبداً حتى و إن إنتهى عمرهم البيولوجي وفارقوا الحياة فستظل البشرية تذكر لهم ما تركوه من إنجازات إنسانية فى المقام الأول، والبعض الآخر أيضاً لن تنسى لهم الإنسانية صنيعهم البشع أولائك الذين يزرعون العنصرية ويسقونها لتكبر يوماً بعد يوم ولكنها حينما تشتدُ ويستوى عودها لا تُفرق بين زارعها وساقيها وراعيها فهي نارُ تندلع ولا تتخير بين الهشيم موضعها، هي سرطان الأمم الذي يستشري في جسدها ويكبر ويتضخم دون أن نحس بخطرها الجاثم ولن يجد شعبُ طريقه الى التقدم ما دامت فيه هذه المُنتنه.

همسة:
إحترامْك ما إنحناءك لي ولا قلع الطواقي
إحترامي العايزه منك قدّر الحُب وإحتياجي
إني أهديتك حياتي والفضل مِن عمري باقي
باقية ليك شمعة حياتك تمشي في ضوء إحتراقي
بى أنيني رويتو حُبك طول حياتي زى السواقي
للأسف ما زاد غرامك إنى بيك إحساسي راقي
إنو مافى أعزّ مِنك (إنت) مِن جُملة رِفاقي
لا بتخسر شانى حاجة لا بيهمك عاد فُراقي

همسات – عبير زين

‫2 تعليقات

  1. أختي عبير … لك التحية … مقالتك هذه رسالة الى ( ديناصورات ) السياسة في بلادنا الذين تسلطوا على حقوق الشعب المسكين و استحوذوا على الغالي و النفيس من متاع الدنيا الزائل متزرعين بماضي الاجداد الذي لطخوه هم بالعمالة و التامر ضد شعوبهم … ونحن حتى نخرج من هذا الضياع نحتاج الى عشرة (مانديلا ) لا واحد مثلهم !!!!!

  2. مقالاتك رائعة وهادفة وموضوعية واتمنى لك التقدم والتطور وكم جميل جدا ان تفرقى هموم ومشاكل البلد بهمساتك ،،،،،،،،،،،،،