رأي ومقالات

فهمي هويدي : الفتنة الكبرى ..!!

[JUSTIFY]لا نعرف فى تاريخ مصر مذبحة قتل فيها ذلك العدد من المصريين بأيدى مصريين فى ليلة واحدة. فعلها محمد على باشا والى مصر قبل أكثر من مائتى عام حين دعا أمراء المماليك وقتلهم جميعاً فيما عرف بمذبحة القلعة «1811م».

ورغم أنهم لم يكونوا مصريين، إلا أن المذبحة دخلت التاريخ وظلت صفحة سوداء فى سجل الباشا. أما جرائم القتل التي وقعت بعد ذلك في حريق قصر الثقافة ببني سويف وحريق قطار الصعيد وغرق عبارة السلام الشهيرة، فإنها كانت ناتجة عن الإهمال الجسيم ولم تكن السلطة طرفاً مباشراً فيها.

أما مذبحة رابعة العدوية التى وقعت ليلة أمس وتجاوز عدد القتلى فيها مائة شخص وتلك التي سبقتها أمام مقر الحرس الجمهوري التي قتل فيها أكثر من خمسين شخصاً، إضافة إلى حوادث القتل التي وقعت في المحافظات الأخرى، فإنها جرائم تحسب على السلطة.
أياً كانت الحجج والذرائع، فإن القتل الذي تم بأمر من السلطة سواء في القاهرة أو خارج حدودها لا يمكن تبريره لا قانونياً ولا وطنياً ولا أخلاقياً. ولا يحسبن أحد من رجال السلطة ــ مهما علا مقامه ــ أن ما جرى يمكن قبوله حتى إذا تم في ظل تفويض شعبي مهما كانت قيمته، ذلك أننا لا نفهم ولا نتصور أننا بصدد تفويض بالقتل يحصد أرواح عشرات المتظاهرين أو المعتصمين السلميين، ويغرق الوطن في بحر من الدماء.

إننا بإزاء فتنة كبرى لوثت عقول وضمائر كثيرين ممن احتفوا بالمذبحة أو حاولوا تبريرها، بقدر ما لوثت بالدماء أيدي كل القائمين بالأمر في مصر، سواء الذين أصدروا أوامر القتل أو الذين حرضوا عليه أو الذين سكتوا عليه. ومن المخجل أن يكون على رأس الدولة في الوقت الراهن رجل ترأس المحكمة الدستورية.

ومن المحزن أن يترأس الحكومة صديق استقال من منصبه نائباً لرئيس الوزراء فى حكومة الدكتور عصام شرف لأن ضميره لم يحتمل الاستمرار في موقعه بعد مذبحة ماسبيرو التي راح ضحيتها ثمانية وعشرون شخصاً، ثم يلتزم الصمت بعد مذبحتي رابعة العدوية والحرس الجمهوري، وفي حين يتساقط القتلى في أنحاء مصر كل يوم.

أما أصدقاؤنا الآخرون الذين توزعت عليهم مناصب الوزارة ونالوا من الرتب ما نالوه، فلا أعرف كيف يسمح لهم ضميرهم الوطني أو موقفهم الأخلاقي بالوقوف متفرجين على جثث القتلى ودمائهم النازفة.

لا مجال للحديث الآن عمن أخطأ أو أصاب، لأنه لا صوت ينبغى أن يعلو الآن فوق صوت الدعوة إلى الكف عن القتل والمطالبة بوقف لحظة الجنون الراهنة. أدري أنه حين يطلق الرصاص لا تكون هناك حاجة إلى الكلام، بل إن دوى الرصاص يحجب حشرجات الضحايا وأنين المكلومين. لكن دروس التاريخ علمتنا أن من يطلق الرصاصة الأولى لا يستطيع أن يتحكم في الرصاصة الأخيرة.

فضلاً عن أنه لا يستطيع أن يتحكم فى عواقبها وتداعياتها. وفي دروس التاريخ نماذج لحالات كان فيها بعض المستكبرين ضحايا اغترارهم بقوتهم، ولم يدركوا أن الرصاصات التي أطلقوها ارتدت إلى صدورهم. وعند الحد الأدنى فإنها أدرجتهم في سجلات التاريخ ضمن الأشرار والقتلة.

إذا كان لمثلي أن يتمنى شيئاً فى اللحظة الراهنة، فلست أتمنى أكثر من أن يوقف القتل ويعود العقل إلى مكانه هادياً ومرشداً. لكن أخوف ما أخافه في ظل الافتتان بالتفويض المزعوم والاغترار بالقوة أن تتسع بحيرة الدم وأن يهيمن الجنون، بحيث ينضم الوطن في النهاية إلى قائمة الضحايا ــ صلوا من أجل مصر في محنتها.

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. يا استاذ فهمى كيف سمح لك ضميرك ان ترى القتلى فى طريق النصر و لا ترى القتلى فى سيناء. ان من قتلوا فى طريق النصر خرجوا بايعاذ من قادتهم انهم يقاتلون من اجل الشرعيه. و هناك الكثير من الحديث فى هذا. فهل يقاتل المسلم اخيه من اجل الشرعيه؟ اليست نفس الآليه التى اسقطت مرسى هى نفسها التى اسقطت مبارك. اذا كان انصار مرسى القوا بعادم الزيت فى الصباح على كوبرى المطار و ذهبوا الى كوبرى اكتوبر حيث كانت الكارثه و قبلها اقاموا المتاريس فى طريف النصر اليس هذا قطعا للطريق و ما هى عقوبه قطع الطريق؟
    على الطرف الاخر ما ذنب الجنود فى سيناء. انهم لا ينتمون لحزب سياسى و لا يقطعون الطريق. كل ذنبهم انهم يرتدون الزى العسكرى.
    يا استاذ فهمى لم نسمع لك صوتا حين ضرب اتوبيس ينقل عمال فى سيناء
    يا استاذ فهمى لم نسمع لك صوتا حين قتل ابنائنا فى رفح فى زمن مرسى
    يا استاذ فهمى لم نسمع لك صوتا عندما القى بالاطفال من فوق عماره بالاسكندريه على ايدى انصار مرسى
    يا استاذ فهمى لم نسمع لك صوتا يطالب بحق ساكنى رابعه فى الحياه

    بالله عليك من اى نوع من البشر انت و هل يمكن لمتعصب مثلك ان يقال له الكاتب و المفكر فلان

    انت عار علينا