رأي ومقالات

الطيب مصطفى : بريطانيا ذلك العدو اللدود

[JUSTIFY]بالرغم من مضي ما يقرُب من أسبوعين على بيان وزارة الخارجية الذي ردَّت فيه على تصريحات أحد الوزراء البريطانيين حين انتقد استقبال نيجيريا رئيس جمهورية السُّودان المشارك في قمة الإتحاد الإفريقي حول مكافحة مرض الإيدز والملاريا والسل أشعر بأن الأمر لا ينبغي أن يمر بدون تعليق مني فقصتنا وقصة السُّودان مع بريطانيا قديمة متجدِّدة فما من بلد ألحق من الأذى بالسُّودان ما ألحقته تلك الدولة التي لا أظنها ناصبت بلداً في الدنيا العداء مثلما ناصبت بلادنا هذه وأعني تحديداً السُّودان الشمالي وليس السُّودان جميعه قبل الانفصال ولستُ أدري على وجه اليقين سبباً لذلك العداء الذي ينبغي للباحثين أن يسبروا غورَه ويفكوا ويحلوا طلاسمَه.

بيان الخارجية يستحق من كل وطني غيور الإشادة فقد انتصر لكرامة الوطن وكان قوياً ومفحماً فقد أثبت أولاًَ أن بريطانيا تفتقر إلى السند الأخلاقي حين تتحدَّث عن ضحايا العنف في دارفور وهي التي تستضيف لوردات الحرب المسؤولين عن تسعيرها ممن يرفضون السلام ويقتلون الموقِّعين على اتفاقية الدوحة.
لم ينسَ البيان تذكير بريطانيا بجرائمها في العراق عام 2003 بعد أن ضلَّلت الرأي العام المحلي والعالمي بمبررات كانت تعلم أنها كاذبة مما أدى إلى مقتل قرابة المليون شخص وتشريد الملايين ودخول العراق في المستنقع الذي لا تزال تتردَّى فيه وهذه من عندي ولم ترد في بيان الخارجيَّة.

كان بإمكان الخارجيَّة أن تكتب عن كل ما فعلته بريطانيا التابع الذليل لشيطان العصر (أمريكا) العدو الأكبر للإسلام والمسلمين بما في ذلك جرائمها في فلسطين ووعد بلفور وما تبعه من دعم لدولة الكيان الصهيوني مستمر حتى اليوم وإلى أن يزول ذلك الكيان السرطاني من أرضنا السليبة وكذلك ما فعلته منذ سايكس بيكو من تمزيق للأمَّة واستعمار وطمس للهُويَّة وتدمير للخلافة العثمانيَّة وتنصيب للعملاء على عروشها بدءاً من أتاتورك وعبد الناصر وكثير من الأقزام الذين تنكَّروا لهُويَّة الأمة الحقيقيَّة وأبعدوها خلال فترة التيه التي لا تزال بريطانيا وأمريكا تُصرَّان على استبقائها حتى بعد انفجار ثورات الربيع الإسلامي التي تجتاح أرجاء الأمَّة ولعلَّ ما يحدث في مصر هذه الأيام خير دليل على ما تفعله الأصابع الغربيَّة (أمريكا وبريطانيا ودولة الكيان الصهيوني) ببلادنا.
كان بإمكان الخارجية أن تحدِّث بريطانيا عمَّا فعلته في إفريقيا من قهر واستعباد واسترقاق للشعوب الإفريقيَّة ليس في جنوب إفريقيا وحدها وإنما في معظم إفريقيا بل كان بإمكانها أن تحدِّثها عن تزويرها لإرادة أبناء الجنوب في مؤتمر جوبا عام (1947) حين زوَّر سكرتيرها الإداري جيمس روبرتسون قرارات ذلك المؤتمر واعترف بذلك فيما بعد في مذكراته وقال إنه كتب قرار قبول الجنوبيين للوحدة بنفسه بالمخالفة للحقيقة الأمر الذي ورَّطنا في وحدة قسريَّة دفعنا ثمنَها دماءً ودموعاً وتخلفاً وحرباً مجنونة أضاعت أكثر من ستة عقود من عمر وطننا هباء منثوراً.
كان بإمكان الخارجيَّة أن تذكِّر بريطانيا باستماتتها في منع الوحدة بين السُّودان ومصر بذات الدرجة التي بذلتها في سبيل توحيد الجنوب بالشمال وعلاقة ذلك بصراع الهُوية وإستراتيجيَّة الحرب على الإسلام وانتشاره في إفريقيا والذي كان جزءاً من سياسة بريطانيا في جنوب السُّودان بما في ذلك قانون المناطق المقفولة.

حدَّثني والدي رحمه الله أنَّه كان أيام الاستعمار راكباً حمارَه قادماً من شندي متجهاً إلى حوش بانقا وعندما رأى المفتش الإنجليزي ممتطياً حصانَه قرَّر أن يبتعد ويسير بالقرب من النيل حتى لا ينزل من حماره عندما يقترب من المفتش الإنجليزي مما كان سياسة استعماريَّة مفروضة توجب الاحترام للسيد الإنجليزي (في بلاد أخرى في إفريقيا كان الإنجليز يتنقلون على ظهور الأفارقة)!! المفتش الإنجليزي فهم ما يفكر فيه والدي فتحرَّك سريعاً نحوه وقال للوالد رحمه الله.. أنزل.. وظل والدي يقود حمارَه بينما المفتش على ظهر حصانه حتى وصلا إلى حوش بانقا ثم فارقه بعد ذلك!!
في أول زيارة لوالدي للخرطوم بعد ذلك شهد بعض نشاط الحركة الوطنية المطالبة بخروج الاستعمار فقال والدي (بالله البلد دي فيها رجال يقولوا للإنجليز أطلعوا من بلدنا؟ عليَّ الطلاق ما أفارق الخرطوم) واستقرَّ والدي رحمه الله في الخرطوم!!
بعد ذلك بعقود كنتُ جالساً في مكتبي في التلفزيون الذي كنتُ أُديره عندما دخل عليَّ مدير العلاقات العامَّة أحمد مختار وطلب مني أن أذهب إلى السَّفارة البريطانيَّة لكي تجري لي معاينة حتى أحصل على تأشيرة دخول لبريطانيا… في تلك اللحظة تذكَّرت قصة والدي رحمه الله وقلتُ لأحمد (عليَّ الطلاق ما أمشي… يريدون مني أن أقف ذليلاً أمام القنصل حتى يستجوبني.. كل هذا لكي أنعم بزيارة الفردوس الأعلى؟!) كانت تلك الزيارة التي لم تتم بدعوة من قناة MBC في إطار اللجنة العليا للتنسيق بين القنوات الفضائيَّة التي كنا جزءاً منها وكانت لندن مقراً للـ MBC مثلما أنَّ نيويورك مقر للأمم المتحدة وما كان ينبغي أن أخضع لمعاينة لكنه الصلف الاستعماري البريطاني الذي لا تزال تلك الدولة تمارسه حتى بعد أن فقدت بريقها وقوتها. والحمد لله أننا عشنا ورأيناها تنحدر نحو القاع كل يوم بعد أن كانت الامبراطورية العظمى التي لا تغيب عنها الشمس.

زرتُ كثيراً من دول أوروبا ولكني لم أزر بريطانيا إلا مرة واحدة في شبابي الباكر حيث جئتُها بالبحر من هولندا التي كنتُ أتلقى فيها دراسات هندسيَّة عام (1973 ــ 1974م) ولم أشعر بأي رغبة في زيارتها منذ ذلك الوقت فهي تذكِّرني بأبشع مظاهر ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
ولست أدري متى تنتفض شعوب العالم لتطالب بالتعويض أو قل الثأر من بريطانيا متى نفعلها نحن هنا في السُّودان؟![/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

‫4 تعليقات

  1. بعدانتهاء الحرب العالمية الثانية سافر الوفد السوداني الى بريطانيا يومها لتهنئة الملكة (فكتوريا) بانتصار الحلفاء و قد كان من ضمن الوفد (الامام) عبدالرحمن المهدي الذي قدم سيف (الامام المهدي الكبير) هدية للملكة التي أعادته له لكي يحمي به المستعمرات البريطانية في أفريقيا … فبريطانيا التي درس بها الامام (الصادق) تعول على ال المهدي في استعادة امجادها في السودان بل في افريقيا من خلال زرع بعض من يعينها في تحقيق هذه الغاية !!!!

  2. المهندس الطيب مصطفى/ شاهدت مرة محاضرة في جامعة الشارقة بالامارات قدمها العالم الفذ الجبل الشاهق أ.د/عبدالله الطيب رحمه الله رحمة واسعة وقال إنه لايشتغل بالسياسة لكن دراسة الأدب تجنح به أحيانا نحو السياسة قال إن كراهية الإنجليز للإسلام والعروبة لاتضاهيا كراهية أية شعب في العالم وقال أن هذه الكراهية بدأت منذ دولة المرابطين التي كانت بالمغرب واتصل بها ملك إنجلترا ( جورج الثاني ملك إنجلترا والغال والسويد والنرويج، إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة (هشام الثالث) الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير.. فقد سمعنا عن الرُّقيِّ العظيم الذي تتمتَّع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل؛ لتكون بدايةً حسنةً في اقتفاء أثركم، لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركانٍ، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثةٍ من بنات أشراف الإنجليز، تتشرَّف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف؛ لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وحدب من لدن اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هديةً متواضعةً لمقامكم الجليل، أرجو التكرُّم بقبولها مع التعظيم والحبِّ الخالص. من خادمكم المطيع جورج الثاني ملك إنجلترا. – See more at: http://www.dawaalhaq.com/p=2728#sthash.rQCUZPBY.dpuf
    وعندما علمت الكنسية بذلك اعدم هذا الملك وكان أول وآخر ملك يعدم في بلاد الإنجليز .. وقال إن اسم جورج اصبح في كتب الأدب الانجليزي بالشخصية الكريهة والشريرة ومنذ ذلك التاريخ حرم على الأسرة المالكة ان تسمى جورج
    النيل العوض الحليو
    ولاية الجزيرة ـ قرية السوريبة

  3. ومع ذلك فإن بريطانيا سوف تكون أول دولة أوروبية مسلمة في المستقبل القريب إن شاء الله

  4. سلام-
    – من زمن ريتشادر قلب الأسد ضد صلاح الدين وبريطانيا تحارب في الإسلام
    أيضا فتنة حرب الجنوب عام 55 بريطانية
    – كشمير وتسليمها للهندوس
    – العدوان الثلاثي
    – غزو أفغانستان
    – غزو العراق

    عداء متأصل ومتجذر