رأي ومقالات

دهاء سلفاكير .. الرجل قفز قفزة الدينكا العالية وسدد رمحه

[JUSTIFY]منذ أكثر من شهرين جذب سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب، الرأي العام الشمالي والجنوب علي حد سواء، فقد قفز الرجل قفزة الدينكا العالية وسدد رمحه في صدور عدة، خرت وسجت وأرسلت إشارات الازورار إلي حين.

سلفاكير تركيبة ذات طراز غريب، فهو رئيس الحركة الشعبية الداعية لشعار “السودان الجديد” برؤيا يسار أمريكا اللاتينية التي تخذ من جيفارا وكاسترو مصدر الإلهام الثوري والمرجعية الايديلوجية، لكن سلفاكير في نفس الوقت هو العدو الأول للسودان الجديد، لأنه متخفف من أية حمولة أيديولوجية، لم أسمعه مرة واحدة يتحدث بلغة الايديولوجيا التبشيرية، ولم تقع علي أذني نأمة من فيه تقول “السودان الجديد” هو عدو هذا الشعار لأنه لم يتحدث عنه البتة، وهو رئيس الحركة التي تتخذه شعاراً لها، فحين يتجنب الرئيس الحديث عن شئ، فذلك يعني أنه معاد للشعار أو غير متحمس له علي أقل تقدير.

لم يكن سلفاكير اتخاذ خطوة إبعاد حملة مشاعل الايدولوجيا من مواقع اتخاذ القرارات الإستراتيجية لدولة الجنوب، إذا لم تأته إشارة خضراء من الرعاة الدوليين لدولة الجنوب التي صنعت خصيصاً لتلبية احتياجات جيوبولوتيكية للغرب.
وربما أذهب بعيداً لأستخلص أن خطوة إبعاد باقان والتيارات الراديكالية والقادة العسكريين الذين تلقوا تدريبات عسكرية في هافانا وينطوون علي عقيدة قتالية ثورية، كان بتشجيع مباشر من دوائر غربيةـ ارتأت أن تكون خارج المشهد، حتي لا تنقطع الصلة كلياً بتلك المجموعات لأنه ربما يتم الاحتياج لها في عمل آخر لا يخرج عن طابع التأزيم.

لقد أقام الغرب تاريخياً علاقات مع المعسكر الاشتراكي في شقة السوفيتي ومنظومته الاشتراكية الأوربية بهدف التوازن الاستراتيجي وحفظه علي النحو الذي لا يؤدي لحرب تقوم علي أسس الايديولوجيا لكنه ظل علي عداء مع شقه الآخر في كوبا وفي عموم دولة أمريكا اللاتينية، وقاد هذا الموقف الولايات المتحدة للتدخل المباشر في كثير من دول أمريكا اللاتينية مثل شيلي علي سبيل المثال لذا فمن العصي جداً أن يعقد الغرب مهاماً تتصل بأهدافه النهائية، لمجموعات اليسار الجنوبي الذي يتخذ من نماذج أمريكا اللاتينية عدو الولايات المتحدة مرجعيته، لكن أمريكا يمكن أن تستخدم هذه المجموعات لأغراض تأزيمية محدودة تنتهي بانتهاء المهمة، ولتقريب هذه الفكرة استخدم الغرب مجموعات اليسار الجنوبي في الدعوة للانفصال رغم أنه لم يكن خيار قرنق الرئيسي، فاكتسب الانفصال إجماعاً من القوي الجنوبية كافة، لقد كان مستغرباً من قوي السودان الجديد يعني السودان كله، لكن مشاركة باقان كانت بتشجيع من الدوائر الغربية التي استخدمته لإكساب الانفصال عمقه الشعبي.

الآن يبدو لي أن الغرب قرر الاستغناء عن خدمات اليسار الجنوبي، لأنها تتعارض مع المصلحة الحيوية لشعب جنوب السودان، لأن فكرة اليسار الجنوب الرئيسية تقوم علي إعادة السودان موحداً في ظل قيادتها للسودان الجديد، وهذا أمر يتطلب تدابير لا يجد الغرب مصالحه فيها.
بدا لي الآن أن سلفاكير هو الجنوب العارف بالغرب، وهو المستيقن أيضاً بأن معارضته الجديدة المتمثلة في اليسار الجنوبي، لن تجد أي دعم من الشمال، لأن فكرتها تقوم علي تفكيك الشمال.

صحيفة السوداني
محمد محمد خير[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. أها مادام أمريكا هي التي صنعت أولئك …ثم لما قضت حاجتها منهم استغنت ورمتهم بعيدا !!

    فأي فضل لسلفا ؟ ! وقفز ونطط وفنجط فكل ذلك لا قيمة له …لأنه أيضا تديره دوائر الغرب