ثمن رفض الحوار .. وإستفحال المرض السياسي
قوى الإجماع الوطني -التي لا تدري هي نفسها على ماذا تجتمع- تأتي الى الحوار والتفاوض صاغرة وهي تلعن نفسها، كلما دخلت قوى لعنت أختها كما فعلت زعيمة (حق) هالة عبد الحليم مؤخراً.
الرباط الذى يجمع هؤلاء جميعاً هو (استفحال مرضها السياسي) واشتعال الرأس شيباً، ففي ذروة قوتها رفضت جميعها التفاوض، وكلنا يذكر كيف كان زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم ومن بعده شقيقه جبريل يأملان فى دخول الخرطوم ذات نهار فاتحين! بل كيف كانت حركة جبريل تستعرض قوتها قبل أن يخرج عنها فصيل معتبر فتضطر لوضع كمين محكم وتصفية المنشقين فى أبشع صورة دموية لا تقبل ولا تتقبل الرأي الآخر.
قطاع الشمال طار فرحاً لمجرد أن إسمه ورد فى سطور قرار مجلس الأمن رقم 2046 اعتقد القطاع وقد انتفخت أوداجه ونفخ ريشه أنه رقم صعب وأن الخرطوم ملزمة بالاستجابة لطلباته وتنفذيها وإلا واجهت المجتمع الدولي.
أحد قادة القطاع قال لمراسل وكالة غربية عشية القرار 2046 -وهو منتشي- أن الخرطوم أصبحت مثل تفاحة نيوتن بين جنبيهم! ياسر عرمان قال لجلساء أمسية محرمة فى كمبالا بعد يومين من القرار إنهم فى القطاع سيحققون ما عجزت عنه الحركة الأم نفسها على أيام جون قرنق، فقط بقرار التفاوض الصادر فى القرار 2046 وهو ما دفع بؤساء الحركات الدارفورية المسلحة للانضمام بقوة الى الثورية، قد تصور قادة الحركات المسلحة أن الطريق الى الخرطوم من الأفضل أن يكون على متن الخطوط الأرضية للحركة الشعبية، فهو سهل وسريع ولهذا وضعوا كل أمتعتهم فى الميزان!
قوى الإجماع دعاها الوطني أكثر من مرة للجلوس والحوار رغم أنها لا تقتل ولا ينبغي لها أن تقتل ذبابة ولكنها رفضت بإصرار غريب ومدهش والآن أصبح يتعين عليها أن تنتظر فراغ الأمة القومي والشعبي من (المائدة) لكي تحصل على (ما تبقى من فتات)!
وهكذا، بالنظر الى كل هذه المواقف نستخلص عبراً ودروساً هامة، وهي أن القوة وحدها – متوهمة كانت أم حقيقية – ليس هي الرافعة الوحيدة للنجاح السياسي فالقوِى إنما يكون فى قبوله الحوار فى أي ظروف وتحت أي معطيات طالما كان قوياً؛ أما الرفض المتعنت والإصرار على أخذ الكيكة كلها فهو ليس من السياسة والحصافة فى شي، فما ترفضه اليوم ربما لن تجد ربعه فى الغد.
وفى الغالب فإن الحكومة السودانية أياً كانت مآخذ الأطراف عليها تسعى للم الشمل وتوحيد المواقف والرؤى حيال القضايا الكلية وهذا السعي سرعان ما يجد له سنداً شعبياً فمشكلة هذه القوى الرافضة أنها تغتر بالسلاح وحده وتعتقد أن (السند الجماهيري) قضية سهلة فهو يأتي عن طريق فرض الأمر الواقع، وبقوة السلاح.
هكذا كانت الثورية تفكر وهكذا كانت قوى دارفور المسلحة تفكر والآن أصبحت كل مجوعة من هؤلاء مطلوب منها أن تتدبر أمرها وأن تبحث لها عن مخرج عادي، أو حتى مخرج طوارئ خلفي!
سودان سفاري
[/JUSTIFY]
من قال لك ان الحكومة تسعى للم الشمل وتوحيد المواقف . حقا ان كانت الحكومة كما تقول لغيرت من نهجها قبل تبديل مراكز وزراءها كما قال الدكتور غازى صلاح الدين