منوعات

تركاكا.. العيش على التماسيح والثعابين

على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال جوبا عاصمة جنوب السودان تقبع قرية -تركاكا- على شاطئ النيل الأبيض، وسط سلسلة جزر خلفها النهر خلال رحلة جريانه عبر الزمن.
أغلب سكان تركاكا البالغ عددهم حوالي 100 ألف نسمة، ينتمون إلي قبيلة -الباريا- التي يتميز أبناؤها بطول القامة وضخامة الجسم.

ويحترف أغلب سكان المنطقة رعي الأبقار والجاموس، وزراعة بعض المحاصيل، لكن قسما، لا يستهان به، من سكان تلك المنطقة يمتهنون صيد التماسيح إلى جانب الأسماك والثعابين بكافة أنواعها.
الشيخ -شعيب واني- (80 عاماً)، هو وأفراد عائلته، من أشهر محترفي صيد التماسيح منذ سنوات طويلة، حيث تعلم هذه الحرفة وهو في سن صغيرة، على يد والده، ومن ثم حرص هو الآخر على توريثها لأبنائه خاصة ابنه الأكبر يحيى الذي تسلم راية قنص التماسيح من النهر عن والده الذي تقدم به السن.
-صيد التماسيح مغامرة مثيرة وممتعة ومحفوفة بالمخاطر أيضاً- هذا ما قاله الشيخ-.
وأضاف: -عندما كان عمري 15 عاماً كان والدي مشهوراً بين الناس بصيد التماسيح، وحرصت على مرافقته أثناء رحلات الصيد التي عادة ما تبدأ مع حلول الظلام وتمتد حتى الخيوط الأولى للصباح، لأنه في هذا الوقت يتحرك التمساح بحرية بحثاً عن طعامه الذي غالباً ما يكون من الكائنات البحرية، أو حيوانات كالغزلان والماعز.
وتابع الشيخ شعيب: -تعلمت الكثير عن حياة التماسيح وعرفت عنها معلومات نادرة منها بعض الأصوات التي تنادي بها الأم على صغارها، هذه الأصوات أقوم بتقليدها بدقة عندما أشاهد صغار التماسيح تقف على الجزر وسط مياه النهر، وهنا يبدأ صغير التمساح بالتوجه نحو الصوت، وأكون أنا في انتظاره على المركب وأقنصه بيدي مباشرة من منطقة الرأس إذا كان صغير الحجم-.
واستمر بروايته قائلا: -أما إذا كان التمساح ضخم الوزن، فأوجه له حربة الصيد، بشكل مفاجئ، التي عادة ما ترشق في رأسه أو جسده ورغم إصابته البالغة يهرب بسرعة وسط مياه النهر-.
لكن كما أوضح الشيخ الصياد فالحربة -مزودة بحبل قوي وطويل يمنحه فرصة للهرب، ونصبر عليه لمدة نصف ساعة تقريباً، بعدها تتراجع مقاومته تدريجياً، ثم نقوم بسحبه إلي الشاطئ، وتبدأ محاولة قتله بالبلطة وهي عملية لا تقل خطورة عن المرحلة الأولى لأنه لا يستسلم بسهولة، ولو لم يأخذ الصياد حذره فيمكن أن يهاجمه التمساح الجريح ويقتله فوراً-.
وحول مميزات لحم التمساح قال الشيخ شعيب: -في أول مرة يتناول فيها الإنسان هذا اللحم يصاب ببعض التغيرات في درجة الحرارة والتقلصات في المعدة لفترة محدودة، لكن لو اعتاد على تناوله لا يستطيع العيش بدونه مثلي أنا وأبنائي وأقاربي، فلا يمر أسبوع إلا ونكون قد أوقعنا بتمساح أو اثنين يتم توزيعها على الجميع ثم نبيع الجزء المتبقي-.
-كما أن للحم التمساح فوائد طبية خاصة أجزاء معينه منه تعالج أمراض الخصوبة لدى الرجال ، فضلاً عن أن دهونه تشفي الجروح فوراً، وتعالج العديد من الأمراض الأخرى-، على حد قوله.
وأضاف مبتسماً: -نحمد الله، على نعمته بأن جعل منطقتنا والمناطق المحيطة بنا غنية بثعابين الأصلة الضخمة، والتماسيح بأوزانها المختلفة حيث يصل وزن بعضها إلي 500 كيلو جرام، حيث نستمتع نحن بلحمها الأبيض الشهي، كما نقيم الولائم للضيوف القادمين من بعيد ليتناولوها معنا، في حين يأتي بعض التجار المصريين ليشتروا جلودها بأسعار باهظة-.
وحول مهاجمة التماسيح لبعض سكان -تركاكا-، تسلم يحيي الابن البكر للشيخ شعيب خيط الرواية من والده فقال إن هذا -يحدث كثيراً لأن التمساح معروف عنه أنه إذا تذوق دم ولحم الإنسان ولو لمرة واحدة يظل يسعى لمهاجمته بشكل دائم ولا يهدأ إلا بعد أن يحقق غرضه-.
وواصل الحديث بقوله: -ونحن هنا اعتدنا على الاستحمام في النهر نظراً لشح المياه في المنازل، ففي أحيان كثيرة يتربص التمساح بكل من ينزل النهر خاصة عندما يكون على الشاطئ لأن التمساح يعجز عن مهاجمة الإنسان وسط المياه، لكنه ينتهز فرصة سهو الشخص وهو جالس أو واقف على الشاطئ ويهاجمه بشكل مباغت-.
وأشار إلى أنه -قبل عدة أيام اصطدنا تمساحا كبير الحجم، وفوجئنا بوجود ساعة يد رجالية داخل أحشائه ، فعرفنا حينها أنه ابتلع رجلاً، كما نعثر كثيراً على عظام غزلان وماعز، لا يستطع التمساح طحنها بسهولة وتبقى سليمة ببطنه-.
وما ينطبق على التمساح يحدث مع صيد ثعبان الأصلة، كما قال يحيى الذي تابع: -هذا النوع من الثعابين متوافر هنا بأعداد كبيرة، وهو غير سام وأيضا لحمه شهي ونتنافس جميعاً على تناوله، لكن أخطر شيء في عملية صيده أنه قادر على ابتلاع الإنسان أو عضه، لكني لدي خبرات واسعة في الإيقاع به في شباك مخصصة لهذا الأمر-.
وفيما يتعلق بالتصاريح أو التراخيص لفت يحيى إلى أنه: -في السابق كان لدينا ترخيص يجدد سنوياً يسمح لنا بالصيد المستمر، لكن قبل سنوات، أوقفت السلطات العمل بهذا النظام ، وأصبح علينا التقدم بطلب كلما رغبنا في صيد التماسيح ومن يخالف ذلك يتعرض للغرامة، على الرغم من أن التماسيح يتكاثر عددها ويتضاعف خطرها على سكان منطقتنا. الرأي العام:وكالات

تعليق واحد

  1. للفائدة العامة منطقة تركاكا تقطنها قبيلة المندارى بزعامة كلمنت وانى وبعدين شعيب صائد التماسيح ليس من المندارى بل من الشمال كذلك يحى