سياسية

حينما تصبح المعارضة عبئاً على نفسها !

[JUSTIFY]يختلف المأزق الحالي الماثل أمام قوى المعارضة السودانية (تحالف الإجماع) عن مآزقها السابقة؛ ففي السابق كانت قوى المعارضة تجد هنا أو هناك ما تراهن عليه, أزمة هناك، خلل أمنى هناك، مشاكل اقتصادية هنا، خلافات فى الأطراف.

الآن لا يوجد شيء من هذا على الساحة، والأدهى وأمرّ أن تحالف الإجماع قد تفتت عملياً منذ أن بدأ التقارب وهو جاري بشدة الآن بين بعض مكونات التحالف (الشعبي، والأمة القومي) والمؤتمر الوطني.

وهو تقارب لم تفرضه مصالح خاصة لهذا الطرف أو ذاك بقدر ما فرضته طبيعة الأشياء. ففي السياسة لا مجال للقفز فوق أسوار الواقع.
تحالف المعارضة يعيش الآن مأزق من شقين: الشق الأول فقدانه لمشروعية استثمار الأزمات والشق الثاني، فقدانه لمشروعية الوحدة والانسجام؛ والشق الأخير بالطبع لا يحتاج الى شرح وكبير عناء فى تبيانه إذ لا يمكن لأحزاب تاريخية ذات خلفية دينية معروفة -الأمة القومي- أن تلتقي مع يسار عريض هو عدوها التقليدي المعروف، ولا يمكن لحزب مثل الشعبي -رغم حداثة عهده فى الساحة- أن يلتقي بمن يطالبون بعلمانية الدولة!

لقد كان التحالف فى الواقع يخادع نفسه ويمنيها بمستقبل متجاهلاً الماضي والحاضر. كانت فكرة بالغة المثالية تلك التى جمعت أقصى اليمين مع الوطني مع أقصى اليسار, أما الشق الأول فإن هذه ليست هي المرة الأولى التى تواجه فيه الحكومة السودانية تحديات اقتصادية وأزمات حقيقية تمس صميم معاش الناس.

المتغيرات التى طرأت فى هذا الصدد كثيرة، أبرزها أن المواطنين السودانيين بإمكانهم الاحتجاج وطلب المعالجة ولكن ليس أكثر من ذلك، ففي إدراكهم ووعيهم أن السلطة الحاكمة حالياً هي الأفضل من بين الخيارات الأخرى.

لو كان ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية تصلح للإستثمار السياسي وتتيح للمعارضة التوسل بها الى التغيير والحلول محل السلطة الحاكمة فقد تكررت هذه الأزمات كثيراً ولا يوجد أدنى حس لقوى المعارضة، فقد فقدت هذه القوى صلتها بالشارع السوداني منذ سنوات.
الشارع السوداني لم يعد طوع بنان المعارضة، تحركه متى شاءت ولأي غرض كان. يكفي أن المرتين التى تحرك فيهما الشارع (أكتوبر 1964 وأبريل 1985 لم تثمر شيئاً!

من جانب آخر فإن تفهم المواطن السوداني لطبيعة الواقع الماثل تجعله بمنأى عن مسايرة قوى المعارضة، فالاقتصاد السوداني كتاب مفتوح لدى عامة المواطنين. صحيح أن هناك مثالب وأشياء سالبة تحتاج الى معالجات ولكن القسم الأكبر من الاقتصاد السوداني عائد على طبيعة الأزمات السياسية التى تواجهها الدولة (حروب دارفور وكردفان والنيل الأزرق) وطبيعة الأعداء الذين يحاربونها حرباً استنزافية لا يريدون معها رفاهية لشعب السودان ولا راحة.

لقد أصبح وجود قوى المعارضة السودانية للمفارقات عبء على المعارضة نفسها !

سودان سفاري[/JUSTIFY]