[JUSTIFY]
لعلَّ المبعوث الأمريكي الجديد لدولتي السودان وجنوب السودان دونالد بوث قد أصاب وهو يصف قضية أبيي بالمتداخلة. وربما كان القصد الأمريكي من بعث مبعوث واحد لدولتين تتنازعان حول منطقة تكرر حالة كشمير «الباكستانية» هو أن تكون بعثته لغرض تبني «الحل الأمريكي» لمشكلة المنطقة من زاوية مصالح السياسة الخارجية الأمريكية. وإصابة المبعوث في وصفه بأنها قضية متداخلة تتضح في الفرق بين موقف حكومة الحركة الشعبية في جوبا من عملية الاستفتاء في المنطقة أكتوبر القادم التي لا تشمل أصوات أبناء المسيرية، وكأن دورهم في المنطقة هو فقط أن يأتوا إليها قبل غيرهم ويُطردوا منها أو يقتلوا الحيوانات المتوحشة ويعمروها تعميراً ثم تأتي مجموعة من قبيلة الدينكا إليها هرباً من المعارك القبلية، وبين ما تعلنه دول الترويكا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج في اتجاه ترسيخ التعايش السلمي بين مجموعة دينكا نقوك والمسيرية، حيث طالبت دول الترويكا في بيان صادر من سفاراتها في الخرطوم وجوبا بضرورة نزع السلاح في أبيي وتنميتها اقتصادياً إلى جانب بناء الثقة بين قبيلتي المسيرية السودانية ودينكا نقوك الجنوب سودانية. هكذا جاء التصنيف الجغرافي للقبيلتين، وكان أجدر بمن كتبوا البيان ألّا يعتبروا مجموعة النقوك «جنوبية» حتى ولو كانوا ينحدرون من قبيلة جنوبية هي الدينكا، فلا ينبغي أن يُنظر إليهم مثل دينكا بور أو تُج أو قوقريال، ذلك لأنَّ دينكا نقوك الآن يعيشون شمال حدود عام 1956م، وهم أحفاد لمن جاءوا إلى أبيي هرباً من الصراعات القبلية قبل عشرات السنين، وليس هناك قوانين في هذا الكون تجعل «المنازح» تتبع لاحقاً للمناطق التي نزح منها النازحون، وأبيي أصلاً كان جزء صغير منها منزحاً لمجموعة دينكا نقوك وهي المنطقة التي استضافهم فيها زعماء قبيلة المسيرية. وما كانوا سيستقرون فيها إذا لم يجدوا فيها المسيرية، لأنهم كانوا سيجدون الحيوانات المتوحشة، وهم قد نزحوا في ظروف سياسية لم تكن تسمح لهم بأن يطردوها ويقتلوها بين عشية وضحاها، فقد هربوا من صراعات قبلية، ومن الصعب أن يدخلوا في صراعات مع الحيوانات المتوحشة. لكن المسيرية من قبلهم كانت لهم الفرصة في طرد وقتل الحيوانات المتوحشة بطرق وأساليب حكيمة وبتمهل وبنظرية «الكر والفر».. وهذا ما لم يُتَح للنقوك. إن إدوارد لينو قال إن اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي التي يرأسها ستقدم الدعوة للمبعوث الأمريكي بوث لزيارة أبيي للوقوف على الواقع. طبعاً إدوارد لينو يعتبر أن «أبيي» بأكملها تابعة للجنوب لذلك دعا لها المبعوث. للوقوف على واقعها. لكنه مبعوث «مزدوج» وليس مبعوثاً إلى جوبا فقط.. ونفس الدعوة يمكن أن تقدمها له الخرطوم. وإذا كان لينو يريد أن يقف المبعوث «المزدوج» على واقع المنطقة، فإن الأولى بالأخير أن يطرح التساؤلات حول سكانها ويستفسر عن المعلومات التاريخية عنهم. لأن واقع المنطقة يُبنى على حقائق تاريخها. ولو كان المسيرية في أبيي مثل بعض الرفاعيين الرعاة الذين عاشوا عشرات السنين جنوب حدود عام 1956م وتعرضوا للطرد ابتداءً من إدخال اتفاقية نيفاشا حيز التنفيذ فعاد الأبناء والأحفاد إلى ولايتي سنار والنيل الأزرق يسوقون ما تبقى من ماشيتهم التي كانت تنعم بمناخ الجنوب في مواسم الصيف. لو كان المسيرية مثلهم لما استعدوا لدفع أغلى ثمن من أجل الدفاع عن أرضهم التي عمروها بعد أن طردوا منها الحيوانات المتوحشة قبل مئات السنين. وإذا كانت دول الترويكا تريد بناء الثقة بين القبيلتين كما جاء في بيانها فعليها أن تحترم حقوق المسيرية. وترفض استفتاء أكتوبر بدون المسيرية.صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا
[/JUSTIFY]
اللوم ما علي المجتمع الدولي فهو أصلا يبحث عن مدخل للاستيلاء على أبيي مفاوضينا رضوا بإدخالها في التفاوض ولم يشاورا أهلها ولم يشاورا أهل السودان في هذا التفريط العظيم الذي ينذر بضياع قطعة أخرى من البلد بعد حلايب والجنوب. والواجب تتبع الأحداث التي أدت إلى التوقيع على هذا البروتوكول ومحاسبة المسئولين دون استثناء. ثانيا البروتوكول وقعته حكومة انقلابية غير منتخبة فيجوز للسودان أن يتبرأ منه ولكن الذين وقعوه طبعا ما عندهم لسان قولوا الكلام ده فلا بد من ذهابهم لتأتي حكومة أخرى تتبرأ من التزاماتهم متى كانت تمس بوحدة وسيادة البلد.