الطيب مصطفى : ما بين الحريات المنقوصة وأدبيات التظاهر

الشاب المجاهد الخزين رئيس منبر السلام العادل بمحلية جبل أولياء وخريج كتائب الجهاد يقود المنبر بالمحليَّة التي تشهد حراكاً كبيراً وانعطافاً هائلاً نحو المنبر أملاً في أن يكون له دور فاعل في مستقبل السودان الذي تخلَّف كثيراً عن ركب الأمم والبلاد التي نالت استقلالها بعده.
قرائي الكرام هذا شجن من الشجون أهاتف به قلوبكم الطيبة بنصح المحبوب ومحبة الناصح، فإن في إيمانكم ونقاء أعماقكم ما يُطمع فيه كل من يريد الخير لكم، فأخاطبكم من القلب إلى القلب، فحديث الروح للأرواح يسري ٭ وتدركه القلوب بلا عناء، لم نكن في يومٍ ملائكة لا يعصون اللَّه ما أمرهم، ولا عصمة للبشرية غير الأنبياء والرسل وقديماً قيل: (لا رأي لمن لا يُطاع) ولكن المسلم القوي هو الذي يعمل والضعيف من يتمنَّى والغريب الذي يورث الصفاء خير من القريب الذي يورث الخطأ، ولمّا كان كثير الوفاق نفاق، وكثير الخلاف شقاق، وآفة الرأي الهوى، فالمسلم مدعُو إلى إعمال عقله والتفكير فيما حوله ولا بُدَّ أن يكون واعياً ومدركاً لمنطق عقله فإن كان ثمَّة نص فلا عمل للعقل إلاَّ تحت مظلة هذا النص وضَوئِه، وإن لم يكن هنالك نص فإنَّ إعمال العقل واسع، والعلم له غليان في العروق تتمعّر به الوجوه لكل مخالفة، وتنطلق به فرحة مستبشرة مع كل موافقة، والعلم المطلوب هو ما اقترن بالسلوك والدعوة والتطبيق، أمّا أن تكون دعوة، أو تكون صحوة بحماس وتوقد، وتوثب بلا نور كافٍ يُسفر به وجه الطريق، فهذا مكمن خطر، ومزلة قدم، ومضلة طريق.
ما من شيء أضعف من عَالِمٍ ترك الناسُ علمَه لفساد طريقته، وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته، وكلٌّ منَّا يدرك أنَّ له حقوقًا كما عليه واجبات، وما قصدت بهذا المقال إلاّ توضيح المسار في أداء الواجب وأخذ الحق، فالولاء للإسلام لا يُضعفه عند المتمسكين به وقوع في خطأ ولا قسوة في عقوبةٍ، ولكم تكون هي الأيام كئيبة حين تأخذ منّا عزيزاً وأيّ عزيز.. فما أَمَرَّك يا أيام.. ولكنه القدر، فأكتب مختنق المشاعر محروق القلب لما أرى من مشارف فقد هذا العزيز كما قال أحدهم:
وأشدّ ما فجع الزمان به ٭ فقد الصبا والإلف والوطنِ
الآن البلاد تمُرّ بمنعطف خطير من تاريخها ومرحلة هامة من المراحل وبين خيارَي البقاء أو الفناء، فهذه المنكرات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم وكادت تقضي على الأخضر واليابس من القيم والمُثُل التي يتفرّد بها شعبنا ومجتمعاتنا وقد غُصّ بها لم تنتشر ما بين يوم وليلة إنّما انتشرت لأنَّ واحداً قد فَعَل، وواحدًا قد سَكَت، فهما شريكان في انتشار ذلك المنكر، فالسكوت عند رؤية المنكر خيانة للمبدأ، وجُبنٌ في الدفاع عن الحق الذي يفتقده، فكم من خطيئةٍ كان عقابها طمسًا للبصيرة، فعمق القضية في معرفة من المحق أولاً: فإن كان رفع الدعم عن المحروقات تُشْتَمُّ من ورائه رائحة صندوق النقد الدولي كما استمعت لذلك من بعض خبراء الاقتصاد فنُذكِّر المسؤولين بقوله تعالى: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم اللَّه من فضله) (الآية). ونعيد لأذهانهم ذكرى خبيب بن عدي رضي اللَّه عنه وهو يؤخذ أسيراً إلى مكة ويُقدَّم للقتل وهو ينشد:
وما أُبالي حين أقتل مسلماً على أيّ جنب كان في اللَّه مصرعي ٭ وذلك في ذات اللَّه وإن يشأ يبارك على أوصال شلو مُمزّع ـ فكان شرط خبيب أن يموت على الإسلام وعندها فهو لا يبالي متى حانت ساعة الوفاة، فثبت على هذا الدين مع شدة العذاب وكان بإمكانه الخلاص بالتراجع فخُيِّر بين حياة بلا إيمان، أو إيمان بلا حياة فاختار الأخرى بلا تردد، ومثله أبو سلمة رضي اللَّه عنه في هجرته لا يثنيه انتزاع زوجته منه، ولا خلع كتف ابنه، ومثله صهيب رضي اللَّه عنه الذي ضحَّى بماله وشقاء عمره فكسب ربح البيع أبا يحيى، علَّ إسهابي في ذكر هؤلاء الأخيار الأطهار كان دون شعور منِّي فلكأنّي أراهم ولكن لا أرى حالهم في نفسي ولا فيمن هم حولي لأنهم تذوقوا طعماً لم نتذوقه، وولعوا بشيء لم نعشقه، إنها عِزَّة المؤمن وتمسكه بإيمانه وثقته بربه، فأصبحت تهتز قلوبنا لأدنى حركة للريح فهل البلاء في الأشخاص، أم الزمان، أم الإيمان؟؟؟..
الإجابة: لم يتغير شيء ولكن اختلَّت العلاقة بين الشخص والإيمان فأتساءَل والسؤال مشروع أين هي الشريعة الآن في حياتنا؟؟؟..
ثانياً: إن كان قرار رفع الدعم ليس بصائبٍ الآن في ظل وجود بدائل أخرى حسب آراء طائفة من خبراء الاقتصاد فليكن القرار الشجاع بالنكوص عنه فالرجوع للحق فضيلة، والرجوع إلى الصواب خيرّ من التمادي في الخطأ فالقرار ليس نصًا محكمًا أو حديثًا متفقًا عليه ولنا مثل في خير البشرية جمعاء، فها هو الحباب بن المنذر رضي اللَّه عنه في يوم بدر كما ذكر ذلك ابن هشام في السيرة، يوم أن رأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نزل على أدنى مياه بدر قال: يا رسول اللَّه أرأيت هذا المنزل منزلاً أنزلكه اللَّه ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: يا رسول اللَّه: (إن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أَدنى ماء من القوم فننزله ثم نغّور ما وراءه من القُلب) ـ ويقول ابن تيمية رحمه اللَّه: (إن نور العين لا يرى إلاَّ مع ظهور نور قدامه فكذلك نور العقل لا يهتدي إلاَّ إذا طلعت عليه شمس الرسالة)، فلا أود الخوض فيما لا أَعلم ولكن ليتباحث خبراء اقتصادنا من جديد وليرجحوا كفة الرأي الصائب ثم لنأخذ به.
ثالثاً: إن سلَّمنا برفع الدعم كان خياراً مُجمعاً عليه من قبل الاقتصاديين أو جُلَّهم ففيم تكميم الأفواه، وإيقاف الصحف، اواعتقال من أراد أن يعبر عن رأيه بطرق سلمية ووسائل مشروعة إن ارتضينا الديمقراطية وحرية الرأي والكلمة فالمرء يسعد أن تكونوا يا ولاة أمرنا على عهدكم ووعدكم (لا يجرمنكم شنئان قوم على ألّا تعدلوا ـ اعدلوا هو أقرب للتقوى)، ولنستقم جميعاً على أَمر اللَّه كالجبل الذي لا يذيبه الحر، ولا يجمده البرد، ولا تحركه الريح، ولا يُذهبه السيل، ولا تأخذنا العزة بالإثم، ولا يحملنا إحسان الناس إلينا على الميل إليهم بغير حق، ولا يحولنا هوى أنفسنا عن أمر ربنا، ولا يشغلنا حطام الدنيا عن طاعة اللَّه عزّ وجل.
فافسحوا رحمكم اللَّه المجال للحريات (المنضبطة)، وراجعوا قمع المظاهرات ان كانت سلمية فلقد شهد شاهد من أَهلها، إذ يقول العقيد شرطة حقوقي (م)/ محمَّد الحسن الشريف في كتابه القيم والذي أُوصي أن يقتنيه كل فرد يتبع للشرطة لما فيه من علمٍ جمٍ، وقيم أصيلةٍ، ودعوةٍ لرسالةٍ تُؤَدَّي بمهنيةٍ عاليةٍ (العلاقة بين الشرطة والجمهور) فذكر في (ص16) منه: (إن هناك تصرفات البعض من رجال الشرطة والجمهور أخذت تُلقي بظلال عرقلت هذه العلاقة وزعزعت الثقة فلا بد من الوقوف على تلك ا لتصرفات وإرشاد هؤلاء القلة حتى لا تتزعزع الثقة لأن الشرطة دورها أكبر). وفي (ص60): (وليعلم الجمهور أنه لا يوجد مكابر في الشرطة ينفي وجود بعض الممارسات السلبية لبعض الأفراد بالشرطة وأن هذه السلوكيات والتصرفات محصورة في قلة وتصرفات فردية) هذا مع احترامي الشخصي وتقديري الخاص لقادة وأفراد بالشرطة أعرفهم فمكانهم أن يكونوا أئمةً للحرمين الشريفين. وبالمقابل نستنكر وندين ونشجب بأشد العبارات أعمال التخريب وإثارة الشغب، من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، والمصالح الضيقة، والميول الإجرامية، الحاقدين على المجتمع، كما ندين تكسير وحرق السيارات ونهب الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة من قبل ذوي الأغراض الدنيئة، ومعارضة الشرطة والسلطات العامة أثناء أداء الواجب الرسمي، فمن يقوم بالتخريب والنهب ليس بكفء أن يكون بديلاً، والابن العاق ليس بجدير أن يكون وصياً على إخوته بعد وفاة والديه، فإسلامنا لا يؤمن بالحروب التي تثيرها العصبية العنصرية، كما يستبعد الحروب التي تثيرها المطامع والمنافع، وكذلك حروب الأَمجاد الزائفة والمغانم الشخصية، فديننا يحرم العدوان ويشرِّع التكافؤ والمساواة بين الناس ويجعل مقياس التفاضل بينهم التقوى والعمل الصالح، فالإمام العادل خيرٌ من المطر الوابل، ويرنو المرء من العظمة بقدر ما يرنو من التواضع، فتواضعوا رحكم اللَّه جميعاً حتى لا نفتح باباً يصعب علينا سَدُّه، فكرمُ المرء دينُه ومروءتُه عقلُه، فافطنوا لما يُحاك بنا وببلادنا قبل وقوع الفأس على الرأس، ونقول يومها كان لنا وطن اسمه (السودان) وكانت لنا دولة للمشروع الحضاري فاجتمعوا على كلمة سواء يا أصحاب المرجعيات الإسلامية، ولا تأخذنكم العزة بالإثم، ولا تخشوا في اللَّه لومة لائم (فالحق أحق أن يتبع)، وآمل أن يجد مقالي هذا أذناً صاغية فماذا أنتم فاعلون حيال هذه المعضلة أيها السادة؟ حفظ اللَّه بلادنا من كل سوء وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربِ العالمين.[/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة
لم أجد فى كل مقالك كلمه اوقفتنى و اعادة الى مقال كان نشر و وجد مداخلات و مشاركات من القاصى الدانى وحمل بين طاته ضرب الابن لامه باو رأسين و هرب و أقام فى منزلكم لمدة اسبوع بالتمم و الكمال و عاد اخيرا الى داره ؟
اهذا هو الابن العاق الذى لن يكون عادلا او امينا على اخوته بعد أن يأخذ صاحب الوديعه و ديعته ؟
كيف لكم أن تمنحوه الثقة و المؤازره فى حكم دولة السودان ؟
اكيد اللبيب بالاشارة يفهموا ؟
وهذا شىء لا نستبعده من هذا العاق أن يوصلنا الى حافة الهاوية اماالبقاء او الفناء و الذى اصبح وشيكا لو لا أن يتحرك المواطن من أجل الحفاظ على ما تبقى من حطام هذا الوطن و المواطن من الفناء …
الدور جاييك بل راسك وانتظر