سياسية

لماذا أوروبا .. وماذا بيد الأخيرة فعله للثورية ؟


[JUSTIFY]بدءاً فإن الوجه الآخر للتساؤل عما يمكن أن تقدمه الدول الأوربية التي تكبد وفد قيادات الثورية مشاق السفر إليها والتباحث معها حول مصير الثورية، هو التساؤل المقابل عن لماذا لم يسافر الوفد كالعادة الي واشنطن؟ ففي كل الأوقات الماضية كانت القبلة الوحيدة التي يولي قادة الثورية وجههم إليها هي واشنطن، فهي وحدها القادرة علي تخفيف معاناتهم النفسية وتقليل حدة شعورهم بالضياع وفقدان القدرة علي الفعل.

تري ما الذي استجد هذه المرة وجعل الوفد يولي وجهه شطر الاتحاد الأوروبي باحثاً عن سلوى أو دعم أو حتي مواساة سياسية تخفف وطأة الظروف والمعطيات القاسية التي تعيشها الثورية؟ الواقع أن الظروف هذه المرة تبدو مختلفة، فالولايات المتحدة فيما يبدو تراقب عن كثب مؤشر العلاقات المضطردة بين جوبا والخرطوم، وما من شك أن واشنطن تدرك حساسية هذا الملف وإضراره المباشرة علي حليفتها جوبا إذ من المؤكد أن الخرطوم استطاعت أن تسيطر علي الجارة الوليدة بورقة اقتصادية باتت هي الأهم لدي جوبا ولا تريد جوبا ولو للحظة التفريط فيها للعودة مرة أخري الي (إغلاق الصنبور) ووقف الضخ والمسلسل الصعب المطول.

واشنطن فيما يبدو تحاول أن تحافظ علي التطور المضطرد بين جوبا والخرطوم الي أقصي درجة، إذ ليس سراً أن توقف ضخ النفط وتعقيدات الخلافات بين جوبا والخرطوم كلف واشنطن مئات الملايين من الدولارات اضطرت في أوقات سابقة للدفع بها الي جوبا للحيلولة دون انهيار الدولة الوليدة جراء توقف ضخ النفط .

واشنطن يكفيها ما تعانيه علي الصعيد الاقتصادي ودينها ذي السقف العالي وهي ليست مستعدة لرعاية دولة ناشئة تمتلك موارد نفطية ليست قليلة، وليست سهلة.

وواشنطن أيضاً تدرك مدي ومقدار ثقة الخرطوم فيها خاصة أذا تعلق الأمر بالعلاقات السودانية الجنوبية وفيما يبدو لا تريد هز هذه الثقة أكثر حتي تضمن سلاسة العلاقات بين الجارتين.

من الجائز أن يكون هذا الافتراض هو وراء تحاشي واشنطن استقبال وفد الثورية تاركة المهمة للدول الأوروبية الكبرى الوثيقة الصلة بطبيعة الحال بواشنطن والقادرة علي (لعب دور العلاقات العامة) بطريقة لا بأس بها تكفي لإرضاء قادة الثورية !.
أما لماذا رضيت الدول الأوربية القيام بهذا الدور فهذا في حد ذاته يحوي الإجابة علي سؤالنا عن المدى الذي يمكن أن تلعبه هذه الدول الأوربية في حل أزمة الثورية وما أذا كانت لديها ما تقدمه عملياً أم أنها فقط (تنصب) و(تقترح) لمجرد الاقتراح والمجاملة !

الواقع أن الدول الأوروبية من الناحية النظرية يمكن ان تقول وتقترح و(تؤانس) وفد الثورية خير مؤانسة، ولكن من الناحية العملية فهي أي هذه الدول الأوروبية ليست متحمسة لفعل شئ لإدراكها استحالة الحسم العسكري من جهة وهناك تجارب واضحة ولصعوبة التوصل الي نقاط التقاء واضحة يقبل بها قادة الثورية من جهة أخري.

أي أن الدول الأوربية لن تكون أزمتها في هذا الصدد مع الخرطوم بقدرما أن الأزمة الحقيقية ستكون فيما يمكن أن تقبل به الثورية، لأن الأخيرة ومع عدم امتلاكها لأي معطيات مؤثرة عادة ما ترفع سقف مطالبها الي عنان السماء !!.

سودان سفاري
ع.ش[/JUSTIFY]