رأي ومقالات

عبير زين: اليوسي ماس .. بطولةُ حقيقةُ أم محضُ أوهام؟

[JUSTIFY]نظام الحساب الذهني أو اليوسي ماس هو مفهوم قديم (مُستحدث) لتنمية قدرات ومهارات التعلم لدى الأطفال و يصفه القائمون عليه بأنه يعمل على تعزيز ثقة الطفل بنفسه وبقدراته التعليمية وكسر حاجز الخوف التقليدي من مادة الرياضيات وتطوير مقدرة الحفظ وذلك بإستخدام آلة بسيطة جداً تسمى العداد (أباكوس) يتم الإستغناء عنها في مراحل متقدمة من البرنامج وذلك من خلال طرق علمية ومجربة أثبتت نجاحها في جعل الطلاب المُمارسين لها يتغلبون على ضغوط الإمتحانات والتميز في جميع جميع المواد بالتسلح بالذاكرة القوية والتركيز والفهم والانتباه وسرعة البديهة والاستيعاب والإبداع والثقة بالنفس، و رغم أن هذا البرنامج يعود لأكثر من 400 عام في الصين القديمة إلا أنه فرض نفسه بقوة فى العشر سنوات الأخيرة بعد عدد من عمليات التطوير والتحديث التي طالته من قبل خبراء ومهتمين تربويين ورياضيين فقفزت المسابقات إلى السطح وتبنتها الدول ووزارات التربية وبذلت في سبيلها كل غالٍ ونفيس وإفتخرنا بصعود منتخباتنا الصغيرة ذات العقول المتميزة إلى أعلى المراتب ونحن سعداء بإرتفاع مستوى ذكاء أطفالنا.

على الصعيد الآخر برزت دراسات تضحد وتقلل من تأثير برنامج اليوسي ماس على معدل ذكاء الأطفال وتصفه بأنه مجرد (خِدعة) للتجارة بعقول الأطفال حيث أنه عملية لا علاقة لها بالذكاء من قريب ولا من بعيد وإنما هى فقط تُنمي مهارة الحساب عند الأطفال وأن فوز الأطفال فى المسابقات وحصولهم على المراكز المتقدمة لا يعني أبداً أنهم الأكثر ذكاءً، ودللت الدراسة بأن مستوى الأطفال يتدهور بنسبة 50% بعد التوقف عن الممارسة والتدريب لمدة شهر واحد فقط وينسى الطفل كل التدريبات بعد توقفه مدة ثلاثة شهورحتى لو كان قد انتهى من المستوى العاشر وقضى 30 شهراً في التدريب فإنه يعود للمستوى الأول!

كلنا نعلم تماماً أن تعلم المهارات الرياضية لا يتأتى إلا بالتمرين المستمر فالمهارات الحسابية نوع من الممارسة المستمرة للعمليات الحسابية فكلنا حفظ جداول الضرب في مرحلةٍ ما وتسربت من خلال الذاكرة بمرور السنوات حتى لم يعد لها وجود في ذاكرة الكثير مِنا، أما تنمية المهارات فتعتمد على أصول علمية مختلفة عن التلقين والتكرار والتدريب المستمر الذي يُستخدم في برنامج الذي يعتمد على استخدام العداد وحفظ شكله وخرزاته بتدريبات مستمرة متصلة على مدى شهور طويلة (30 شهرا) فيطبع شكل العداد وخرزاته فى الذاكرة البصرية للطفل بفص المخ الأيمن المسئول عن حفظ الصور وهكذا تحول الرقم إلى صورة فى عقل الطفل بدلا من أن يكون الرقم فى مكانه الطبيعى بفص المخ الأيسر ثم في المرحلة التالية تخيل العداد وتحريك خرزاته وقراءة الصور فيجيب الطفل على المسألة الحسابية بدون العداد وهُنا (نعتقد) أن الطفل أصبح عبقرياً!

من المعروف لدى علماء نفس النمو وعلم النفس التربوي أن ذكاء الإنسان من الثوابت التي لا تتغير إلا تحت ظروف معينة فلا يوجد مُسمى لإنخفاض مستوى الذكاء لدى الأطفال فى حالة قياسه مرتين متتاليتين إلا في حال حدث للطفل كارثة مثل تخلف عقلى أو قصور ذهني! بينما أطفال اليوسى ماس حين يتوقفون خلال فترة الإمتحانات مثلاً (شهر) وفترة الصيف (3 شهور) فينخفض مستواهم لأنهم يعتمدون على (التذكر والتخيل) للعداد وعندما يتوقف التدريب ينسون فلا يستطيعون الحل، لذا فهو برنامج يحتاج إلى تدريب مستمر ومتواصل طوال العمر ومن هُنا تنبثق الأسئلة التي يجب الإجابة عليها قبل محاولة تعميمه التي جاءت بتوجيه من السيد رئيس الجمهورية: هل يعتمد هذه البرنامج حقاً على أُسس تربوية وعلمية؟ هل تم خضوع الأطفال لإختبارات الذكاء للتأكد من أنه مُحفز حقيقي لمعدل الذكاء؟ وهل لهذا البرنامج أى أثر طبي على عقول الأطفال بإقحامهم في عمليات تدريب مرهقة ومستمرة؟ هل هو ذو فائدة فعلاً أم أننا نزج بأطفالنا في برنامج مُكلف مادياً وذهنياً وزمنياً لحصاد الفراغ؟

[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. شكرآ لأنك تسألين الأسئلة الصحيحة في زمن الخم والفهلوة. نحن راسنا خفيف بي وزير تربيتنا وحكومتنا ومسؤوليننا. كل حاجة ممكن التنظير فيها لكن خطر جدآ تنظر في الأطفال. اذا ما عندنا امكانية القياس والدراسات اقل حاجة استعينوا بخبرات الدول التانية. هل هذا البرنامج معمم في الدول الآسيوية التي اتى منها؟ هل هو معمم حتى في الصين مركز اختراعه؟ في ظني انه مجرد الهاء قام بتطويره والدعاية له مستثمرين وناس بزنس. وفي ظني ضرره اكبر من فوائده.