رأي ومقالات

عبدالمحمود الكرنكي : إنفصال الجنوب الى دولتين

[JUSTIFY]بموجب اتفاقية نيفاشا تم فصل السودان إلى دولتين ، حيث اختار الجنوب الانفصال وإنشاء دولة مستقله ذات سياده ، لكن انفصال السودان إلى دولتين والذي تم برعاية أمريكية كما أوضحت سوزان رايس مستشار الأمن الأمريكي ، جعل انفصال الجنوب إلى دولتين أو أكثر خياراً جاذباً لقوى سياسيه جنوبيه أخرى .

انفصال السودان إلى شمال وجنوب نتج عنه (متوالية انفصالات جنوبيه جديدة) بدأت معالمها تتضح اليوم حيث صار انفصال السودان إلى دولتين بداية وليس نهاية ، بداية لمسلسل انفصالات جنوبية جديدة ، وحروب أهلية جنوبيه جنوبية جديدة . الصراع (النويري الدينكاوي)الذي انفجر اليوم يستبطن سيناريو فصل جنوب السودان إلى دولتين ، حيث بسط النوير سيطرتهم العسكرية على (بور)عاصمة ولاية جونقلي النفطية وعلى مناطق البترول . حيث في لعبة الصراع على السلطة أصبحت (ورقة النفط) بيدهم . بترول الجنوب يوجد بصورة رئيسية في مناطق النوير الغنية بحقول النفط .

صراع النوير (مليون واحد نسمه)والدينكا (أربعة ملايين نسمه)الذي يهدد اليوم بفصل الجنوب إلى دولتين ، نسخة خطيرة مطورة من الصراع (الاستوائي الدينكاوي)الذي كسر رقبة اتفاقية أديس أبابا 1972م.كذلك اليوم سيقصم الصراع (النويري الدينكاوي)ظهر دولة الجنوب الوليدة . كما سيفجر من جديد الصراع (الدينكاوي الاستوائي)لتظهر إلى الوجود دولة جنوبية ثالثه جديدة .

في حقيقة الأمر أن صراع سلفاكير مشار الذي يشتعل من جوبا إلى حقول النفط والذي انفجر قبل 8ايام ذلك الصراع القبلي في جوهره (النويري الدينكاوي) يهدد بفصل الجنوب إلى دولتين أو اكثر وليس دولتين فحسب . صراع النوير والدينكا أكبر قبيلتين في الجنوب يهدد بكسر ظهر الدولة الجنوبية النيفاشية الجديدة وفصل الجنوب إلى دولتين .

أيضاً وبمجرد عزف السلام الجمهوري للدولة الجنوبية الجديدة الثانية ستقرع في إقليم (الاستوائية) طبول حروب داحس والغبراء الأفريقية طبعة القرن 21لتعلن قيام الدولة الجنوبية الثالثة عندئذ سيدرك الانفصاليون الجنوبيون القدامى (النيفاشيون) قوله تعالى عسى أن تحبو شيئاً (الانفصال عن السودان)وهو شر لكم !سيدركون بعد فوات الأوان أنهم لم يقرأوا قرأة متأنية جداً واقع الجنوب وواقع الحركة الشعبية وواقع المعطيات النفطية الجنوبية الجديدة وواقع أطماع دول الجوار وواقع أطماع الدول الكبرى الخارجية غربية وشرقية ، كذلك سيدرك الانفصاليون النيفاشيون بعد فوات الأوان أنهم لم ينظروا بتريث فاحص في خريطة الجنوب الجغرافية والبشرية ولم يصغوا بحذر إلى النصائح والاستشارات السياسية الملغومة من سوزان رايس وغيرها .

وذلك حتى انطبق عليهم اليوم قول القائل رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه . لذلك اليوم الانفصاليون النيفاشيون في جناح سلفاكير أو جناح مشار وأولاد قرنق يلطمون الخدود ويبكون ولكن دون جدوى .

اليوم يدرك النيفاشيون الانفصاليون بعد فوات الأوان أن فصل الجنوب عن الشمال خطأ تاريخي ارتكبته السياسة الأمريكية كما يدركون اليوم أنهم هم الذين أول من يدفع الثمن ، تلك السياسة الأمريكية التي لم تقرأ بتمعن معطيات الواقع الجنوبي ومآلاته حيث اتضح أن فصل الجنوب عن الشمال فتح خلايا نحل سياسية جنوبية جديدة وفتح ملفات انفصالية جديدة لم تكن تخطر على بال الانفصاليين النيفاشيين أو رعاة انفصال السودان في واشنطن .

الصراع (النويري الدينكاوي) الذي ضرب دولة الجنوب يحمل بداخله جراثيم كل أنواع السيناريوهات الخطيرة ، منها سيناريو تدخل عسكري أمريكي حيث وصلت طلائع (المارينز) جوبا واستهداف طائرة عسكرية أمريكية في (بور)وأصابه بعض طاقمها وهروبها إلى كمبالا ، كما ارسل الرئيس اوباما موفد خاص إلى عاصمة الجنوب ، ومن السيناريوهات الخطيرة المحتملة القادمة إلى الجنوب وسيناريو حرب إقليميه تنعكس تداعياتها على منظومة دول المنطقة .

يشار إلى أن دولة الجنوب هي الاضعف في منظومة دول المنطقة حيث توجد اليوم طلائع القوات الأوغندية (500)جندي في عاصمة الجنوب جوبا تحت مسمى (حماية الرئيس)والسفارات ، كما توجد في جوبا وفود دبلوماسية من أثيوبيا وجيبوتي وأوغندا وكينيا لاحتواء الحرب الأهلية الجديدة قبل انتشارها كما أعلنت الأمم المتحدة أنها قد تستخدم القوى في جنوب السودان وذلك في أعقاب الهجوم المسلح على قاعدتها في (أكوبو). ذلك يعني وضع الجنوب بموجب قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع وذلك مايمهد لوضع الجنوب تحت الوصاية الدولية .

لكن هل سيسمح الفيتو الصيني ؟ لأن وضع الجنوب تحت البند السابعاو الوصاية الدولية دون مشاركة فاعلة من الصين ، قد تعني خروج الصين من صناعة النفط من الجنوب وفقدان الصين لبترول الجنوب الذي يغطي (7%)من احتياجاتها النفطية لذلك لن يسمح فيتو الصين في مجلس الأمن بإبعادها كلاعب رئيسي في نفط جنوب السودان . لن تقبل الصين بالانسحاب من نفط الجنوب حتى لا تتراجع خطوة عن الصدارة الاقتصادية الدولية .

الخاسرون في تطورات الحرب الأهلية الجديدة في جنوب السودان هم دولة جنوب السودان وجمهورية السودان والصين. بدون مواقف رمادية أو محايدة فإن مصلحة السودان تقتضي دعم الرئيس سلفاكير ودعم استقرار الجنوب ذلك ما يحقق مصلحة البلدين والشعبين .

smc
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد