عالمية

التدريبات الإسرائيلية تهدد حياة عرب الرشايدة

يجزم عرب الرشايدة -وهم قبيلة بدوية تعيش في بادية الضفة الغربية جنوب شرق مدينة بيت لحم- بأنهم لم ينعموا بالراحة والحياة الهادئة منذ طردوا من أراضيهم في منطقة عين جدي على البحر الميت، المحتلة عام 1948.
ويعتزّ وجهاء القبيلة بأصولهم، مؤكدين أنهم جزء من قبيلة الرشايدة المنتشرة في عدد من الدول العربية، ويتفاخرون بالقواسم القبلية المشتركة بينهم وبين أقاربهم في الخارج، وأبرزها وسم الإبل المتوارث منذ القدم.

ورغم إقامة أغلب سكان منطقة عرب الرشايدة منذ عام 1983 في بيوت متواضعة لم تنعم بالكهرباء إلا عام 2009، تنتشر قرابة ثمانين عائلة في منطقة شاسعة مصنفة “محميات طبيعية” حسب اتفاقيات أوسلو، أو مناطق تدريبات عسكرية حسب تصنيف الاحتلال، الذي أخذت أطماعه تمتد للمحميات بتوسيع مناطق التدريب على حسابها.

وإضافة إلى مساحات شاسعة من بادية الضفة الشرقية تصنف كمناطق إطلاق نار يحظر دخولها، تفيد معطيات معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) أن نحو 10% من مساحة بلدة عرب الرشايدة التي تقارب 48 ألف دونم مصنفة (ج) و80% مصنفة محميات طبيعية، وجميعها تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.
أبو محمد الرشايدة يبرز إخطارات لسبع عائلات بإخلاء المنطقة (الجزيرة نت)

ثمن التدريبات
ومنذ أن استقروا في منطقتهم قبل قدوم الاحتلال عام 1967، يدفع السكان المدنيون -المسجلون كلاجئين في أونروا- ثمن التدريبات العسكرية. وسجل المجلس المحلي للمنطقة سقوط ستة شهداء على الأقل، وعشرات الجرحى خلال العقود الأخيرة بسبب مخلفات الجيش الإسرائيلي وتدريباته العسكرية، إضافة إلى الملاحقات الأمنية والاعتقالات ومصادرة المئات من رؤوس الماشية.

وسُجل أحدث فصول المعاناة قبل أيام، حيث فوجئ الحاج علي عودة الرشايدة (أبو محمد) بقوة كبيرة من جيش الاحتلال تحاصر منطقة سكناه، وتأمره بإخلاء مسكنه دون أغنامه، بحجة إجراء تدريبات عسكرية، موضحا أنه مكث بعيدا عن ماشيته لحين انتهاء التدريبات.

وتظهر صور وتسجيلات حصلت عليها الجزيرة نت وجودا مكثفا لجيش الاحتلال في المنطقة خلال التدريبات، الذي يؤكد الأهالي أنه يهدد وجودهم ومصادر رزقهم وخاصة تربية الماشية، التي تحتفظ المنطقة بقرابة 15 ألف رأس منها.

ويضيف أبو محمد أنه بعد يوم واحد من التدريبات فوجئ بقوة أخرى من الإدارة المدنية الإسرائيلية تسلمه سبعة إخطارات بهدم أربع خيام يقيم فيها وتضاء بالخلايا الشمسية، وثلاثا أخرى قريبة، وتأمره بترحيل أغنامه من المنطقة، بحجة أنها “منطقة إطلاق نار” وهو أمر ينفيه أبو محمد، ويصر على البقاء مهما كان الثمن، مؤكدا أن الاحتلال نقل علامة التحذير الخاصة بالتدريبات إلى داخل أراضي المحمية الطبيعية التي يقيم فيها.
جيش الاحتلال يعاود تدريباته في منطقة عرب الرشايدة (الجزيرة نت)

ضحايا التدريبات
في تجربة أخرى، لا يزال المواطن عواد محمد سالم الرشايدة (أبو موسى) شاهدا على مآسي المخلفات العسكرية، فقد أصيب عام 1975 إصابة بالغة بانفجار قنبلة أتت على أجزاء من أصابعه وقدميه وعينيه.

ورغم إخلاء معسكر “المطيردة” القريب عام 2000، شكلت عودة التدريبات مصدر قلق بالنسبة له ولباقي السكان، معربا عن أمله في تحرك سياسي وحقوقي يكفل الحماية للسكان.

بدوره يؤكد رئيس مجلس محلي البلدة فواز الرشايدة -وهو موظف بوزارة الحكم المحلي ببيت لحم- أن أكثر من ألفي نسمة، معظمهم من الأطفال، يعيشون حالة من القلق بسبب عودة التدريبات العسكرية، واقترابها من المناطق السكنية.

ويضيف أن السكان استيقظوا الأسبوع الماضي على أصوات المدافع وإطلاق النار والانتشار المكثف للجنود، موضحا أن مخلفات الجيش وتدريباته تعد الأخطر على السكان وسلبت معها الكثير من الأرواح.

وأشار الرشايدة إلى تردي الحالة الاقتصادية للسكان بفعل التضييق عليهم وإغلاق المراعي أمام ماشيتهم، في وقت تغيب فيه جهود المنظمات الإغاثية بشكل ملحوظ، مطالبا “ببرنامج صمود” يوفر الحد الأدنى من مقومات البقاء في المنطقة وخاصة الأعلاف للأغنام.
عوض الرجوب-بيت لحم
المصدر:الجزيرة

تعليق واحد