ابراهيم عثمان: هذا سيضع في رقبة الترابي و البشير و علي عثمان الذين نسب الكاتب “المخطط” إليهم أوزار لا قبل لهم بإحتمالها
لو سلمنا ، جدلاً ، بإحتمال صحة السيناريو فإن هذا سيضع في رقبة الترابي و البشير و علي عثمان الذين نسب الكاتب “المخطط” إليهم أوزار لا قبل لهم بإحتمالها ، فهو يصورهم كمن إتفقوا على هش ذبابة من على جسد النظام بالمدافع الرشاشة . كيف يمكن لعاقل أن يتصور إمكانية سيناريو كهذا ؟ فالمخاطر لم تكن في لحظة المفاصلة بالحجم الذي صوره قلم إسحق إذا قسناها إلى ما مرت به الإنقاذ من ضغوط و حصار و مخاطر منذ وصولها إلى الحكم . و حتى إن كانت هناك مخاطر جدية في ذلك الوقت فليس من الحكمة أن تُعالج بهذا السيناريو الساذج و الخطير و المؤلم ، كيف لعاقل أن يتصور أن يتفق الكبار على إدخال قواعدهم و كوادرهم في حالة صراع حقيقي و مؤلم و تنشأ بسبب ذلك عداوات و إحن و بلاوي لمجرد أنهم يريدون أن يصدوا عن النظام هجمات من الخارج ، كيف يمكن أن تواجه هجمة الخارج بإشعال الداخل ؟!
يقول الكاتب ( وفي المسرح.. المسرحية الجيدة تجعل المشاهد يتوتر للخطر ويغضب للخيانة.. ثم البطل والخير كلاهما ينتصر.. والمشاهد يتنهد في راحة.) . و هذا استسهال و تبسيط للأمور بل إجرام ، فالمشاهد الذي يتنهد في راحة يفعل ذلك و هو يعلم أنه يشاهد مسرحية ، و المقارنة لا أقول غير جائزة بل هي جريمة كاملة الأركان . فالمسرح هنا كان مسرح الحياة و الواقع و السلاح و السجون ، فمن الذي سيعتذر لمن كره أخاه بسبب هذه المسرحية ؟ و من سيعتذر لمن قاطع أخاه حتى أتاه خبر وفاته و كان حتى قرار الذهاب للتعزية يحتاج لتفكير ؟ و من سيعتذر لمن فقد حياته من هذا الطرف أو ذاك و هو لا يعلم أنه كان و بإخلاص تام ينغمس في مسرحية ملعونة تجعله قاتلاً و مقتولاً ؟ من سيعتذر لمن راكمتم في دواخله طبقات من العداوة سواء لأبطال المسرحية أو كومبارساتها ؟ ثم هل في خداع المعارضة بهذا الشكل بطولة ؟! و كيف يمكن التأسيس لمرحلة تعافي و تصالح وطني في ظل الإعلان عن مسرحيات كهذه ؟ و من أعطى القادة الحق في التلاعب بمصير الملايين في مسرحية ستجعلهم مغيبين تغييب كامل و مؤذي مع سبق الإصرار و الترصد لما يقارب الخمسة عشر عاماً ؟
يقول الكاتب ( بينما غياب الشيوعي والبعث.. وعدم دعوة هذا وهذا.. شيء يصبح سطراً في الخطاب) و هو يعلم أن مسؤولي الحزب الحاكم أكدوا أن الدعوة لم تسثنِ أحداً و أنه ليس من الحكمة تهديد قوى اليسار بأن الحوار سيستثنيهم و أنه سيكون فقط لتشكيل جبهة لمواجهتهم .
و يقول ( مرحلة تصميم الانشقاق بحيث يبدو شيئاً ينبت من جذور حقيقية صادقة ) هذه الجملة تكشف إما أن شيخ إسحق يعوزه الذكاء أو أنه يشك في ذكاء القارئ ، فكيف تُرتٓكٓب البلاوي و بأيدي أبناء الحركة الإسلامية ضد بعضهم البعض لإقناع العدو بجودة حبكة المسرحية ؟! هل أصبحت المسرحية هدفاً لذاتها ؟ و لتجويدها تٌسترخَص الدماء و يُفتح باب العداوات على مصراعيه ؟ ثم يحدثنا إسحق أنهم قرروا إنهاء المسرحية بسبب المخاطر الخارجية ؟ ما الذي يجعل المخاطر الخارجية في السابق أمراً لا يمكن مواجهته إلا بتلك المسرحية ، و الآن يتم مواجتها بإيقاف المسرحية ؟ و ما الفائدة من الإعلان عن المسرحية ؟ ألم يكن الأفضل هو إكمال حلقتها الأخيرة دون إعلان حتى تكتمل الحبكة و يأتي الشعبي و معه المعارضة ؟ ما الفائدة التي تعود من تشكيك المعارضة بصدق الشعبي في إنتمائه لها ؟ و ما الفائدة التي تعود على النظام من إظهاره في صورة المراوغ الذي لا فائدة من الإستجابة لدعوته الآخرين للحوار ؟
الأسئلة لا متناهية و كما قيل فإن توضيح الواضح هو مضيعة للوقت ، و لكن السؤال هو : هل يعي إسحق خطورة ما يقول ؟ إن ما يقوله يرسل عدة رسائل ، سواء عمداً أو سهواً ، فللخارج يقول خدعناكم عدة مرات و سنظل نخدعكم على الدوام ، لا تثقوا فينا و لا تستجيبوا لدعواتنا لرفع ضغوطكم عنا ، و للمعارضة غير الإسلامية يقول شيئاً مماثلاً و يضيف لا تستجيبوا لدعوة الحوار . و للشعبي يقول سنحرجك من حلفاءك و نعظِّم الثمن الذي ستدفعه إذا أقدمت على المصالحة …. الخ .
أخشى أن يكون ما يكتبه إسحق هو محاولة لقطع الطريق على مساعي الحوار الوطني الشامل ، و أخشى ، و لا أتهم ، أن يكون إسحق ، من حيث لا يدري ، هو أحد أدوات المخابرات الأجنبية التي يحذر دائماً من مخططاتها .
الأسئلة أعلاه ليست موجهة لثلاثي الترابي و البشير و علي ، فهم مخطئين بالمفاصلة الحقيقية و ما نتج عنها ، و لا يكفر عن أخطائهم إلا حوار شامل جدي لكل أبناء الوطن يكون حصاده لمصلحة الجميع ، و لكنها موجهة لشيخ إسحق الذي يريد أن يحملهم خطاً مضاعفاً بحديثه عن المسرحية ، و لضميره : هل يرى أن الثمن الباهظ الذي تم دفعه يمكن عده شئ عادي كان ضرورياً “للمسرحية الجيدة” التي بنهايتها “يتنهد المشاهد في راحة ” ؟ سيتنهد المشاهد في راحة مشوبة بالأسى على ما فات لو أن المتفاصلين علموا المخاطر الناتجة عن مفاصلتهم الحقيقة و فتحوا صفحة جديدة للتعافي الوطني الشامل .
إبراهيم عثمان – مكة المكرمة
لا تأخذ بكلام إسحق في هذا الموضوع .. وأنا شاهد على أن ما كان بين على عثمان والترابي خصام وقطيعة تامة .. وليست هناك مسرحية .. لكنه خيال قاص .. حتى أن على عثمان الذي لم يعرف بالمهاترات قال في خطبة له ـ عن عودة الترابي للتقارب مع الوطني ـ إن عودته لن تزيدنا إلا خبالا