رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : حوار الحكومة والترابي.. تَناقض التصريحات

[JUSTIFY]كان تعليق الحزب الشيوعي على تطورات الساحة السودانية ينم عن شعوره بشيء من البؤس السياسي، فبدلاً من أن يقول بأن منهجه كحزب شيوعي يتبنى الماركسية القائمة على الحوار والجدل أصلاً أي قائمة على «الديالكتيك» كما يُعرف عند الشيوعيين، ومعناها فن الجدل والنقاش في الوصول إلى الحقيقة كما جاء في كتاب الكاتب الروسي أفانا سييف تحت عنوان فلسفة الايدولوجية الماركسية اللينينية. وهذا يرشد الحزب الشيوعي السوداني إلى قبول الحوار مع أي جهة بما فيها الحكومة نفسها. إلا أن ما يحدث هو العكس، فبعد أن تجاوب حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر الشعبي مع الرغبة الحكومية في الحوار وبدون شروط، لأن الشروط نفسها تحتاج إلى حوار حولها في البداية وهذا يعني تلقائياً انطلاقه بدون شروط حول الشروط، فإن الحزب الشيوعي علّق قائلاً بأن داخل حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي أشخاص مستفيدون من بقاء النظام الحاكم. وهذا التعليق يفتح المجال واسعاً لتنهال عليه التساؤلات التي سيجد نفسها مورطاً بين الإجابات عليها. أولاً لماذا يرفض الحزب الشيوعي الحوار مع الحكومة، هل لأسباب وطنية أم بسبب واقعه الساسي المزري الذي يملي عليه رفض الحوار حتى لا يضيع بريقه الذي يكتسبه بالرفض إذ ليس له ما يميزه غير ذلك على اعتبار أنه حزب متوقف النمو السياسي؟!.

السؤال الثاني: هل يجد الحزب الشيوعي نفسه يتيماً سياسياً في الساحة إذا ذهبت بعض الأحزاب صاحبة القاعدة العريضة مثل حزب الأمة أو الأصوات الجهيرة مثل حزب الترابي إلى الحوار السياسي مع الحكومة؟!. إذا كانت الإجابة بنعم فهذا يعني إنه حزب يعيش بالتنفس الصناعي الذي يتوفر له في إطار حلف الأحزاب المعارضة، وحينما يتداعى الحلف تتداعى الظروف السياسية القاسية على الحزب الماركسي اللينيني كما تتداعى الأكلة على قصعتها.

لكن إذا راجع الحزب الشيوعي بدقة تصريحات المؤتمر الشعبي حول مشروع الحوار مع المؤتمر الوطني يمكن أن يفسر لماذا أدار له ظهره وتوجه إلى حيث من يحكمون؟! إن الأمين السياسي لحزب الترابي المحامي كمال عمر يطالب بأن يصل حوار حزبه مع الحكومة إلى اتفاق مثل اتفاقها في مصوع والقاهرة مع بعض الأحزاب. أي أن المشاركة بمناصب تبقى مهمة في ثمرة الحوار. وهنا يمكن أن يقول الحزب الشيوعي إن هؤلاء يريدون المناصب. وإلا فماذا يقصد بتعليقه؟!. وما هي هذه المصالح التي يشير إليها؟!

لكن رغم أن الحزب الشيوعي يتحدّث عن موضوع الحوار الذي استجاب له المؤتمر الشعبي، فإن الأخير يحاول أن يضع صيغة توفيقية في أحاديثه حول هذا الحوار. كأن يلوّح بأن فكرة إسقاط النظام يمكن العودة إليها.. حال لم يستجب الحزب الحاكم للشروط. أما الحزب الشيوعي من جانبه فينظر إلى مثل هذا التهديد على إنه من باب ذر الرماد في عيون المعارضين الذين لم يستجيبوا. والمؤتمر الشعبي نفسه يُدرك الآن أن لعبة معارضة النظام ليست ذات قيمة تذكر. فقد استطاعت الدولة رغم التحديات التي تواجهها أن تضع في ذهنية المعارضين فكرة التعامل معها حتى ولو بشروط صورية. لكن الأخبار بشأن الحوار بين الحكومة والمؤتمر الوطني يوم أمس قد تضاربت، أو أن التناقض كان يعتري تصريحات حزب الترابي. فبالرغم من إنه ألمح إلى اللجوء إلى برنامج اسقاط الحكومة إذا لم تكن الحكومة وافية بوجهة نظره طبعاً فإن كرت إسقاطها «في الجيب»، أو في «المخزن». لكن صحيفة مثل «ألوان» موالية للترابي من خلال صاحبها تبرز على صدرها تحذير المؤتمر الشعبي للمعارضة من محاولة إسقاط النظام.

وكانت إشارة التحذير لما رافق تجارب «الربيع العربي» التي حدثت في مصر واليمن وسوريا. ويبدو أن مرحلة ما بعد «الربيع العربي» جاءت كسباً للدول التي لم تغشها نسائمه العليلة لما تبعها من مآسٍ. وهذا تناقض في منهج تصريحات المؤتمر الشعبي. فكيف تلوّح بكرت إسقاط النظام، حال فشل الحوار، وقبل بدئه تحذّر من تداعيات الربيع العربي في الدول الثلاث آنفة الذكر؟!. على أية حال رحم الله امرء عرف قدر نفسه، ولو كان حزب المؤتمر الشعبي يرى إمكانية إسقاط النظام لما تجاوب مع الحوار مع الحكومة. أما الحكومة من جانبها رغم علمها بذلك ورغم طرح العملية الديمقراطية منذ التوقيع على اتفاقية نيفاشا، فإن الأفضل لها أن تحاور.. وما أسهل محاورة حزب فرَّط في الديمقراطية مثل حزب الأمة القومي!! وما أهون مجادلة حزب مثل الذي يقوده الترابي الذي لم يستطع مع الرئيس صبراً حينما حل المجلس الوطني!. فكان سيعود المجلس وعلى رأسه الترابي. لكن وكما يقول الشاعر: «ما ضاقت بلاد بأهلها.. ولكن أخلاق الرجال تضيق». وكان الأفضل أن يكون حوار الحكومة والترابي آنذاك لولا مقتضيات السياسة الخارجية. فهل ما عاد اليوم الحوار مع الترابي مهدداً دبلوماسياً؟!.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. الاخ حسن كسلا .. يا اخي مكايدات الجدل الفارغ بالتصويب نحو الشيوعي والعلماني والبعثي وكل من هو خارج دائرة الانقاذ لا يفيد البلد في شئ غير صرف انظار الناس عن جوهر معاناتهم التي خذلنا الرئيس في مخاطبتها مباشرة كانعدام الحرية والفقر والمسغبة وفساد الذمم والاخلاق والتمكين والحرب المستعرة في اطراف البلاد دع عنك سؤ العلاقات الخارجية واضطرابها. كل تلك المساوئ التي يعايشها المواطن هي مكتسبات لا نكوص عنها للحركة الاسلامية والحكومة ومرتزقة النظام. لذلك ليس مهما من وافق على محاورة الحكومة ولكن الاهم هو هل ان الحكومة جادة في الحوار؟ ومن هي الحكومة؟ هل هي المؤتمر ام الحركة الاسلامية؟ ومن هي الجهة التى تعارض بسط الحريات؟ من هي الجهة التي ترفض الحكومة الانتقالية برئاسة البشير؟ من هي الجهة التي تصر على الاستئساد بالسلطة وصولجان الامن؟ انها الحكومة والحركة الاسلامية. الحكومة والحركة كليهما حددا سقف الحوار وهو ان اي حوار او وفاق يبعدهما عن السلطة او يشاركهما فيها مرفوض مرفوض مرفوض ولو جاء باجماع كل الفرقاء. الشيخ الزبير بتاع الحركة جابها على بلاطة انه لا حكومة قومية او انتقالية او وفاقية، مغبة ان يفعل بالاسلاميين ما فعل بزملائهم في مصر. اما البشير فقد اكد ألا تأجيل للانتخابات، مما يعني ان المؤتمر سيفوز بذات الطريقة القديمة باستخدام امكانيات دولة التمكين للبقاء في السلطة ولا مانع من التزين بقليل من سواقط الاحزاب كمسار ونهار والمخرجات التناسلية للطائفية البغيضة بود المهدي على يمين الرئيس وود المرغني علي يساره .. بلا حوار ولا وفاق وليذهب السودان ما بقيت الانقاذ.