رأي ومقالات
الدكتور عبدالوهاب عثمان.. كاتم أنفاس الدولار
غير أنه كانت هناك نقطة هامة ظلت مصدر تأمل لي إلى الآن. فقد أخبرتني السكرتيرة أنني مطلوب في مكتب السيد وزير المالية. وكنت أتساءل ما الذي يريده مني السيد وزير المالية وأنا لم يمضِ على تعييني إلا بضعة أسابيع. وراودتني بعض الأفكار المخادعة التي لا ينجو منها أحد في مثل هذه الظروف وهي أنه لا بد أن يكون السيد وزير المالية قد سمع بتقلدي لتلك الوظيفة ويريد أن يتعرف على هذه الشخصية العبقرية التي ستساهم في دفع عجلة الإنتاج وبالتالي في تحسين وضع ميزان الإيرادات بما أضخه من أموال في نهر الاقتصاد السوداني.
السيد وزير المالية كان هو الدكتور عبد الوهاب عثمان. وعندما وصلت مكتبه قدمت نفسي لمدير المكتب الذي أجلسني بحفاوة ريثما يدخل ليخبر السيد وزير المالية بمقدمي الميمون. في هذه الأثناء جرَّبت عدداً من الابتسامات فاخترت ابتسامة تدل على الثقة بالنفس وتناسب نوع ربطة العنق التي تفننت في ضبطها.
وسمعت السيد وزير المالية يقول لمدير المكتب:
أيوا… مدير ساريا خليهو يدخل.
وما إن تخطيت عتبة الباب وقبل أن ألقي التحية على السيد وزير المالية فاجأني قائلاً:
تعال هنا.. إنت عايز تحطم الاقتصاد السوداني؟
وارتبكت ولم أعرف بماذا أجيب غير أن أقول:
أنا ؟
أيوا إنت ..
كيف يا سعادتك أكون عايز أحطم الاقتصاد السوداني؟
أجاب: إنت مش مدير ساريا؟
أيوا.
قال بحدة: يا أخي نحنا تعبانين نثبت في سعر صرف الدولار تجي إنت تقوم تلخبط سياستنا دي؟
قلت ولم يظهر عليّ أي نوع من الفهم: بس أنا ما فاهم كيف أنا لخبطت سياستكم؟
قال:
إنت مش اشتريت من السوق السودا 100 ألف دولار؟
مية ألف دولار أنا أجيب سعرها من وين؟ وأعمل بيها شنو؟
أجاب مؤكداً:
إنت مش مدير ساريا؟
نعم.
طيب أنا جاني تقرير إنك اشتريت من السوق السودا 100 ألف دولار.
ما حصل..
وطيب دا شنو؟ وأشار لتقرير على ورقة كان يمسك بها..
وهنا دخل أحد معاونيه.. وقال:
سعادتك مش المدير دا… في شركة تانية اسمها سارية والجماعة غلطوا ورفعوا ليك تقرير غلط. المدير دا ما هو اللي اشترى الدولارات .. داك مدير تاني.. معليش يا دكتور نحنا غلطانين..
وهدأت ثورة السيد الوزير واعتذر لي وقال لي مداعباً:
خلاص طلعت براءة.
فطلب مني الجلوس وقال:
يا أخي نحنا تعبانين عشان نثبت سعر الدولار… وأي زول عايز دولارات يجينا بنديهو لكن بعض الناس مصرين إنهم ينشطوا السوق السودا مع إنو أحسن ليهم ياخدوا من البنوك وبالسعر الرسمي.. ودا في صالحهم وصالح البلد.
خرجت من مكتب السيد الوزير تتنازعني أفكار وخواطر عديدة. وظلت تلك الخواطر تنتابني كلما أرهق ميزانيتنا الدولار بصعوده الصاروخي منذ أن فارق الدكتور عبد الوهاب عثمان وزارة المالية. فهذا رجل نذر نفسه لكتم أنفاس الدولار حتى لا يصاب بالانفلات العام. وكان يسمع دبيب الدولار داخل خزائن ومخالي وتحت عناقريب رجال الأعمال ويؤرقه أن يسري الدولار ويسرح ويمرح ويخرج من شرايين اقتصادنا دون رقيب أو حسيب. ولذلك ظل الدولار في مواعينه لا يتطاول علينا بفضل سياسة القبضة الحديدية التي ابتدعها الدكتور عبد الوهاب عثمان ومن سار على نهجه حتى جاء اليوم الذي ارتخت فيه تلك القبضة الحديدية فخرج الدولار من قمقم عبد الوهاب ليثير الرعب في الجميع والكل يقول لك:
نعمل شنو.. مع الدولار؟
وصاحب الطماطم اليوم يتحدث عن الدولار
وصاحب العناقريب يتحدث عن الدولار
وصاحب العربات يتحدث عن الدولار
والبنت الواقفة في الصيدلية تتحدث عن الدولار بينما تقلب في يديها شريط البنادول.
والذي فعله الدكتور عبد الوهاب عثمان أن وضع ذلك الدولار في قمقم وأغلقه وجعل له ضوابط تماماً كما يفعل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ومن ورائه تلك الأطنان المأنطنة من الذهب في فورت نوكس. فمثلاً يحدد البنك المركزي الامريكي أنه على أي بنك أن يحتفظ بعشرة في المائة من الودائع كاحتياطي مع إمكانية التصرف في «90%» في معاملاته. فمثلاً إذا أودع أحد الأشخاص 1000 دولار على البنك أن يحتفظ بمائة دولار كاحتياطي وأن يدخل الـ900 دولار المتبقية في معاملاته ولنفترض أن شخصًا استلف تلك الـ900 دولار من البنك وذهب واشترى بها سيارة وقام صاحب تلك السيارة بإيداع الـ900 دولار في حسابه في البنك فإن للبنك الحق أن يحتفظ بتسعين دولارًا كاحتياطي وأن يقوم بتسليف الـ810 دولات المتبقية وتستمر الدائرة وهكذا ترى أن الألف دولار التي أودعها الشخص الأول للبنك يمكن أن تحقق للنظام المصرفي تعاملاً في حدود 9 آلاف دولار كسلفيات، وبالتالي فإن ما يضخه البنك المركزي من «100» مليون دولار في النظام المركزي تظهر في معاملات بحجم «900» مليون دولار .. وهي التي يلجأ إليها الاحتياطي الفدرالي لطبع عملات ورقية لم تكن موجودة من قبل. وهي ذات العملية التي اعتمد عليها بنك الاعتماد والتجارة في تضخيم رأس ماله بإغراء الدول والحكومات بإيداع حساباتهم في فروع البنك المنتشرة في جميع أنحاء العالم وفي تحويل تلك الودائع من هونج كونج إلى جزر كيمان إلى لندن وتضخم صورتها النظرية مع ضمور قيمتها الحقيقية.. وبالتالي يستطيع أن يستخدم تلك كرهن يحصل فيه على ضمانات بنكية إضافية.
ومنذ اليوم الذي ناداني فيه الدكتور عبد الوهاب عثمان لمجرد أنه سمع أن هناك من يحاول أن يُخرج تلك الدولارات من القمقم أعجبت بتفاني الدكتور متعه الله بالصحة والعافية فهكذا تُرسم السياسات التي تبقى في الأرض لتنفع الناس.
فيا أيها الدولار كم باسمك ترتفع أقدار قوم وكم باسمك يسقط أقوام من ذاكرة الدنيا!!.
نشر بتاريخ الإثنين, 1/ديسمبر 2013 في صحيفة الانتباهة
للكاتب الدكتور محمد عبدالله الريح
هذا يسمى فى الاقتصاد finance of credit وهو الذى يحدد الية البنوك لسياسة النقد عموما اجل اجنبى والمحلى ، لكن نقطة التحول الرئيسية فى انهيار السياسة النقدية هى تعامل الشركات الحكومية فى السوق السوداء فكيف يستقيم الظل والعود اعوج مثال اخر مستحقات الجنوبين وتسويتها بعد الانفصال مفروض تتم هذه التسويات عن طريق الجهاز المصرى بالتنسيق مع دولة الجنوب ولكن للأسف كل الجنوبين أرسلتموه مستحقات نهاية خدمتهم بالجنيه السودانى ودخلو السوق الاسود بحثا عن الدولار
بيع منازل الجنوبيين بالسودانى ودخولهم السوق السوداء
البنوك تعطى المستثمرين بأذنيه السودانى ويدخلو السوق الاسود
الاقتصاد فن وقراءة للواقع اين نحن من هذا نحن لان طلب تحسين سعر الصرف فقط تثبيته لكى يقف هذا الانهيار
يا دكتور المعروف عنك انت طبيب بيطري الوداك للجماعة (نافع واخوانه) تتعين معاهم مدير مجمع صناعي شنو ….؟
[FONT=Times New Roman][SIZE=4]يا (واحد تاني) حسب علمي أن د. ود الريح بتاع علم حيوان ZOOLOGY وتدرج حتى نال درجة الدكتوراة في مجاله، وهو راجل موسوعة في علم الحيوان وكاتب ساخر، باختصار راجل متعدد المواهب، ويعتبر من أفذاذ المثقفين، متعه الله بالصحة. بس دقس دقسة في مقاله أعلاه، حيث وصف الصيدلانية (بالبنت الواقفة في الصيدلية)، رغم ما بذلته (تلك البنت) من جهد في دراسة الصيدلة الصعبة جدا، و رغم انه اضطر لدراسة علم الحيوان لأن الدرجات التي تحصل عليها لم تسعفه لدراسة الصيدلة أو غيرها من العلوم الطبية، ان لم تكن هناك كلية للصيدلة حينها، وقال يلا .. كلو (باركس).. ولبن وباسطة.[/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][COLOR=#8128F7]بس بقت علي الصيادلة، عشان يطوروا، أقل حاجة هم (واقفين) وبيشتغلوا أحسن من القاعدين طول اليوم مشغولين بالواتسو منتظرين صحن البوش، خلينا من الكلام … كدا ورينا التطور اللي عملتوا انت في مجالك … ما أسهل التنظير !![/COLOR]![/SIZE]