منوعات

أرزاق نبقة “الفقراء” تفاصيل ما قبل “جولات” البيع

[JUSTIFY]لم يكن في مقدوره التوقف عن السير ولو للحظة واحدة !!

هكذا ينفق “عبدالله أحمد” سحابة يومه متجولاً وسط السوق العربي وهو يدفع درداقتة المليئة بالنبق بحثاً عن مشترٍ يخفف عليه عبء الحمولة التي لم يكل ولم يمل من دفعها أمامه قط منذ أن امتهن تجارة النبق قبل أربعة أعوام تقريباً.

“عبدالله” القادم من كردفان له معرفة دقيقة بالنبق الذي تعتبر كردفان نفسها من أشهر مناطق إنتاجه، ولكنه لم يكن يتوقع أن – للنبق- سوقاً رائجة في حواري وعشوائي أسواق نمر (قرب موقف الاستاد)، وما نبت قربها من كليات ومعاهد، غير أن موضة النبق الفارسي التي ضربت الخرطوم قبل أعوام قليلة فتحت شهية الناس للنبق المحلي، وبهذا وجد “عبدالله” سانحة جيّدة لمصدر دخل غير متوقع مطلقاً.

مناطق الإنتاج

كغيرها من ولايات قليلة، تميزت كردفان الكبرى بإنتاج عدد من المحاصيل والثمار النادرة في مواسم محددة دون أن يبذل أحد مجهود في إنتاجها، وعندما تستوي هذه الثمار تصبح مصدر دخل لعدد وافر من السكان الذين يعتمد أغلبهم على جمعها وبيعها بحسب “عبدالله أحمد” الذي قال: بعض السكان يكسبون قوتهم اليومي من خلال جمع وبيع النبق الذي يعتبر أحد عشرات الثمار التي تنتجها أراضي كردفان ويستفيد من ورائها العشرات من النساء والرجال في موسم يمتد لثلاثة أشهر تقريباً بجانب اللالوب والصمغ العربي وغيرها. ويضيف عبد الله أحمد مبيناً أن ثمار النبق توجد بكثرة في عدة مناطق أشهرها منطقة العباسية وأبو جبيهة وأم قماري وتلودي والدلنج ورشاد ولكن بعد التمرد أصبحت تلك المناطق شبه مغلقه ولم يتبق منها إلاّ أبوجبيهة وأم قماري والعباسية تقلي على حد قول عبدالله.

المواسم وطريقة الجمع!

يقول “عبدالله أحمد”: يبدأ موسم جمع النبق أواخر الخريف، وأوائل الشتاء في مناطق الغابات المدارية، ويستمر الموسم من يناير حتى مارس وينتهي تدريجياً بحلول مايو ثم يتلاشي تماماً، لأن الرعاة يجتاحون الغابات بقطعانهم بعد حصاد الزرع، ويقضون على ما تبقي منه تماماً. يستطرد “عبدالله”: عملية جمع النبق من الغابات تأخذ مجهوداً جباراً يقوم به السكان المحليون خاصة النساء والأطفال، فهولاء يشرعون ومنذ بداية الموسم في حصده بطرق محددة يحذقونها جيداً، ومن ثم يقومون ببيعه لتجار محليين في مناطق الإنتاج، وبدورهم التجار يقوم المحليون ببيعه للتجار القادمين من الخرطوم، ومن ثم تتم توزيعه لتجار القطاعي الذين يستخدمون الدرداقات لتوزيعه بأوزان مختلفة.

طريقة البيع والأسعار

يتعرض النبق خلال رحلته الطويلة من مناطق الإنتاج وحتى الخرطوم لضرائب وجبايات متعددة تضاف جميعها إلى أسعار الشراء ولهذا عندما يتم بيعه لتجار القطاعي تصبح أسعاره مرتفعة جداً مقارنة بتلك التي تم شراؤه بها من مناطق إنتاجه.

ويقول”عبدالله”: سعر الجوال الواحد يتراوح ما بين (270-300) جنيه، ومعلوم أن سعة الجوال ثلاثون ملوة، ولكن بعد النظافة يفقد ما بين (5-10) ملاوي من وزنه الحقيقي.

وتقسم الملوة إلى عدة أوزان صغيرة تبدأ بسعر جنيه واحد وجنيهين وثلاثة جنيهات وأربعة جنيهات وخمس جنيهات، أما الملوة فتباع بعشرين جنيها. ويوضح “عبدالله” أن الجوال يتم استهلاكه في فترة لا تتجاوز الخمسة أيام في أسوأ الظروف.

الأكثر الفئات شراء للنبق

لا يقتصر شراء النبق على شريحة بعينها بحسب “أحمد مريود” زميل عبدالله، ولكنه قال: النساء هن الأكثر إقبالاً على الشراء وخاصة الطالبات وصغار السن فهؤلاء يرغبن فيه أكثر من غيرهن وفي كل الأوقات، أما الرجال فإقبالهم عليه متدن للغاية وفي بعض الأحيان لا يشتري أحدهم منه شيئا إلا إذا كان برفقة امرأة وغالباً ما تطلب منه شراءه وتلح عليه في ذلك.

منافسة حادة مع الفارسي!!

لم يفكر أحد في تجارة النبق من قبل كما ذكر “إسماعيل أحمد” الذي ظل يعمل في بيع النبق منذ حوالي خمسة أعوام قبل أعوام قليلة ولكن النبق الفارسي غزا الأسواق وأصبح مسيطراً عليها بسبب أن الناس كانوا يفضلونه على النبق المحلي، وبدأ النبق المحلي تدريجياً في الظهور في الأسواق ومن ثم تدحرج نجم الفارسي حتى خبا نهائياً وشرع الناس يعودون للمحلي الذي احتل مكانه الطبيعي وتذيل الفارسي القائمة مما جعل مستورديه يكفون عن استيراده مؤخراً بصورة لافته للغاية.

أمريكا تأكل نبق

“إسماعيل أحمد” الذي يقضي جل نهاره أمام كلية التكنولوجيا بجامعة السودان يري أن إقبال السودانيين في الفترة الأخيرة دفع الأجانب لشرائه وأن الكثيرين منهم يأتون خصيصاً للسوق من أجل شراء النبق الذي أصبح يصدر إلى أمريكا والكثير من الدول الأوروبية والعربية.

وتوقع “إسماعيل” أن تتجاوز سمعة النبق في القريب العاجل سمعة الفول السوداني الذي يعتبر الآن ماركة عالمية مسجلة باسم السودان ولكن في ظل الفوضى الرسمية في التعامل مع كل من هو سوداني لا يستبعد إسماعيل أن تقوم دولة ما باستزراع الأشجار التي تنتجه وبعد أعوام قليلة نفاجأ به يأتي إلينا من إحدى بلدان الواق واق.

صحيفة اليوم التالي[/JUSTIFY]