حوارات ولقاءات

حوار مع رئيس مجلس إدارة شركة الأقطان المستقيل د: عثمان البدري

[JUSTIFY]شركة الأقطان التي شغلت الرأي العام على مدى عدة سنوات وما زالت إلى اليوم تثير مواجع كبيرة حول سوء الإدارة التي يمكن أن تتحول إلى مغامرة كارثية تُطيح القطن في وقت تحتاج فيه البلاد للموارد المالية بعد ذهاب ثلثي إيرادات البلاد بعد انفصال الجنوب.. رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب المكلف بشركة الأقطان لفترة ثلاثة أشهر قبل أن يتقدم باستقالته الدكتور عثمان البدري التقته (الصيحة) حول أسباب استقالته والفترة التي أدار خلالها مجلس إدارة الشركة وعن مجالس إدارة المؤسسات بالبلاد وكيفية عملها وماذا خسر الاقتصاد السوداني من سوء إدارة شركة الأقطان. والبدري هو أستاذ إدارة التنمية والموضوعات المعاصرة بمعهد الدراسات الإنمائية جامعة الخرطوم، فإلى ما دار في الحوار:
ماهي شركة الأقطان؟ شركة الأقطان تعتبر شركة خاصة تحت قانون الشركات لعام 1925 وثلاثة ارباع المساهمين فيها هم من المزارعين أي حوالى (170) ألف مزارع هم من حملة اسهم شركة الأقطان واغلبهم من مزارعي الجزيرة والرهد وحلفا، والثلث الباقي من المساهمين مقسم على بنك المزارع التجاري وصندوق المعاشات.
كيف تُدار الشركة؟ مجلس المديرين يمثل الملاك والمجلس يدير علاقات المؤسسية للشركة وتاريخيًا مشروع الجزيرة يمثل بـ (4) أشخاص، ومجلس الإدارة مسؤول عن الشركة تمامًا ومساءل أمام الجمعية العمومية والتي تختار المجلس
مجلس الإدارة مسؤول عن الشركة؟ نعم لأن مجلس الإدارة هو مسؤول أمام الجمعية العمومية وليس أمام موظفي الشركة، والحكومة تشكل مجالس ادارات صورية لاستكمال الديكور وذلك لن يؤدي لأي نتيجة وهو ما يؤدي لخلق اجهزة ادارة متعطلة
متى تم حل مجلس ادارة شركة الأقطان؟ حل مجلس الادارة في 2012

متى تم تعيينك رئيسًا لمجلس ادارة شركة الاقطان؟ تم تعييني في يونيو 2012 لكني استقلت في 23 سبتمبر 2012 بعد ثلاثة أشهر.
كيف قدمت استقالتك؟ سلمت الاستقالة للمستشار القانوني ومسجل الشركات
هل كانت استقالتك مسبَّبة؟ نعم كانت مسببة واستشرت فيها المستشار عبد الله ادريس
دعنا نرجع للاجواء التي تم تعيينك فيها كيف كانت؟ الوقت الذي تم تعييننا فيه كان عصيبًا فهناك لجان تحقيق تعمل بعد حل مجلس الإدارة السابق وفي اول اجتماع لمجلس الإدارة قررنا ان نكون في حالة انعقاد دائم لأن امامنا تحديات كبيرة حيث ان الموسم الزراعي كان قد بدأ ومدخلات الإنتاج كانت متعثرة ورئيس الشركة السابق في الحراسة وهناك لجان تحقيق عدلية واجهتنا مشكلة السيولة وغياب المعلومات الكاملة حيث ان مجلس الإدارة السابق كان قد حل.
الجو العام عن الشركة كان سالبًا كيف عملتم في ذلك الوضع ؟
كنا حذرين ومضينا في خطتنا كنا نستشير المستشار القانوني فى أي خطوة قمنا بها وضعنا نصب اعيننا علاقة الشركة الكبيرة مع بنك السودان ووزارة المالية والمشروعات الزراعية الكبرى نظرنا لعلاقة الشركة مع الموردين ومع بنك النيلين والبنك الزراعي والبنك الاسلامي بجدة.

الجو العام كان سالبًا وهناك عقودات تمويل كبيرة واستجلاب معدات مختلفة جزء كبير من تلك المعدات كان عن طريق شركة مدكوت وشركة الأقطان عبر مجلس ادارتها السابق دخل في علاقات كثيرة وصفقات لم يكن سهلاً على افراد جدد مراجعة كل تلك الأشياء.
حدثنا عن مشكلة السيولة التي واجهتك؟ لم نجد سيولة حاولنا تدبير الأموال جلسنا مع محافظ بنك السودان وجدنا جزءًا من الأموال في محفظة تمويل القطن، واجهتنا مشكلة ان القطن لم يبع منه إلا 5% ولم يتم توزيع الأرباح المقررة وبدأت المطالبات بمبالغ ضخمة تأتينا من الدائنين وهناك مشكلة المزارعين الذين دفعوا مقدم تراكتورات والتي تغيرت أسعارها مع زيادة أسعار الصرف.
ماذا عن الموسم الزراعي آنذاك؟ قابلتنا مشكلات أخرى كثيرة تتعلق بفتح الاعتمادات للمبيدات والتقاوي بجانب عدم وجود مساحة لتزرع هناك مشكلات شركات الرش التي كانت تطالب باستحقاقاتها
هل كانت خطط الشركة واقعية؟ كانت الشركة تطمح لزراعة مليون ومائتي الف فدان تم زراعة 350 الفًا منها فقط، خُطط مجلس ادارة الشركة لم تكن واقعية ولم تصاحب عملية زراعة تلك المساحات أي عملية تخطيط اقتصادي علمية بل كانت الخطط عبارة عن امنيات وهو ما وضع الشركة في نهاية المطاف امام التزامات موثقة وحانت آجال بعضها.
لكن اليس الطموح الاقتصادي مهمًا؟ لا بد من الطموح والجرأة، لكن مع التخطيط الجيد وحشد الموارد في الوقت المناسب، لكن الأهم من ذلك تقييم النتائج والعائد من الخطط.. واموال شركة الاقطان هى اموال مزارعين مساكين.

ماهى ملاحظاتك الاولية على طريقة ادارة شركة الأقطان؟ وجدنا هيكل الشركة تقليديًا، فشكلت لجنة لإعادة بناء مؤسسي للشركة وتنشيط التنظيم الاداري لها، اعادة هيكلة الشركة لم نكن نريد بها فصل العاملين وانما النظر الى شركة الأقطان من ناحية انجاحها تجاريًا ومحاولة معرفة الى اين نتجه بالشركة مع وجود تحديات كثيرة.
كيف كانت إدارتكم للشركة في الفترة القصيرة التي توليتم رئاسة مجلس ادارتها؟ ركزنا على اهمية ان يعرف مجلس المديرين بأمر الشركة تمامًا ويجب ان يعرف عنها كما يعرفها المدير العام اتجهنا لوضع تقارير ميدانية حقيقية عن وضع الشركة في الواقع ولم يختلف المجلس حول أي عمل فالجميع شارك في ادارة الشركة.
هل انصلح حال الشركة اثناء فترتكم؟ العمل مضى بشكل جيد وفرنا مدخلاتى زراعة القطن واستكملنا صرف الأرباح وحصرنا كل التحديات التي تواجهها الشركة.
كيف كان موقفكم مع شركة مدكوت؟ حاولنا وضع العلاقات غير السوية بين الأقطان ومدكوت استشرنا مستشار الشركة عبد الله ادريس الذي قال ان الشركة لم تكن تستشيره ونصحنا نصحًا واضحًا بكيفية تسيير العلاقة مع شركة مدكوت حول تفكيك بعض العلاقات او تسويتها او الاستمرار في بعضها، وشركة مدكوت كانت لها علاقات عمل كبيرة مع الأقطان ومدكوت شريك للأقطان وبين الشركتين علاقات عمل كبيرة وصفقات، والعلاقة كانت عضوية الى حد بعيد.
لماذا استقلت؟ لم نتفق في مجلس الإدارة بخصوص اختيار مدير للشركة فقد كان رأيي واضحًا وناس مجلس الإدارة كانوا مقتنعين به لكن مجلس الإدارة لم يمضِ فيه.
رأيك كان شنو؟ كنت ارى ضرورة اعادة تقييم عمل الشركة المؤسسي وشكلت لجنة اصلاح مؤسسي من أشخاص ذوي خبرة ومقدرة على رأسهم بروفيسور احمد حسن الجاك عميد كلية العلوم الادارية بجامعة الخرطوم وعضوية برفسور عبد القادر محمد احمد عميد كلية العلوم الادارية الحالي وهو من ابناء الجزيرة وبرفسور عبد الله عبد السلام والدكتور عمر عبد الوهاب وكيل الزراعة الأسبق والدكتور هاشم العبيد وآخريون مؤهلون وقطعت اللجنة شوطًا كبيرًا في وضع مؤهلات المدير العام وهل يتم اختياره من داخل او خارج المجلس وحددت اذا كان من خارج المجلس ماهية المواصفات واعلان الامر عبر التنافس الحر.. لكن بعض اعضاء مجلس الادارة كانوا يصرون على شخص بعينه وهناك جهات كثيرة كانت تحاول التأثير عبر مناورات وتدخلات.. كان رأيي ان ذلك الشخص غير مناسب وغير مجدٍ ولن يأتي بنتائج وستكون كارثية وهذا الوضع يخلق مؤسسات ادارة صورية.
ما هي خطورة مجالس إدارات الشركات الصورية؟ كثير من مجالس ادارات المؤسسات الآن تتحدث عن الشورى ونقاشات داخلها لكن كل ذلك نقاش صوري ويحدث فيه اجماع لكنه شكلي وصوري وليس نقاشًا جادًا والمقصود به التسويق اكثر من كونه تشاورًا والمديرون ومجالس الادارات يقصدون بتلك النقاشات تمرير افكارهم على الناس وليس المشاورة وتقليب الرأي والرأي الآخر.
لماذا لم تجدوا معلومات عن وضع الشركة؟ نعم لم نعثر على معلومات لأنها إما محرَّزة أو لدى الجهات العدلية بينما بعض المعلومات الأخرى كانت خارج الشركة لأن الشركة كانت فوضت بعض إجراءاتها لآخرين من خارج الشركة.

ماذا عن وضع المحالج الجديدة التي كان من المفترض تركيبها؟ المحالج كانت اكبر مشكلة فالشركة تعاقدت على بناء (10) محالج جديدة من تركيا ومن ضمن العشرة محالج كان هناك محلجان لم يحدد مكان تركيبهما رغم التعاقد مع الشركة التركية، المشكلة الكبيرة كانت في ان اقساط العشرة محالج حان اوان دفع اقساطها، مجلس الادارة السابق اخطأ في التعاقد لإنشاء عشرة محالج بقيمة 55 مليون دولار دفع السودان 27 مليونًا منها كمكوِّن داخلي وهناك مشكلة في المحالج ان البائع والمشتري وكيلهم واحد.. وكان يمكن صيانة المحالج القديمة وهناك جانب مهم ان تلك المحالج لن تجد ما تحلجه لضعف انتاج البلاد من القطن
ما الذي خسره السودان من مشكلة شركة الأقطان؟ خسر السودان كثيرًا بضياع او تأخير إستراتيجية زراعة القطن، والقطن مهم من ناحية الزراعة والصناعة والتسويق .. سددت ضربة موجعة لقطاع زراعة القطن فالقطن سلعة زراعية وصناعية لها ارتباطات خلفية وامامية من ناحية العمالة والآليات والروش والمحالج والشركات ومصانع الغزول والنسيج والمصارف وشركات التأمين وشركات النقل البري والبحري.. اصبح وضع القطن مزريًا مع الاحتمالات الكبيرة والفرص المواتية التي اهدرت لوضع لبنات صلبة في الاقتصاد السوداني كما حدثت المشكلات الحالية التي يواجهها سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.

صحيفة الصيحة
عبد الوهاب جمعة
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. طيب والآن ماذا حدث ؟.يجب حل مشكلة مشروع الجزيرة بإعادته على النظام القديم قبل خرمجة النظام الحالي فيه ويعيدوا كل الموظفين الذي كانوا موجودين قبل 1989 .واعادة الري لوزارة الري والمفتشين والصمداء والخفراء ومحاولة شق ترع رئيسية زيادة وبهذا تحل ازمة العطش لأن المشكلة التي هي اكثر اسباب دمار المشروع هي العطش وقلة الامطار والآن الملاحظ تقلب الاجواء في الامطاروتغيرات المناخ في المنطقة العربيةممايسعاد بعض الشئ في حل مشكلة العطش .وربما هي رحمة لشعب السودان المقلوب على أمره.نسأل الله أن يحفظ بني السودان ويكفيه شر مصر