رأي ومقالات

أبشر الماحي الصائم : المهدي يصطاد فيلاً !

[JUSTIFY]كأنّي بالسيد الامام الصادق المهدي الذى ارسل ابنه عبد الرحمن الى القصر منذ وقت مبكر، ثم ذهب هو الآخر الى طاولة حوار الحكومة برغبة كبيرة، كأني بالرجل فى ظل (حملة ضارية) من قبل اصدقائه القدامى فى تحالف المعارضة، ذلك مقروءاً مع حملة شرسة ترقى (لكسر العظم) يضلع بها ابن عمه مبارك الفاضل المهدي بعد عودته مؤخراً الى الخرطوم كأني به كان في حاجة الى (فعل حكومي باهظ) يبرر كل تلك التفاهمات والتحلفات التى يبني عليها مناوئوه حملاتهم الشرسة، فقد كانت (وثبة جهاز الامن) الاخيرة التى ساق بموجبها الرجل الامام الى مخافر تحقيقاته.

فقد عاد الرجل الامام من أضابير ومضابط جهازالامن والمخابرات بطلاً جديداً قديماً، وربما كان مبلغ سعادة الامام الباهرة أن أكابر مستقبليه ومحتفليه هم دهاقنة المعارضة الذي لم تجف بعد اتهاماتهم له بأنه (صناعة حكومية متقنة) لتفخيخ المعارضة من الداخل.

اذا اسقطنا (الخسارات الوطنية والقومية والاخلاقية) التى منيت بها الدولة من جراء استهداف قوات الدعم السريع وهذه حسابات لا يعلم بها أحد من الساسة عندما يحشرون فى الزاوية، عدا ذلك، فإن الرابح الاعظم هو الامام نفسه الذى كان فى حاجة ماسة لردة فعل ترمي به في أتون الاجهزة الامنية.

ربما لن يكون الامام الصادق واتسقاقاً مع مواقفه المناهضة للعمل العسكري الذي تتبناه الحركات المسلحة، ربما لم يكن مؤمناً تماماً، بأن قوات التدخل السريع التى جعلت التمرد يتراجع تستحق هذه الهجمة الضارية التى شنها الرجل حتى دون مناسبة ومسوغات.

لكن في المقابل ربما كان مؤمناً بالتدخل السريع من قبل اجهزة الدولة الامنية التى تمتاز بحساسية حيال هذا الامر، ومهما تفاءل الرجل فى هذه الردة لم يكن يتصور انها ستكون بهذا الزخم والحجم الكبيرين.

والتاريخ يعيد نفسه ما اشبه الليلة بالبارحة، والامام فى كل مرة يذهب ليصطاد ارنباً فيجد نفسه يصطاد فيلاً! هكذا تنفست الدكتورة مريم الصادق وشقيقتها رباح وكل جموع الانصار تنفسوا الصعداء والامام يدخل مقرات الامن خاسراً سياسياً بفعل تقاربه مع اجهزة النظام، ويخرج بطلاً تحفه الزغاريد والتهاليل والتكبيرات.

ثمة ملاحظة اخرى جديرة بالاهتمام، وهي ان تحالف المعارضة لم يصدق ان يعد له سوقاً رائجة على قارعة جهاز الامن فأسرع الى تسويق بضاعته المزجاة، وكثير من المعارضين طفقوا يبيعون ويشترون فى سوق أقرب الى (لأسواق الشمس) التى لم يدم ظلها طويلاً.

عندي قناعة قديمة تفتأ الاحداث تجددها وتؤكدها بأن حزب الامة القومي فى حضرة المهدي سيظل (حالة ثالثة) فى المسرح السياسي فلا يجب ان تحسبه المعارضة فى أرقامها ولا تتحسب الحكومة لدور فاعل له فى صفوفها.
وفى حساب الارباح والخسائر لا اعرف مكاسب جهاز الامن من هذه الهجمة المرتدة.. ماذا لو ترك الجهاز هذا الامر يمر في يوم واحد بدلاً عن تداعياته التى ستراوح شهراً كاملاً؟ لكن ربما تكون رسالة الجهاز لكثيرين بالداخل والخارج ان هذه القوات خطر أحمر..!

صحيفة اليوم التالي
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد