عالمية

فوز السيسي بانتخابات الرئاسة.. “انتصار ساحق يشوبه ضعف الإقبال”

المعركة الحقيقية للمشير كانت مع نسبة المشاركة وليست ضد منافسه الوحيد صباحي وقلة أعداد الناخبين أظهر عمق الاستياء الشعبي تجاه القائد السابق للجيش وشكلت “ضربة” لمصداقيته.

انتصار “لم يكن محل شك قط يشوبه ضعف إقبال الناخبين”، هكذا علقت عديد من وسائل الاعلام الغربية على فوز المشير عبد الفتاح السيسي بـ96.7 % من الأصوات الصحيحة على منافسه الوحيد حمدين صباحي الذي حصل على 3.3%، وفق حصر للأصوات أعده مراسلو الأناضول.

إذ قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في افتتاحيتها تحت عنوان “الحاكم العسكري في مصر يعاني من الإحراج في الانتخابات”، إن الاقبال كان “منخفضا بشكل كارثي”.

ورجحت أن هذا “ربما يدهش الأنصار الغربيين للجنرال السيسي، بما في ذلك الكثيرون في إدارة أوباما، الذين تقبلوا ادعاء الجنرال السابق بأنه يمكنه إعادة الاستقرار إلى مصر”.

يأتي ذلك في إشارة إلى حديث الرئيس الأمريكي الأربعاء، وقوله: “علاقاتنا مع مصر مبينة على المصالح الأمنية، وهذا سبب عدم انقطاع التعاون مع الحكومة الجديدة”.

ورأت أن تلك “الانتخابات هي مؤشر إضافي على أن الجنرال سيسي يفتقر إلى الوسائل أو التفويض (الشعبي) للالتزام بتلك المصالح”.

وتابعت “واشنطن بوست”: “لا شك أن الجنرال السيسي سيتولى مهام منصبه على الرغم من الانتخابات الفاشلة، ولكن استراتيجيته للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين بالقمع يظهر جليا أنها ليس لديها أي فرصة للنجاح. وإذا أصر على ذلك سيدفع أنصار الجماعة في أحضان المنظمات الأكثر تطرفا، مما يجعل الإرهاب أسوأ”.

وأشارت إلى أن “المقابلات التي أجراها الجنرال السيسي تشير إلى أن مفاهيمه لإدارة الاقتصاد المشلول تتراوح بين البعض الذي عفا عليه الزمن إلى آخر وهمي”.

ومضت قائلة: “أوباما يأمل في أن يكون الجنرال السيسي على شاكلة الرئيس السابق مبارك، ولكن فرص حدوث ذلك ضئيلة. فمن المرجح أن الاقتصاد المنهار والمعارضة المشتعلة ستدفع مصر نحو الفوضى المتزايدة، إن لم يكن ثورة أخرى”.

أما صحيفة “يو إس إيه توداي” الأمريكية، فقالت إنه “على الرغم من الانتصار الساحق الذي حققه قائد الجيش السابق، السيسي، فإن الانتخابات يشوبها ضعف إقبال الناخبين ومؤشرات قليلة على وجود معارضة ذات مصداقية”.

واعتبرت أن “الانتصار ليس مفاجئا”، لكنها أشارت إلى أن “نسبة المشاركة التي بلغت نحو 44٪ وفقا لحملة السيسي، حتى بعد تمديد التصويت ليوم ثالث، كانت أقل بكثير من نسبة المشاركة التي بلغت نحو 52 ٪ في انتخابات يونيو 2012 التي فاز بها الرئيس المخلوع محمد مرسي”.

ولفتت إلى أن ” الملصقات الانتخابية التي تظهر السيسي ذو الوجه المبتسم، غطت واجهات المباني والطرق السريعة وشوارع العاصمة المصرية خلال الأسابيع الأخيرة، على النقيض من ذلك، بدا أن صباحي قد حصل على الحد الأدنى من الدعم.

ونقلت الصحيفة عن ميشيل دن، زميل في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، قولها: “بغض النظر عن ما أعلن، فإن رواية تدني نسبة الإقبال هناك، ثابتة في أذهان الناس”، وأن “السيسي لم يحصل على أكبر قدر من التأييد الشعبي كما أراد”.

وأضافت: “أعتقد الآن أنه سيصبح رئيسا، وسيعطيه الشعب فرصة، وبعدها سنرى ما سيحدث خلال ستة أشهر أو سنة مقبلة، وإذا لم تسر الأمور بشكل جيد، عند هذه النقطة سيطرح الشعب الأمر (نسبة الإقبال) مجددا”.

واعتبرت الصحيفة أن “الإقبال الفاتر كان محرجا وخاصة أن الحكومة ووسائل الإعلام كثفا تملق السيسي على مدى 10 أشهر ماضية، وصورته كمحارب ضد الإرهاب والشخص الوحيد القادر على معالجة المشاكل الاقتصادية في مصر وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وعدم الاستقرار”.

وقال موقع “ذا ديلي بيست” الأمريكي: “فاز الرجل الذي كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن يصبح رئيسا لمصر”، لكنه استدرك بالقول إن “نسبة المشاركة المنخفضة تشير إلى أن المصريين ربما ليس لديهم قدر كبير من الثقة في السيسي، كما يدعي أنصاره”.

أما شبكة “سي بي إس نيوز”، فقالت إن “السلطات المصرية هرعت إلى إنقاذ الانتخابات الرئاسية من حرج ضعف الإقبال الذي بدد آمال قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي في عرض حماسي من التأييد الشعبي”، بعدما أعلن في لقاء تلفزيوني سابق أنه “يريد أكثر من 45 مليون ناخب يدلون بأصواتهم”.

واعتبرت أن “الإقبال كان هو المفتاح الذي كان يتطلع إليه السيسي ليثبت لمنتقديه في الداخل والخارج أن إطاحته بمرسي وحملته اللاحقة ضد الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين تعكس إرادة الشعب”، على حد تعبيرها.

وكذلك رأت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية أن المعركة الحقيقية للسيسي، على ما يبدو، كانت من أجل الحصول على إقبال كبير وليس ضد صباحي، وهو ما اعتبرته شبكة “إيه بي سي” الاسترالية “ضربة لمصداقية قائد الجيش السابق”.

وفي نفس السياق، قالت صحف “تلغراف”، و”ديلي ميل” و”الغارديان” البريطانية إن السيسي فاز بأكثر من 90% من الأصوات في انتخابات رئاسية يشوبها “انخفاض نسبة الإقبال” و”الإحباط”.

وقالت “تلغراف” إن “مصر بدأت حقبة جديدة من الحكم على يد رجل قوي وعسكري سابق”، وأشارت إلى أن “خصمه الوحيد حمدين صباحي تعرض للإذلال” على حد تعبيرها حيث فاق عدد الأصوات الباطلة تلك الأصوات التي حصل عليها.

ووفقا لـ”الغارديان” فإن “الإقبال الذي جاء أقل من المتوقع يثير تساؤلات حول مصداقية السيسي كزعيم لأكبر دولة في العالم العربي، ويوحي أيضا بأنه فشل في حشد التأييد الساحق الذي كان يتطلع إليه”.

من جانبها اعتبرت صحيفة “بوسطن جلوب” الأمريكية أن” الأرقام المعلنة لنسبة الإقبال كانت مفاجئة للبعض، حيث أعلن مسؤولون أن نحو 40% من الناخبين أدلوا بأصواتهم، وهي نتائج قوية بشكل غير متوقع، بعد أيام من تصاعد الذعر في الحكومة ووسائل الإعلام إزاء نقص المصوتين في الانتخابات”.

ووفقا للصحيفة، يقول منتقدو السيسي إن “التصويت شابته مخالفات لدرجة أن نتائجه، بما في ذلك نسبة الإقبال، تقريبا لا معنى لها، ربما باستثناء المؤشرات على عودة إلى ذلك العهد، عندما كان يفوز الرجال الأقوياء مثل حسني مبارك على نحو مماثل باكتساح متوقع”.

وأطاحت ثورة يناير/كانون ثاني 2011 بالرئيس الأسبق مبارك بعد ثلاثين عاما في سدة الحكم.

وانتهى الأربعاء، ثالث وآخر أيام الانتخابات الرئاسية المصرية، وأظهرت نتائج نهائية غير رسمية فوز وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، بنحو 96.7 % مقابل 3.3 % للسياسي البارز حمدين صباحي، حسب رصد مراسلي الأناضول في محافظات البلاد الـ 27، وفقا لأرقام اللجان العامة.

وبحسب النتائج، تبين بعد فرز كافة اللجان الفرعية البالغ عددها 13.893 لجنة، حصول السيسي على 23 مليونًا و521 ألفا و722 صوتا بنسبة 96.7 % من الأصوات الصحيحة، و791 ألفا و153 صوتا لصباحي بنسبة 3.3 %.

وبلغ عدد المصوتين 25 مليونًا و342 ألفًا و464 ناخبًا بنسبة 47 % من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت البالغ 53 مليونًا و909 آلاف و309 أصوات.

وتظل هذه نتائج الانتخابات غير رسمية لحين بت اللجنة العليا للانتخابات في الطعون المتوقع تقديمها على النتائج، وإعلان النتائج الرسمية في موعد أقصاه الخميس المقبل، على أن تنشر هذه النتائج في الجريدة الرسمية.

وشكك “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي، في نسبة المشاركة التي أعلنتها السلطات والتي بلغت 47 %، معتبرا أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية لم تتعد 10%، فيما قالت الحكومة المصرية على لسان رئيسها إبراهيم محلب إن “الانتخابات سارت بشكل نموذجي”.

أحمد محمود/ الأناضول