السجن 6 أشهر ومصادرة ماكينة التصوير عقوبة التصوير” للبخرات”
وفي السنوات الأخيرة مع التطور التكنولوجي الذي حصل في كل دول العالم كان لابد من التطور في كل شيء حتى ولو كانت النتيجة سلبية، واستشرت بين الطلاب الممتحنين ظاهرة (التبخير) للمواد التي أطلق عليها مؤخرا (بخرات التصوير المصغر)، حيث تقوم محال التصوير بتوفير الخدمة بأشكالها المختلفة في التكبير والتصغير حسب الحجم المراد.
ويقابل هذه الظاهرة سابقا حالات الغش التي يتم ضبطها في الامتحان، حيث كان لها قانون يقتضي بالحرمان من الجلوس للامتحان لمدة سنتين في حالة الغش لأي من المواد.
وقفت (الأخبار) على الظاهرة التي استشرت كالوباء المزمن بين الطلاب ومحال التصوير للاستفادة التي تعم الاثنين معا، ومدى الخطورة التي يجدها الطرفان.
لم يكن (الشف) والنقل بين الطلاب على مختلف المراحل الدراسية بالأمر الجديد, هكذا ابتدر الحديث لـ(الأخبار) (ا. ع) الذي فضل أن يرمز له, ويقول محدثنا إنه كل يوم وآخر تظهر (حاجة جديدة) مدهشة سواء كانت ايجابية أو سلبية، لم يقتصر التطور على شيء بعينه بل تعداه ليشمل حتى (البخرات) لتكون في أحجام مختلفة حسب الشيء الذي يراد تصغيره، ويضيف عندما اكتشفت الجهات المسؤولة ما يدور في محال التصوير شددت الرقابة لمنعه.
غير أن آخر لم يرد ذكر اسمه يعمل في محل تصوير بالسوق العربي أكد أن موسم الامتحانات يعد سوقا رائجة لكل محال التصوير, إذ إن الطلاب يترددون على كل المحال في مختلف العاصمة حتى أصبح موسما للطلبة والعاملين في هذا المجال، ويقول محدثنا (الناس في البلد دي ما بتريح كل ما نلقى لينا شغله فيها مكسب تتصدى ليك الحكومة وتعمل ليك رقابة لحدي ما تطيّر منك الشغل وتبقى تشتغل رزق اليوم باليوم, ما في توفير للزمن الجاي، ويزيد عن ذلك ذاتو المقررات ما زي زمان الواحد امتحن في أكتر من سبعة مواد والطلبة بقوا مع الكمبيوتر والانترنت ما بهتموا بالقراءة كتير, لذلك لما ظهرت حكاية تصوير البخرات انجذبوا لها وتجاهلوا القراءة).. لكن محمد مصطفى الذي سألته عن التصوير المصغر قال بأنه لا يعمل في التصوير المصغر مبررا ذلك أن التصوير المصغر عقوبته ستة شهور سجن, وتتم مصادرة الماكينة على الفور في حالة ضبط أحد المحال تعمل فيه، ويضيف محمد: بالرغم من العقوبة الصارمة التي تقع على من يعمل بالتصوير المصغر إلا أن بعض المحال تعمل فيه في الخفاء لأن الربح والعائد المادي الذي يجنى منه كبير, حسب قوله، ويمضي محمد في حديثه (زمان قبل انتشار التصوير المصغر بهذه الصورة كان طلاب الولايات يفدون إلى الخرطوم للتصوير المصغر، غير أن هذه المهنة انتشرت في معظم الولايات ليسترزق منها بقية الإخوان).
(ع. ج) عندما سألته عن التصوير المصغر أجابني بسؤال: (عاوزة تصوري كم مادة؟ حددي المواد وكم ورقة ونحسب ليك المبلغ، بشرط أن تذهبي لمدة ساعة كده وبعد داك تجي كأنك عندك وصية جيتي لاستلامها- لا من شاف ولا من سمع, ويا دار ما دخلك شر). سألته: لماذا كل هذه السرية التامة؟ رد قائلا: إن التصوير المصغر ممنوع بأمر (من فوق).. قاطعته بسؤال: ماذا تقصد (بفوق)؟ (الحكومة, يعني ما بنشتغل علني لأنو فيها سجن ومصادرة المكنة ونحن كده بتقطع رزقنا، يللا خلصينا حددي حاجاتك سرعة).
لم نكتف بهذا الجانب فقط, وحاولت (الأخبار) الجلوس مع الطلاب الذين بهم تكتمل الحلقة، أحد التلاميذ بالمرحلة الثانوية الصف الثاني قال إن الذي يجري من تصوير مصغر (للبخرات) ما هو إلا ضياع زمن واستغلال في الفارغة، معظم الطلاب في بعض المدارس تكون عليهم رقابة مشددة وكل من يعمل في المدرسة يحرص كل الحرص على متابعة الواجبات بصورة يومية، فهل يكون التلميذ خرج من المولد بلا حمص؟ يعني أنه لم يكن يلقي اهتماما للدروس, ويقول آخر فضل حجب اسمه إنه مع اقتراب الامتحانات تحدث بعض البلبلة وتشتت الأفكار ويحس كأنما لم يكن قد مر بالدروس التي سيمتحن فيها, لذلك يضطر للدخول في معمعة التصوير المصغر تحوطا للفشل والرسوب.. لكن قد يكون الطالب لأول مرة يستخدم (البخرة)، فيرتبك ويحس المراقب بأن وضعه غير طبيعي, مما يجعله محل شك وتبدأ الجرجرة, ويكون الأمر مقلوبا تماما, وبدلا من أن يكتب قدر الذي يعرفه يكون قد خسر كل الوقت والزمن المحدد للامتحان، ويشاركه الحديث طالب آخر: (البخرات ليها ناس معينين لهم المقدرة على المجادلة مع المراقبين والحجة على النفي ليدخل البخرة في مناطق يصعب على المراقب اقتحامها بأي شكل من الأشكال الأمر الذي يضطر المراقب أن يأخذ الطالب إلى مكتب الكنترول للتحقيق معه, ليجد أن زمن الامتحان قد انتهى, يعني الخسارة يتحملها الطالب).
الغالبية العظمى من الذين يميلون لـ(البخرات) ويعرضون حياتهم للخطر هم فئة من الطلاب وليسوا كلهم، هذا ما قالته نجلاء عبد الله تدرس بالمرحلة الثانوية وبررت عدم ممارسة الطالبات لـ(البخرات) لعدم امتلاكهم الجرأة والشجاعة على فتحها خوفا من اكتشافهن وإثارة المشاكل التي تختلقها المراقبات، والطلاب هم أكثر قدرة على مجابهة المشاكل التي تحدث جراء (البخرات) في الامتحانات ويمكنهم الخروج منها بأي شكل.
لكن (خ. م) طالب برر دخول الامتحان وبحوزته (بخرة تصوير مصغر) متفائلا بالمقولة التي يتداولها الطلاب لحظة خروجهم من الامتحان (البخرة ضربت معاي)، ويقول: (طالما الحظ بضرب, ليه ما نجرب حظنا بدل السهر والقراءة الكتيرة وفي النهاية الواحد ما يلقى حاجة).
وسط اطمئنان الطلاب الجالسين لامتحان الشهادة الثانوية، واجتهادهم في تجهيز (البخرات) بدلا عن كسب الزمن في قراءة المواد, كانت وزارة التربية والتعليم أكثر حرصا و(أفتح عينا) من الطلاب فقد بذلت الوزارة أقصى ما عندها من مجهودات في ضبط الطلاب الذين بحوزتهم (بخرات)، وذلك بوضع التحوطات وما صاحبها من مراقبة مشددة ساعدت في كشفها، وقد تم بالفعل خلال الامتحانين الأولين تسليم أكثر من 50 طالبا وطالبة بمدرسة محمد حسين بأم درمان أمس وزير التربية والتعليم د. الأمين عبد القادر (50 بخرة) كانت معدة للغش في امتحان مادة الكيمياء، وقد تجاوب الطلاب مع النداء الذي وجهه الوزير بمخاطبته للطلاب قبيل بدء الامتحان في عدد من المراكز يدعوهم إلى الالتزام والتخلق بالصدق والأمانة وطالبهم بالتجرد من أي محاولة للغش في الامتحان، وأوضح مدير إدارة المرحلة الثانوية بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عبد الله كرار أن عملية المراقبة تمت وفق الخطة الموضوعة لها، مشيرا إلى أن الاختيار يتم من المعلمين للمرحلتين, الثانوي والأساس، مؤكدا أن هنالك ضوابط وعقوبات رادعة لمن توجد بحوزته (بخرة) ويتم تدبيسها مع كراسة الإجابة وتوضع في ظرف منفصل تماما عن بقية الامتحانات على أن يتم تصحيحها من قبل مصحح آخر. واستبعد كرار عدم وجود محاولة للغش, مبينا أن الغش موجود منذ القدم, إلا أنه نسبة للتحوطات التي وضعتها الوزارة في السنوات الأخيرة قلت الظاهرة بشكل معقول، وقال إن النداء الذي وجهه وزير التربية والتعليم للطلاب بالالتزام والتخلق بالصدق والأمانة وطالبهم بالتجرد من أية محاولة للغش ساعد الطلاب الذين بحوزتهم (بخرات), إذ ألقوها وسلموها للوزير في الحال.
صحيقة الاخبار[/ALIGN]