ساندرا طه

تك تك تك تك ،،،

تك تك تك تك ،،،
هكذا هو نهيق الساعة كحمار بليد يسكن الحائط و هكذا هي دندنة الضجر, هكذا يتم سلبنا علناً و إفراغ جيوب وقتنا, أعمارنا ليست سوى حبات رملٍ تتسرب بين أصابع أقدارنا , رشفات عديدة من فنجان وحيد و رغم هذا يضاعفها الضجر كالسحر .. يشهد زوراً بوفرتها يحول حبال وقتنا القصيرة إلى ثعابين عملاقة تسعى و كم نخشى يوماً فيه ستبتلعنا!.
خدعة أخرى من أكاذيب الحياة تمنينا بالخلود, تمنحنا مصنعاً وهمياً لصك الوقت حتى نصدق أن لدينا الكثير منه لننفقه بل لنبدده, ساعات لا نحصيها أطعمناها أفواه الفراغ .. وزعناها كعيدية سخية لأطفال البطالة و اللاشيء, حدقنا في الجدار ساعات و تقلبنا بين الأسرّة نتمطى ثم هرعنا لمليء حصالة جوعنا التي لا تشبع, ساعات في ذيول ساعات غادرت مسارح وقتنا .. صرفت كسندات موقعة باسم الصدفة .. تركت كسبيل على قارعة الضياع .
كوكبنا مليء بالعناوين المضللة .. لافتات سعيدة تشير الى طرق تنتهي للعذاب و أبواب هرمة جافة و مكفهرة ليست سوى شفاه تبتلع الداخلين إلى جوف السعادة , كلنا نعرف هذا و رغم ذلك نختار العناوين الخطأ فنظل ندور في رحى الرحلة الغير مجدولة الوجهة و المجهولة ميقات الوصول , نفضل دائماً ان نحلم بالسعادة على أن نحث إليها الخطى و نحمل خرائطنا و نسلك السبل التي نادراً ما يسلكها أحد .
معظمنا أغبياء نحسب الوقت أرخص ما نملكه , شيئاً مُنحناه مجاناً و معه منحنا حرية في ماذا و أين و كيف و متى سوف ننفقه, بينما الوقت ليس سوى امتحان آخر لفطنتنا و لصبرنا و لحمقنا و للخير فينا و العطاء .
الضجر هو أسوأ أعداء السعادة لأنه وقتما أحكم وثاقه سيجردنا رغبتنا في الخروج من تلك القوقعة .. يصور لنا الأشياء بكاميرا عديمة الألوان و يوحي لنا بتفاهة الأشياء , وقتما تعدينا حمى الإعتياد و نتحول إلى عبيد لعاداتنا و أسرى لبيوتنا و مواطن راحتنا سيكون قطار رحلتنا قد تعطل بلا أجل في محطة واحدة محدودة حيث لا وسائل نقل و لا هواتف ستوصلنا إلى السعادة و شيئاً فشيئاً سنستنفذ كل ما تزودنا به و يتحول الضجر إلى عدو صديق يستنزفنا حتى الذبول .
الحياة لا تسكن في مكان .. ليس لها قضيبان كالقطار و لا تسير على نفس الإطار , الحياة حافلة لا تنتهي فيها شواغر الفرص طالما نحن نتنفس, و لكن كم منا يصدق أن في تلك الحافلة شواغر لأحلامه و من منا سوف يلحق بها قبل ان تغادر للأبد ؟؟؟.

ساندرا طه – صحيفة حكايات