ساندرا طه

بابا يغسل العدة


بابا يغسل العدة
ماما في السرير تضرب المنكير.. بابا شغلو كتير حيلو بتهدا, هل صدقتم بوجود هذا الكائن الخرافي الذي يعيش في بلاد العرب وعلى وجهه (شنب) ويغسل (العدة)؟, طبعاً لااااا، لكن هذا لا يمنع أن هذا الرجل نكتة كبيرة وهو يمسك في يده بقطعة منتقاة من سلك الجلي يحك بها على جسد الآنية من قدور وأباريق شاي ليتركها براقة من غير سوء بينما المدام مشغولة في (خت) حنتها بالنشادر!, أما بقية المهام التي يقوم بها ذلك الرجل التحفة موضوع الأغنية الكوميدية الشهيرة بالإضافة طبعاً الى تفانيه منقطع النظير في الجلي يقوم بجلب الخضار من (الملجة) و(يشطف) الأولاد عند الصباح حتى يلحقوا بالروضة! وكل ذلك بفم مطبق, ولكن دعنا نفكر في التالي.. لماذا (نفطس) على أنفسنا بالضحك بمجرد أن نتخيل شكل الرجل وهو يضع مئزره مشمراً عن سواعد الجد في بيته؟, مع أنه من وجهة نظري البسيطة أنه إن وجد فهو راجل ولا كل الرجال!.

و ذلك ليس من منطلق أننا كنساء نحب الإتكالية أو نحلم بمن يشاركنا أشغالنا الشاقة المؤبدة المحكوم بها علينا بأعراف المجتمع وليس بالسنن النبوية أو القرآن!, ولكن من منطلق بسيط جداً وهو الإقتداء بالسنة! فكم هو عظيم رغم أننا لسودنتنا الصميمة جعلنا منه أضحوكة, فمن حفظونا عن ظهر قلب حديث سجود المرأة وجريها من جبل أسود إلى جبل أحمر رغم مافيه من ضعف وغرابة, نسوا أن يحفظونا حديث السيدة عائشة عندما سألت عما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته, فقالت كان يكون في مهنة أهله أي يحلب الشاة ويخصف نعله ويخيط ثوبه، وهو نبي في بيته تسع زوجات ومشغول بهموم أمة وليس مضارب في البورصة!, حتى عندما طلبت السيدة فاطمة من النبي (ص) أن يرسل لها بخادم، فإنه وجه الخطاب لكليهما حين قال (خير لكما من خادم) ولم يقل خير لك يا فاطمة من خادم والدلالة واضحة، فلماذا يستكبر آدم على حمل (المقشة) ليساعد زوجته المسكينة في مهام تحتاج لإنجازها إلى زوجة أخطبوط بثمانية أذرع!.

و حتى لا نظلم السادة الرجال فإن منهم من يمد يداً خفية للعون كيد فاعل الخير وطبعا يرى في نفسه فاعل خير من المحسنين, ولكن السرية مطلوبة حفاظاً على ماء وجهه طبعاً وذلك غالباً ما يكون في حالات استثنائية في حماسة سنة أولى زواج أو عند مرض الزوجة, ولكن الأغلبية يصدقون أن الأنثى لديها جينات وراثية تساعدها على الكنس والكي وخياطة الأزرار!.

في فيلم أجنبي كانت الزوجة تتمنى أن يشتري لها زوجها الورد على مدى عشرين سنة ولكن بدون أن تطلب, حتى فقدت الأمل في ان يفهم تلميحاتها وانفجرت في وجهه ذات ليلة, وكترضية لها بعد أن تفاجأ تماماً أشترى لها باقة ورد أحمر كبيرة ولكنها اكتشفت ان الورد فقد معناه وصار بالنسبة لها لا شيء, وبعد رحلة بحث طويلة عن الشيء المفقود في علاقتهما اكتشفت الزوجة ان اكتئابها نابع من اتكالية زوجها وحين فاجأها ذات ليلة بأن طهى لها عشاء مميز وبالطبع غسل الأواني بنفسه بعد العشاء شعرت أخيراً بأنها عادت معززة ومحبوبة واشعل الزوج بذلك فتيل الرومانسية، ولكن سعادة الزوجة بالطبع آخر ما يفكر فيه الرجل الشرقي بعد مرور السنوات, ولكن لو أن الزوج كان له كل الحق فيا عزيزتي لا تخدمي أخاك الكسول وعوديه أن يرتب سريره وينظف غرفته ويغسل جواربه بنفسه, وكفى إتكالية علينا بحجة أننا نساء فنحن لسنا قطط بسبعة أرواح ومثلهم تماماً (ورانا مذاكرة) ومستقبل و(بلى أزرق), وهكذا سيتعود بسلامته أن يقدر مدى (بياخة) الأعمال المنزلية وربما بعد أن يتزوج ربما سيتكرم ذات مرة و(يغسل العدة).

ساندرا طه – صحيفة حكايات