منوعات
الهروب إلى النهر: رمضان والنيل.. “إبحار الجنس اللطيف”
ليس (محمد التوم) وحده من درج على المغامرات النيلية، الفكرة أصبحت شائعة بعد أن هجر المراكبية مرسي توتي عقب ربط الجسر المعلق بين الجزيرة التاريخية والخرطوم واتجاههم نحو العمل في الترويج للسياحة على مياه النيل وهذا ما جعل القيام بجولة صباحية في عرض النيل لا يرهق الجيب إلا بنحو خمسة جنيهات الإبحار في عرض النيل!
قبل إنشاء الكبري الذي ربط بين جزيرة توتي والخرطوم لم يكن أحد يهتم بالسياحة عبر المراكب في عرض المياه بحسب (النور آدم أبكر) الذي يعمل سائقاً لأحد المراكب التي يستخدمها الجمهور في رحلات على مياه النيل، حيث قال إن المواطنين كانوا يكتفون باستغلال مراكب توتي نفسها التي كانت تستخدم كوسائل نقل بين ضفتي النيل الأزرق، ولكن بعد اكتمال الكبري وانطلاق عمل المواصلات في نقل المواطنين بين توتي والخرطوم كان لابد من إيجاد فرصة عمل جديدة يقتات منها عشرات السائقين والمساعديه الذين كانوا يعملون في المراكب وتوقفت بسبب افتتاح الكبري، ولهذا جاء فكرة ابتداع السياحة على عرض مياه النيل بعدد قليل من المراكب التي كانت تعمل في نقل الركاب وبعد فترة لم تطول كثيراً، استهوت الفكرة المواطنين الذين اكتشفوا سحر النيل وجمال المياه وروعة الإبحار عبر المراكب الصغيرة لأنها تتيح مساحة أوسع من المتعة و(الفِرجة) على المناظر النيلية فأقبلوا بأعداد كبيرة على التنزه بهذه المواعين النيلية الجديدة، وهذا بدوره أدى إلى رفع عدد المراكب من ثلاثة إلى تسعة خلال عام واحد!!
ويضيف (النور آدم) أن البداية كانت بالشباب من الجنسين، ولكن رويدا رويدا بدأت الفكرة تروق للأسر، فظلت بدورها تتردد باستمرار على النيل وتستخدم المراكب كما ظهر مؤخراً نشاط العرسان الذين صار البعض منهم يبحر بعروسته مياه البحر لساعات طويلة قبل عودته لمكان سكنه.
النساء يقصين الرجال!
والمثير في الأمر كما وصفه (النور) أن الرحلات النيلية التي كان في بادئ أمرها يقوم بها الشباب وتطورت ليشترك فيها الجنسان، اتجهت إلى منحنى آخر، وهو أن الفتيات أصبحن يقمن بها لوحدهن دون أن يسمحن للرجال بمشاركتهن. وأضاف: صارت النساء يقمن بتأجير المراكب لعدد من الساعات المتواصلة، وهذا ما يفضله أصحاب المراكب، لأن النساء يدفعن أفضل من الرجال الذين دائماً ما يتعنتون في دفع المبلغ الذي يطلبه منهم صاحب المركب، ولكنهن يدفعن أي مبلغ بكل سرور. وأرجع: إقبال النساء على الخروج لوحدهن للنيل لقلة المبلغ الذي تستأجر به المركب، الذي لا يتجاوز للرحلة الواحدة خمسة جنيهات بالنهار وعشر جنيهات ليلاً ومائة وثمانين جنيهاً لساعة كاملة في عرض النيل. واعتبر (النور آدم) أن فكرة الرحلات النيلية أوجدت حراكاً واسعاً على شاطئ النيل ومنحت مرتاديه فرصة كبيرة للوقوف على جمال النيل وخاصة الملتقى وهو المنطقة التي يلتقي عندها النيلان الأبيض والأزرق، وهي معروفة أنها من أجمل المناطق في العالم، وأن الكثير من الناس يأتون من مناطق بعيدة من أجل زيارتها.
جولات مكوكية
لم يكتف الذين يضربون عرض النيل بالمراكب بـ (الفرجة) والعودة مجدداً للرصيف، بل تعود أن يقوم بعضهم بجولات مكوكية بحسب (محمد مصطفى محمد)، وهو يعمل مساعداً للنور آدم، فأوضح أن هنالك أناساً همهم التعرف على مناطق محددة على مجرى النيل، فمثلاً بعضهم يريد أن يشاهد جزيرة توتي من الناحية الشمالية، وآخرون يريدون الوقوف على ملتقى النيلين وبعضهم يريد قطع المسافة ما بين كبري توتي وكبري المك نمر، وهكذا يقضي المتنزهون يومهم في الجولات المكوكية قبل أن يعودوا في المساء، هؤلاء هم السودانيون، أما الأجانب فيقضون أوقاتاً أطول داخل النيل، لأنهم يريدون أن يلتقطوا صوراً لهم، وهم داخل النيل، وكذلك يريدون مشاهدت المدن الثلاث التي تطل عليه بحري والخرطوم وأم درمان من داخل النيل، بالإضافة إلى أن بعضهم يذهب بعيدا بالنيل شمالا وجنوب.
رمضان وموية النيل
لو كان الناس في الأوقات العادية يقضون الساعات الطوال داخل النيل، فإنهم في شهر رمضان ظلوا يقضون اليوم كله، إما على الشاطئ أو في داخل المياه رغم ارتفاع منسوب المياه التي أصبحت تشكل خطورة على حياة الناس، ولكن رغم هذا تجدهم على حد قول (النور آدم) يقبلون عليه باستمرار ولا يتردد أحدهم في الدخول إليه بكل جرأة مستخدمين المراكب التي أصبحت المنافسة عليها في ذروتها، مما جعل حجزها يتم بالتلفون كما أفاد (النور). وأضاف: الزبائن يقومون بالحجز مسبقا، ولهذا تبدأ المنافسة مع الذين يأتون صدفة ويريدون أخذ المركب بأي سعر حتى لو كان محجوزاً لغيرهم.
ويختم النور بأن هنالك موضة جديدة وهي عملية الإفطار في المركب في أرض النيل، حيث أصبح بعض الشباب أو الأسر يقومون باستئجار المركب قبل الإفطار لغرض أن يفطروا أثناء الرحلة في النيل، ويعودوا بعد المغرب للشاطئ
اليوم التالي
خ.ي
المقاس كراععو 46 يجي معانا