مدينة الجوع: الخرطوم.. غلاء فاحش وفقر مدقع!!
خواطر الواقع والخيال
قبل نحو ثلاثة أسابيع، صعد رجل إلى حافلة ركاب متجهة إلى أم بدة غرب، وبيده (كيس) مليئ بالخبز. وبمجرد جلوسه على المقعد أخذ نفساً عميقاً وسرح شارد الذهن، لم تمر لحظات حتى امتدت يد الرجل إلى (كيس الرغيف) وبدأ يُلوِّح به في الهواء، وهو يتحدث جهراً: (تعالوا، شيلوا العيش دا، أمشوا أكلوه بزيت، بسكر، بأي حاجه، والماعايز ياكل يمشي ينوم، يلا تعالوا، مافي غير دا، ماعايز كلام تاني، يلا، أمشوا). الرجل بدا وكأنه يُخاطب كائنات خفيِّة، ولكن واضح أن المقصودين بالنداء كانوا أطفاله.
تناسُل الأوجاع!!
قصة الرجل لم تكن الوحيدة خلال الأيام الماضية بل تُوجد مئات الحكايات شبيهة ومماثلة لها خرجت من صدور أصحابها في لحظة ضيق وضغط معيشي قاهر، جعلهم يتفوهون – لا إرادياً – بما ضاقت به صدورهم، كما حكت امرأة – لا إرادياً – كانت تركب مع أخرى في حافلة (هايس) قادمة من سوق أم درمان في اتجاه سوق ليبيا نحو الساعة التاسعة والنصف مساء يوم الجمعة الماضية، وبينما كانت إحداهن تحكي للأخرى مصاعب الحياة وقلة الدخل مما جعلها تمكث في مكان عمل بيع الشاي لوقت متأخر من الليل. ردّت عليها الثانية: (والله بقينا ناكل وجبة واحدة في اليوم). لم تستغرب الأولى حديث رفيقتها، بل أضافت عليه بأسى لا: (ياريت الوجبة الواحدة تكون زي الناس).
الوجع ظاهر
تأكيداً لهذا الواقع، يقول (طه عبد الرحمن) تاجر توابل بالسوق المركزي أم درمان: إن القوة الشرائية كادت ضعيفة حد العدم هذه الأيام، رغم موسم العيد الذي كان في السابق أكثر المواسم التي تزداد فيها حركة البيع والشراء لكافة السلع الاستهلاكية. ويعزي ذلك التدني إلى الزيادة المفاجئة في أسعار السلع حيث بلغ سعر كيلو السكر (7) جنيهات، ورطل البن (20) جنيهاً وكيلو الأرز (10) جنيهات للكيلو، ورطل الزيت (12) جنيهاً ورطل اللبن (4) جنيهات وملوة البصل(10) جنيهات.
الحال من بعضه!!
الغرابة ليس في أن كثيراً من الناس أصبحت لا تستطيع الحصول على وجبة العيش بصورة مناسبة، ولكن الغريب أننا كيف نحن الآن نتدبر أمورنا منذ أشهر طويلة، هكذا ابتدر (محمد يعقوب) وصف الوضع الاقتصادي للأسر، حيث أضاف: الكثير من المواطنين لا يتجاوز دخلهم الشهرى الألف جنيه، ورغم أنهم يعولون أسراً يتجاوز عدد أفرادها في بعض الأحيان الخمسة أشخاص، ولكنهم لا يزالوا صامدين أمام ضغط المعيشة الذي أصبح غاية في الصعوبة حتى أنه (هد حيل الكثيرين) بعد أن استنفدوا كل مدخراتهم وباع بعضهم أثاث منازله لسد متطلبات ضرورية كالخبز والحليب ومصاريف التعليم.
كلنا متساوون إزاء الفقر
رغم الحديث الرسمي عن دعم الفقراء وشد أزرهم من خلال النوافذ المخصصة لذلك، لكن ليس هنالك شيء ملموس على الأرض، فقد بلغ الفقر والعوز بالناس حداً جعل بعضهم يترك أطفاله، ويختفي إلى الأبد أو إلى حين بحسب (آدم هارون) أحد سكان ضاحية أم بدة، الذي شدد على أن الأسر كلها كادت أن تتساوى في فقرها المدقع دون أن تجد من يسندها أو يمهد لها الطريق.
اليوم التالي
خ.ي
لا حول ولا قوة الا بالله..اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه..اللهم ارفع عنا مقتك وغضبك..وأرفع عنا البلاء والغلاء..برحمتك يا أرحم الراحمين..
المولم اكثر ان حق هولاءالفقراء يذهب الى جيوب الفاسدين