ثقافة وفنون

الموسيقار الفاتح كسلاوي.. زراعة المحبة وحصاد العشم

[JUSTIFY]”ليه كل العذاب ليه كل الألم/ بزرع في المحبة وحصادي العشم”، عندما اختار الموسيقار الراحل الفاتح كسلاوي من بين عشرات الأغاني التي خطاها يراع الشاعر التيجاني حاج موسى أغنية (ليه كل العذاب) التي أوردنا مطلعها أعلاه ليقوم بتلحينها، لم يكن هذا الاختيار مجرد مصادفة، والسلام.

ولكن للأمر دلالة لم يكتشفها الكثيرون من المقربين من كسلاوي الذي ضمخ وجدان المستمعين بأعذب الألحان التي جادت بها دواخله المترعة بالشجن والألم في آنٍ واحد، مثله والكثيرين من المبدعين الذي خرجت معاناتهم من خلال إبداعهم.

(1)

والموسيقار الفاتح الذي أجهدته الحياة ولم يستطع احتمالها، كان قلقاً متبرماً، مما جعل ألحانه خاصة في أغنية (ليه كل العذاب) تشبه الاستغاثة من شدة ما يعتلج في دواخله من سأم ويأس بعد أن وصل إلى قناعة أن الإبداع لا يُقيم في بلد كالسودان، وأن المبدعين يعيشون على الهامش، يتضورون جوعاً ويموتون كمداً.

(2)

لهذا ظل الفاتح كسلاوي يحمل إبداعه بيدٍ وهمومه ومعاناته في الحياة بيده الأخرى منذ أن ولج إلى سلاح الموسيقات العسكرية في العام 1975م برتبة الرقيب ومعه عدد من ضباط الصف وفتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل في العام 1985م إلى رتبة المساعد، وفي ذات العام تمت ترقيته إلى الملازم ومعه (10) من الضباط منهم العميد (م) عمر الشاعر على حسب إفادة اللواء (م) حسن كركب قائد سلاح الموسيقات العسكرية السابق، الذي عاصر الراحل في آخر سنواته العملية في سلاح الموسيقى حتى طلبه للتقاعد الاختياري في العام 2000م برتبة الرائد.

ويقول (كركب): الفاتح كسلاوي كان من المبدعين القلائل الذين لهم مساهمة مقدرة على المستويين القومي والعسكري، حيث قدم عدداً من الألحان الخالدة لعدد من الفنانين الكبار منهم ترباس وصلاح مصطفى زيدان إبراهيم وغيرهم، كما لعب دوراً مقدراً في تطوير الموسيقات العسكرية في الثمانينيات وحتى بداية التسعينيات.

ويضيف اللواء (م) حسن كركب، تميز الراحل على غيره بالتمرد الداخلي الذي كان طاغياً على تصرفاته في سلاح الموسيقى، فهو كان كثير الشكوى والضجر من الحياة التي كان يعيشها، لأنه يرى والحديث لـكركب – نفسه لم يقم تقييماً يليق بقامة إبداعه خاصة في بداية التسعينيات عندما جاءت ثورة الإنقاذ الوطني، التي كان يطغى عليها التوجه الإسلامي مما جعلها لم تفرد مساحة للفن والمبدعين في تلك السنوات، وهي الفترة التي تقاعد فيها اختياريا الراحل كسلاوي رغم أنها اهتمت الإنقاذ- لاحقاً بالإبداع على كافة ضروبه.

(3)

وتقاعُد الفاتح كسلاوي الاختياري لم يطفئ جذوة تمرده على الواقع الذي كان يعيشه قبلاً مما جعله يعيش متنقلاً حتى أنهك الداء والترحال جسده المتعب، فأسلم الروح لباريها وعلى خديه دمعةً حري تحكي عن ظلم عاشه رغم ما قدم من إبداع.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]

تعليق واحد