سياسية

علي الحاج: رسالتي للرئيس البشير.. الأعمال بخواتيمها

[JUSTIFY]في (بون) المدينة الألمانية الأروع وعلى مقربة من ضجيج الماكينات العتيقة وسيارات (المرسيدس) يجلس ضيفنا في وئام وعبادة، يجلس على وضعية (توربينة) لا تكف عن التوليد، توليد كل شيء، الأفكار، الخيوط، المسارات، مضمخاً بعبير الشدو الإسلامي (أنا عائدُ أقمست أني عائدُ)، صورة الدكتور علي الحاج أخطر رجالات (الإنقاذ) بالطبع كسرت الإطار الذي صنعته لها الحكومة، وربما الذاكرة.. “خلوها مستورة” كانت تلك العبارة مدخلنا لبسط الاستفهامات المتراكمة من فوقه ومن تحته، نحن نسأل وهو يجيب، باختصار شديد، ويمطرنا من جهاز (الآيفون خاصته)، جاء صوته هادئاً ولطيفاً لم تهزمه قسوة الغربة وسنواتها الثقال، تحدث على طريقة الجراحين الكبار، قال لنا كلاماً عن ألمانيا والترابي والحوار ولقاء غندور ودارفور وأشياء أخرى، لكنه قطعاً احتفظ لنفسه بمستور لم تفض مغاليقه الأيام، وافق على الحوار ابتداء وأجاب عن الأسئلة بتمهل ووعدنا بجلسات أخرى، لا نعرف هل ستكون في الخرطوم السمراء أم في بلاد يغطيها الصقيع ببياضه الكثيف.. لندلف إلى ما قاله نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي:

* لنبتدر الحوار بسؤال: هل تتذكر ما درسته في الطب؟

– بالطبع أتذكر بعض ما درسته ومارسته.

* ولكنك لم تعد تمارس المهنة؟

– بكل أسف منذ ثمانينيات القرن الماضي توقفت عن ممارسة مهنة الطب (ألا ليت الزمان يعود).

* ما الذي أضافته لك الغربة وسنواتها الطويلة؟

– أضافت لي الكثير ومازالت تضيف ومازلت أتعلم.

*هل أنت مطلع على ما يدور بالداخل؟

– نعم ولكن لا أحيط بكل شيء.

* عبر أجهزة الحزب أم عبر وسائل أخرى؟

– الوسائل والوسائط الأخرى هي الأوسع والأشمل وربما الأدق وهناك تبادل معلومات مع الحزب والحزب ليس وحده المصدر.

* ما الذي أغراك في ألمانيا لتمكث فيها كل هذه السنوات؟

– لم تكن ألمانيا هدفا أو مقصداً حين الخروج من السودان ولكن وقعت الإقامة قدرا فأصبحت موطنا.

* بالمناسبة هل شجعت منتخبها ألمانيا في نهائيات كأس العالم؟

– الصناعة الألمانية مجربة ولا تحتاج لكثير تشجيع والمنتخب الألماني صناعة ألمانية ولا أحسب تشجيع أمثالي سيزيده كثيراً الأكما يزيد من مبيعات المرسيدس.

* وجوازك الألماني؟

– أحتفظ بكليهما وفقا لقانون اللجوء الألماني.

* هى غربة طوعية أم مفروضة؟؟

– بالتأكيد مفروضة.

* من الذي يتحمل ما آلت إليه الأوضاع في السودان؟

– باختصار، تتحمله كل القوى السياسية السودانية بدرجات متفاوتة.

* الإسلاميون جاءوا للسلطة عبر انقلاب ودون تفويض من الشعب.. هل تتفق معي؟

-نعم.. وهكذا كل من قام بانقلاب.

* دكتور علي الحاج شخصيته تتسم بالبرود الشديد ولا يميل للمواجهات؟

– هذا انطباع غير حقيقي – أخي الكريم إذ ليس الأمر برودا أو هروبا ولكن ردودا.

* ألا تشعر بالحزن للموت والدمار؟

– أشعر بحزن بالغ وعميق للموت والدمار والتردي الذي أصابنا.

* ثمة من يقول بأن الشعبي هو الذي أشعل قضية دارفور؟

– قلت مرارا وتكرارا ليست هناك قضية اسمها دارفور.

* اسمها شنو؟

– هي مشكلة المركز والمركزية التي يعاني منها كل السودان ولذا لابد من حل شامل لهذه المشكلات على مستوى السودان كله.

* ثمة حرائق ومعاناة الآن؟

– هي قديمة ولكن مشكلة دارفور الحالية سببها “مركزية الخرطوم” التي تدخلت لاعتبارات أمنية وشعارات مثل فرض هيبة الدولة.. إلخ. وفعلت ما فعلت ربما دون وعي.

* أين يكمن الحل إذن؟

– الحل هنا في الخرطوم وليس بدارفور.

* لماذا علي الحاج الآن متماه مع قضية دارفور ولكن أيام بولاد لم يكن على ذات الموقف؟

– هذا هراء وافتراء.

* هل تتذكر بولاد؟

– بالتأكيد.

* متى التقيته آخر مرة.

– في آخر مرة أمضى معي ليلتين بالمنزل قبل سفري إلى أمريكا في ١٤ يونيو ١٩٨٩.

* هل تشعر بأن الحكومة جادة في الحوار الوطني؟

– لست متحدثا باسم الحكومة ولكننا في المؤتمر الشعبي جادون.

* لماذا اندغم المؤتمر الشعبي في الحوار حتى بدون اشتراطات وبدون تهيئة الأوضاع؟

– الشعبي لم يندغم.

* كيف لم يندغم وهو أول من لبى دعوة المؤتمر الوطني الأخيرة للحوار؟

– لا.. هو أعلن قبوله بالحوار دون شروط مسبقة ودون استثناء لأحد أو استثناء لقضية وهذا أوسع مدخل للحوار.

* ما الذي خرجت به من لقائك بالبروف غندور؟

– خرجت بالكثير المفيد ولكن السودان ينتظر المزيد.

* ما الذي دار في الكواليس؟

– عليك أن تعلم – هذه أول مرة منذ ١٥ عاما تقريبا ألتقي بشخص مسؤول من قبل الحكومة يأتي لمناقشة قضايا ومشاكل السودان في إطار ما هو مطروح من حوار.

* ولقاء علي عثمان؟

– لقاء علي عثمان كان في إطار اجتماعي.

* هل سار اللقاء على ذات أجندة السبعتين أم أنك أثرت قضايا أخرى؟

– اللقاء تناول القضايا الكلية وأولوياتها ولم يتطرق إلى الجزئيات أو الإجرائيات الا كأمثلة.

* ما الذي تناوله اللقاء بالتحديد؟

– قضايا الحريات والحرب والسلام والاقتصاد ومسار الحوار والمعوقات كانت هي الأبرز.

* هل كان الحزب على علم بترتيبات اللقاء؟

– لم تكن هناك ترتيبات بل سمعت كما سمع الحزب من أجهزة الإعلام.

* يعني الحزب ما عنده علم؟

– نعم ما كان عنده علم.

* أوَ لم يتصل بك غندور للترتيب للقاء من الخرطوم؟

– لم يتصل بي غندور إلا بعد وصوله إلى برلين وإبداء الرغبة في الزيارة ورحبت به.

* نفهم من ذلك أنه ليست هنالك ترتيبات مسبقة؟

– أبدا أبدا.. ليست هناك أي إجراءات وترتيبات كما تبدو من الأسئلة.

* الملاحظ أن مرارات الإسلاميين التي صنعتها المفاصلة بدأت تتلاشى فجأة؟

– هذه إشارة إيجابية لكنها تحتاج لإرادة قوية ومجاهدة النفس.

* بالنسبة لك أنت هل شفيت الجراح؟

– أنا أصلاً لا أتحدث إلا عن نفسي ولست عاتبا علي أحد، ومن لم يتجاوزها أسأل الله تعالى أن يعينه على مجاهدة نفسه التي بين جنبيه.

* ثمة من يقول إن الخوف من ضربة متوقعة لإبعاد الإسلاميين من السلطة هو الذي عجل بالتقارب؟

– هذا وارد ولكن الأهم والأخطر ربما كشفت مواقف بعض القوى السياسية من تأييد لما حدث من تطورات ضد الديمقراطية في مصر

* ما الذي أظهرته مواقف تلك القوى التي تتحدث عنها؟

– ربما أظهرت أن الحديث عن الديمقراطية والحرية وغيرها كانت شعارات أكثر منها قناعات وهذ شيء مؤسف ويلقي بظلاله على الساحة السياسية.

* ألا تعتقد أن الترابي بدأ يفكر في بسط مشروعه الإسلامي القديم؟

– المشروع الإسلامي ليس حكرا على أحد أو مجموعة وانما هو مشروع اجتهادي بشري تجريبي.

* ولكنه لم يعد مشروعا إسلاميا كما يردد خصومكم وإنما مشروع للسلطة؟

– ليس هو الإسلام بالطبع – وبهذا الفهم المشروع الإسلامي سيظل مطروحا في الساحة السياسية العالمية وليس السودانية وحدها ويظل حيا ومكان أخذ ورد وهذا طبيعي.

* ألا يستحق المراجعة؟

– طبعاً، لابد من مراجعته وما صاحبه من أخطاء والمراجعة الحقيقية لا تتم إلا في ظل الحرية للجميع كما أن المراجعة ليست حكرا ولا حصرا على الإسلاميين.

* لو عدنا للحوار ما هي المعيقات التي يمكن أن تعتور طريقه؟

– أكبر المعيقات أن يكون الحوار “تكتيكيا” وليس استراتيجيا.

* إلى ماذا سيفضي الحوار الوطني القائم الآن في الخرطوم؟

– إلى تحول ديمقراطي حقيقي سلمي وسلس (وفق اتفاق والتزام سياسي يتواضع عليه الجميع بمن فيهم حملة السلاح).

* وبماذا سينتهي على طبيعة الحكم حسب تصوركم؟

– سينتهي بقيام انتخابات حرة شفافة ونزيهة على أصعدة الحكم كافة.

* هو اتفاق أم أمنيات؟

– هذا ما نسعى إليه.

* ما الذي يشغل بال الدكتور علي الحاج ويفكر فيه بشكل مستمر؟

– الشكوك المتبادلة وفقدان المصداقية بين كل الأطراف السياسية السودانية.

* أنت بعيد عن الجبهة الثورية.. قريب منها؟

– وضح سؤالك حتى أجيب عليه..

* كيف تقيم تجربة الجبهة الثورية على العموم؟

– فرقاء الجبهة الثورية الأساسية هم حلفاء الحكومة بالأمس بل هم الذين مكنوا للحكومة وفق اتفاقات دولية شهد عليها العالم أجمع وهذا ينطبق بدرجة ما على المعارضة السياسية السودانية.

* ولكن موقف الحكومة واضح من الجبهة الثورية وتحركاتها المعادية؟

– مهما كانت أسباب ودرجات الخلاف بين المتحالفين سابقا فلا يمكن وصفهم بالخيانة والعمالة والعداوة.

* هم ليسوا أصدقاء على كل حال؟

– الحكومة مازالت تجلس للتفاوض معهم وعند فشل التفاوض تصفهم بتلك الأوصاف.

* كأنك تدافع عن الجبهة الثورية؟

– هذا ليس دفاعا عنهم وإنما الواقع.

* أوَ لم تجلس إليهم خلال الفترة الماضية؟

– جلست واستمعت إليهم جماعات وأفرادا ولا يمكن وصفهم بما تقوله الحكومة ولا يعني هذا أنني على اتفاق معهم في كل شيء.

* أنت متعاطف مع الجبهة الثورية؟

– الموضوع ليس تعاطفا أو غيره، ولا أحسبني بحاجة للتذكير بتاريخنا الماثل أن من وصفوا بالخيانة هم الذين أضحوا شركاء وحلفاء وعليه لابد من الحذر.

* الحذر في ماذا؟

– الحذر في المغالاة في العداوة والتخوين، ومواقف الطرفين وعلاقتهما ونظرتهما ربما حكمتها “تكتيكات” أكثر منها استراتيجيات والله أعلم.

*هل قمت بأي مراجعات خلال المرحلة السابقة؟

– مراجعات؟

* نعم مراجعات حول التجربة والمسير؟

– (إذا استقبلت من أمري ما استدبرت) لا تنتهي المراجعات وهي بلا حدود ولا قيود وهي متجددة وليست ساكنة مثل حركة الإنسان والإنسان فقيه نفسه.

* ألا تشعر بالندم على مشاركتك في انقلاب الإنقاذ؟

– ندم وخزي على المآلات ولكن لا يأس ولا قنوط.

* متى ستفتح الحركة الإسلامية خزانة أسرارها؟

– خزانة أسرار الحركة الإسلامية مفتوحة ولكن أكثر الناس لا يصدقون.

* بالمناسبة أين هى الحركة الإسلامية؟

– تاريخا ونهجا وشخوصا موجودة ولكن الكيان مصادر.

– إلى أي مدى تؤمن بالحرية؟

– إلى أبعد مما تتصور.

* لنقيسه على الواقع؟

– المدى بالنسبة لي “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.. ولكن لابد من قانون منظم حتى لا يكون الامر فوضى.

* وبالنسبة للدين؟

– لست محايدا فالإيمان حببه الله لنا وزينه في قلوبنا ولكن “لست عليهم بمسيطر” و”ما أنت عليهم بجبار” هذا وذكر فإنما أنت مذكر.. والله أعلم..

* لو قلنا لك ارسل رسالة الرئيس فماذا تقول له؟

– الأعمال بخواتيمها.

* بصراحة متى ستعود للبلاد؟

– لا أعرف.

* ألم تشتَقْ لوطنك؟

– نعم اشتقت إليه ولكن لكل أجل كتاب.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [SIZE=7]هذا مرتاح فى المانيا مالو ومال السودان . سرق ما تمكن منه وخرج ليعيش حياة رقدة ومعروف منذ حكومة الصادق المهدى الاخيرة وكملها بطريق الانقاذ الغربى وهرب بملايين الدولارات واليورو . واصبح يجامل من يذوره ولكنه ابتعد عن الاسلاميين وعن السياسة وترك مهنته الاساسية واصبح عائش بما سرقه من قوت الشعب السودانى . حسبى الله عليه[/SIZE]