ذكاء جارديولا تفوق على خبرة فيرجسون
مع فوز برشلونة الأسباني بلقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم هذا الموسم اثر تغلبه على مانشستر يونايتد الإنجليزي 2/صفر مساء أمس الأربعاء في المباراة النهائية للبطولة ، اختصت وسائل الإعلام العديد من أعضاء الفريق الأسباني بالإشادة نظرا لتألقهم على مدار هذا الموسم التاريخي للفريق.
وكان المهاجم الكاميروني صامويل إيتو أحد لاعبي الفريق الذين نالوا الإشادة بعد أن افتتح التسجيل لفريقه في مباراة الأمس بهدف في الدقيقة العاشرة من اللقاء الذي أقيم على الاستاد الأولمبي بالعاصمة الإيطالية روما.
أضعف هذا الهدف المبكر ثقة لاعبي مانشستر يونايتد بأنفسهم ووضع برشلونة في المقدمة.
وكان الأرجنتيني الشاب ليونيل ميسي مهاجم برشلونة لاعبا آخر ضمن من نالوا الإشادة بسبب تسجيله الهدف الثاني الحاسم قبل 20 دقيقة من نهاية المباراة في الوقت الذي سعى فيه مانشستر يونايتد إلى فرض حصار على منطقة جزاء برشلونة لتهديد مرمى الفريق الأسباني لتحقيق التعادل.
كما اختصت وسائل الإعلام صانع الالعاب المتألق خافي هيرنانديز بإشادة كبيرة أيضا علما بأنه أحرز لقب أفضل لاعب في المباراة النهائية بفضل الأداء الراقي الذي قدمه مع زميله أندريس إنييستا ليسيطرا تماما على مجريات اللعب في منطقة وسط الملعب مثلما كان الحال بالنسبة للمنتخب الأسباني عندما تغلب على نظيره الألماني 1/صفر في نهائي كأس الأمم الأوروبية الماضية (يورو 2008) .
ووصفت وسائل الإعلام المدافعين كارلوس بيول وجيرارد بيكي بأنهما “لعبا دورا كبيرا في هذا الفوز بعدما أقاما حائطا صلبا أمام هجمات مانشستر يونايتد”.
بيد أن العنصر الأساسي البارز في إنجاز برشلونة هذا الموسم وفوز الفريق بالثلاثية التاريخية (دوري وكأس أسبانيا ودوري أبطال أوروبا) كان المدرب جوسيب جارديولا المدير الفني للفريق الذي تفوق وتغلب على سير أليكس فيرجسون المدير الفني الاسكتلندي الكبير لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي.
وتغلب جارديولا “فكريا وخططيا” على فيرجسون الذي يكبره بنحو 30 عاما ويتفوق عليه كثيرا في الخبرة التدريبية.
ونجح جارديولا في التغلب على غياب أربعة من مدافعيه في مباراة الأمس بسبب الإصابات والإيقاف.
كما أربك جارديولا حسابات فيرجسون عندما دفع بمهاجمه الكاميروني صامويل إيتو في الناحية اليمنى ، في حين منح ميسي دورا حرا في الهجوم ، ومن ثم كان تواجده بجوار القائم البعيد لدى تسجيل الهدف الثاني مفاجأة للاعبي مانشستر.
ويعلم لاعبو برشلونة جيدا أن جارديولا كان العامل الأساسي في قيادة الفريق نحو الفوز بالثلاثية التاريخية ، ولذلك رفعوا مدربهم عاليا في الهواء عقب انتهاء مباراة الأمس تقديرا واحتراما له ولدوره في هذا الإنجاز قبل أن يشنوا حملة المديح والثناء عليه في وسائل الإعلام.
وفي نفس الوقت ، تحلى جارديولا بروح متميزة للغاية واتسم بالقناعة موجها الأضواء نحو لاعبي الفريق حيث قال ، بهدوئه واعتداله وتواضعه ، وهو المعتاد منه ، “يعود الفضل في ذلك كله للاعبين”.
كما سارع جارديولا إلى نفي المزاعم بأن فريقه الحالي هو أفضل فريق في تاريخ برشلونة وقال “افرز هذا النادي العديد من الفرق الجيدة على مدار السنوات”.
ويمثل جارديولا الشخصية النموذجية التي تثير إعجاب القطالونيين بذكائه وقيمه.
وحظي جارديولا الإشادة بعد تصريحاته عقب فوز الفريق بلقب الدوري الأسباني قبل أسبوعين حيث قال “يمكن لهؤلاء اللاعبين الفوز بلقب الدوري تحت قيادة أي مدرب آخر.. ولكن ربما لا أستطيع أنا الفوز بلقب الدوري مع لاعبين مختلفين”.
ولد جارديولا بمدينة سانتبيدور في إقليم قطالونيا في الثامن عشر من كانون ثان/يناير عام 1971 وانضم إلى قطاع الناشئين بنادي برشلونة وهو في الحادية عشر من عمره ، وسرعان ما خطف الأضواء إليه كلاعب متميز في خط وسط الفريق.
وفي الخامسة عشر من عمره ، أصبح نجما في “كامب نو” ، معقل فريق برشلونة، حيث نال الشهرة في نيسان/ابريل 1986 عندما اندفع إلى داخل الملعب لتهنئة لاعبي برشلونة لدى تغلبهم على فريق جوتنبرج السويدي بضربات الترجيح بعد مباراة مثيرة وعصيبة في الدور قبل النهائي بكأس الأندية الأوروبية أبطال الدوري.
ووجد أسطورة كرة القدم الهولندي يوهان كرويف ، المدير الفني السابق لبرشلونة ، القوة والمهارة الكامنة في جارديولا فمنحه الفرصة للمشاركة للمرة الاولى مع الفريق الأول عام 1990 .
وسرعان ما أصبح جارديولا قائدا لخط وسط الفريق حيث نال إعجاب الجميع بفضل تمريراته الدقيقة وحسه الفني ووعيه الخططي.
ولعب جارديولا دورا جوهريا في “فريق الأحلام” الذي سلكه كرويف ويسعى إلى مواصلة العمل حاليا بنفس فلسفة كرويف القائمة على الاستحواذ بشكل كبير على الكرة.
وذكرت صحيفة “لا فانجارديا” التي تصدر في إقليم قطالونيا الأسبوع الماضي “كرويف هو بالتأكيد الأب الكروي لجارديولا”.
وقاد جوسيب جارديولا ، المشهور بلقب “بيب” ، فريق برشلونة بين عامي 1990 و2001 للفوز بلقب الدوري الأسباني ست مرات كما فاز معه بلقب كأس الأندية الأوروبية أبطال الدوري مرة واحدة.
وانتقل جارديولا فيما بعد للعب في أندية بريشيا وروما الإيطاليين والأهلي القطري ودورادوس دي سنالاوا المكسيكي.
وقال جارديولا إنه ترك برشلونة من أجل التعرف على كرة القدم في بلدان أخرى.
ونال جارديولا المديح والإعجاب في إيطاليا على وقاره وصموده الهادئ في إنكاره للاتهامات التي وجهت إليه بتعاطي مادة “الناندرولون” المنشطة ، وهي الاتهامات التي برأته منها المحكمة في بريشيا مؤخرا.
وعاد جارديولا إلى برشلونة عام 2007 حيث تولى مسئولية تدريب الفريق الثاني للنادي والذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة وترك معه بصمة رائعة.
ورغم ذلك ، كانت المفاجأة رهيبة عندما قرر خوان لابورتا رئيس النادي في حزيران/يونيو 2008 تعيين جارديولا في منصب المدير الفني للفريق الأول خلفا للهولندي فرانك ريكارد خاصة وأن جارديولا يفتقد لخبرة التدريب على مستوى الفرق الكبيرة.
وأثار جارديولا دهشة الجميع أيضا عندما اختار المدرب المغمور تيتو فيلانوفا مساعدا له بدلا من اختيار أحد زملائه السابقين من “فريق الأحلام” .
وتوقع قليلون من الخبراء أن ينجح جارديولا في مهمته مع برشلونة. كما اقتصرت تعاقدات النادي من أجل تدعيم صفوف الفريق على كل من المدافعين داني ألفيس وجيرارد بيكي ولاعبي خط الوسط سيدو كيتا وألكسندر هليب.
ودعم جارديولا صفوف الفريق بتصعيد اللاعبين الشابين سيرخيو بوسكيتس ودبدرو دومينيجيز من الفريق الثاني للنادي.
كما عمل جارديولا كثيرا من أجل إعادة بناء الثقة بالنفس لدى بعض اللاعبين مثل المدافع المكسيكي رافاييل ماركيز والمهاجمين الفرنسي تييري هنري والكاميروني صامويل إيتو بعد أن بدا للبعض أن أيام التألق للاعبين الثلاثة المخضرمين زالت بالفعل.
وفي النهائية أصبح جارديولا /38 عاما/ واحدا من أصغر المدربين الذين نجحوا في الفوز بلقب دوري الأبطال الأوروبي ، كما أصبح أول مدرب أسباني يقود فريقه للفوز بالثلاثية التاريخية.
كوووره