اقتصاد وأعمال

القصة الحقيقية للبترول السوداني

أبلغني وكيل وزارة الخارجيه فى منتصف العام 1993م بقرار نقلي للعمل كسفير للسودان بجمهورية الصين الشعبيه و قد فاجأني الخبر حيث كنت أتوقع النقل الي المملكه المغربيه وفق ترشيحات الخارجية و قد فسر الوكيل الأمر بأن القرار يرجع للسيد رئيس الجمهورية وفق رؤيته و أن للصين أهمية خاصة حينها في اطار سياسة التوجه شرقا فأسعدني الاختيار.

شهد العام 1970 فتح أول سفارة للسودان ببكين و كان أول سفير للسودان عبد الوهاب زين العابدين ابان حكم الرئيس جعفر نميري, و قد شهدت فترة السبعينات و الثمانينات تأطير العلاقات الثنائيه من خلال توقيع اتفاقيات التعاون الثنائى في المجالات الاقتصادية و التجارية و الثقافية و الصحيه. غير أن تلك الفترة شهدت ايضا تطورات هامة في الساحه الداخليه الصينيه من الثورة الثقافية و سطوة الحرس الي الوثبة الاقتصادية الكبري و الصراع علي السلطة و خلافة الزعيم ماو تسيي تونغ التي كانت تقودها زوجته جيانغ تشينغ (عصابة الأربعه) و التي راح ضحيتها وزير الدفاع لين بياو بسقوط طائرته وهو يحاول الهرب من الصين,, ووفاة رئيس الوزراء الأسطورة شوين لاي العام 1976 و طرد دينغ شاو بينغ العام 1977 من جميع مناصبه السياسية و الحكوميه و قيادته للصين بعد ذلك في اتجاه الاصلاح الاقتصادي و التنميه المتواصله المستدامه و التحديث.

و لعل من أهم نتائج تلك الفتره تأكد الفشل الذريع للثورة الثقافية و حرسها الأحمر و الوثبة الكبرى التي حاول الزعيم ماو تحقيق طفره انمائيه بها و احداثهما لشروخات عميقه في المجتمع الصيني من خلال ترسيخها لصراع الطبقات و استخدامهما في الصراعات السياسيه و تصفية الخصوم من قبل عصابة الأربعة بقيادة زوجة الزعيم و تدهور الاقتصاد الصيني الي ما يشبه الانهيار الكامل و تدميرها المنظم للقوي الانتاجية و محاولة الفصل بين الثورة و الحضارة الصينيه القديمة خاصة الكونفوشيه المتأصلة كمنظومة قيم في المجتمع الصيني. كما أنكرت الثورة الثقافية دور العلوم و الثقافه في دفع المجتمع الي الأمام, لذا فقد وجدت دعوة دينغ شاو بينغ للاصلاح و الانفتاح أرضا خصبة متعطشة للتغيير.

استند الزعيم دينغ علي فهم جديد للاشتراكيه علي انها قضاء علي الفقر عبر تطوير القوي الانتاجيه و تحسين مستوي الشعب الثقافي و المادي بالترويح و الانتقال من الاقتصاد المخطط الي اقتصاد السوق مع الاستناد الي الواقع الصيني و العمل علي زيادة ثروات المواطنين وهو ما أطلق عليه فيما بعد «الاشتراكيه ذات الخصائص الصينيه» كما أكد دينغ أن التمسك بسياسة الاعتماد علي النفس لا تعني الانغلاق علي الخارج و انه لا بد من الحصول علي مساعدات من الخارج مثل رأس المال

-2-

الاستثماري و التكنلوجيا الأجنبيه المتقدمه و رفع دينغ شعار «دولة واحدة و نظامان» لاستعادة هونغ كونغ و ماكاو و تايوان بالوسائل السلميه. كما ابتعد دينغ عن نظرية الثورة الدائمه ضد الامبرياليه و سعي لتطبيع علاقات الصين مع الولايات المتحده الأمريكيه و أوربا.

لقد اصيبت جهود دينغ في الانفتاح بانتكاسه خطيره في أعقاب أحداث ميدان تيان آن مين ( القبة السماويه) في صيف 1989م عندما تصاعدت احتجاجات الطلاب و مظاهراتهم و استمر احتلالهم للميدان و انضم اليهم العديد من المواطنين و بدأ الاعلام الغربي يبشر بسقوط النظام الشيوعي في الصين كما انهار حائط برلين و الاتحاد السوفيتي, فتدخل الأمن و الجيش الصيني بأوامر مباشره من دينغ و قضى علي انتفاضة الطلاب بالقوة, بدأت مرحله من توتر العلاقات مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة, و اتجهت الصين نفسها شرقا نحو اليابان و كوريا و دول شرق آسيا.

في ذلك الوقت كانت الصين تنتج أكثر من 90% من احتياجاتها البتروليه من الحقول الشماليه الغربيه الا أن كل دراساتها كانت تشير الي أن التطور الاقتصادي الكبير عبر المناطق الحرة التي بداْ انشاؤها في بودونغ و شنجن و شانتو و جوهاي و جزيرة هاينان سيؤدي بالضروره الي أن تستورد الصين المزيد من احتياجاتها البتروليه من الخارج.

بدأت و انا أستعد للسفر الي الصين في بلورة رؤية جديده للعلاقه مع الصين تتجاوز علاقات الصداقه التقليديه نحو آفاق استرتيجيه في ظل ظروف السودان الذي بداء حينها يعاني من الحصار الغربي.

أشرت في اللقاء التوديعي مع رئيس الجمهورية الي وضع التعاون في المجال النفطي مع الصين كأولويه قصوي فوجدت منه تشجيعا كبيرا و أكد توجه السودان نحو الشرق في سياسته الخارجيه. التقيت بعد ذلك بالعميد صلاح كرار وزير الطاقة و التعدين حينها بمكتبه بوزارة الطاقة و شرحت له أفكاري حول التعاون في المجال النفطي مع الصين فرحب ترحيبا كبيرا بالفكرة أبدي استعدادا كاملا للتعاون و طلب أن أعتبرأن لي مكتبا بوزارته . ثم التقيت د. مصطفي عثمان اسماعيل الذي كان حينها أمينا عاما لمجلس الصداقه الشعبيه العالميه الذي أكد دعمه لي و لتطوير العلاقات مع الصين . وفي لقاء مع صحيفة المستقبل التي كانت تصدر حينها اجراهو معي الصحفي عباس مصطفي صادق أشرت الي أهمية العلاقات مع الصين و امكانية تطوير العلاقات في المجال النفطي معها بما يعود بالخير علي البلدين في أول اشارة اعلاميه لبرنامج عملي بالصين.

و بدأت فور وصولي الي بكين التخطيط لاحداث نقله نوعيه في العلاقات من خلال عاملين هامين أولهما فهم أعمق للاصلاحات الاقتصاديه خاصة في مجال المساعدات

الخارجيه و الدور المتعاظم لشركات القطاع العام و ثانيهما دراسة أعمق لنهضة الصين الصناعيه و حاجتها المتصاعده للطاقه خاصة البترول و اتجاه سياستها لايجاد مصادر مضمونه لتغذية الفجوة المتزايده بين العرض و الطلب المحلي.

في مجال اصلاح المساعدات الخارجيه اختطت الصين سياسة التحول من القروض الصغيره في مجالات البني التحتيه من طرق و استادات و قاعات مؤتمرات (القرض حوالي 10 مليون يوان)

-3-

الي ما سمي بالقروض التفضيليه وهي قروض طويلة الأمد باسعار فائدة مدعومه تتركز علي المجالات الانتاجيه تتراوح بين 100-150 مليون يوان صيني, اضافة الي قروض تجاريه

تقدمها مؤسسات التمويل الصينيه و علي رأسها بنك التصدير و الاستيراد بشروط تجاريه.

كما اجرت الصين اصلاحا كبيرا لشركاتها و مؤسساتها المملوكه للدوله بحيث أصبحت تدار بمفاهيم السوق الحر و منحت ادارتها حرية كبيره في اتخاذ قراراتها و تحمل نتائجها و من بينها اعلان الافلاس في حال الفشل و كان جليا أن عجلة الاقتصاد الصيني قد بدات تدور بهدف استراتيجي

هو احداث نقلة نوعية ضخمه في مجال تحديث الاقتصاد و الخروج من دائرة الفقر و التخلف و دخول عالم التكنلوجيا الحديثه و لعب دور اساسي في مجال التجاره الدوليه.

تركزت جهودنا لادخال الصين في مجال صناعة البترول بعد فهم الواقع الصيني الي التحرك في مجالين أولهما اقناع الحكومة الصينيه بأهمية الشراكة مع السودان في استخراج و تصدير البترول و ثانيهما اقناع الشركات الصينيه بالجدوي الاقتصاديه لمثل هذه الشراكه.

بدأنا تحركا متزامنا في الاتجاهين 1994 ففي الجانب الحكومي أصبح بند التعاون في مجال البترول بندا ثابتا في اللقاءات مع الجانب الصيني و كانت الحكومه الصينيه قد حولت وقتها وزارة الطاقه الي الشركة الوطنيه الصينيه للبترول (CNPC ) رئيسها بدرجة وزير و ذلك في اطار اعادة الهيكله للاقتصاد الصيني في اطار الاصلاحات الاقتصاديه . كان تقدير الحكومه الصينيه أن نبدأ باقناع الشركات الصينيه بجدوي التعاون و انهم من الناحيه السياسيه ليس لديهم اي تحفظات تجاه التعاون مع السودان . كانت شركة ZBP للبترول هي أول شركة تجري اتصالا مباشرا بها وهي الشركة المالكه لحقل بويانغ POYANG في وسط الصين.

و قد زرت رئاسة الشركة بمدينة بويانغ و التقيت قيادتها التي رحبت ترحيبا كبيرا بالتعاون مع السودان, و شارك وفد من الشركة في أول وفد تجاري نظمنا زيارته للسودان في النصف الاول من العام 1994 و كانت زياره ناجحه التقي خلالها وفد الشركه بوازرة الطاقه ووقع معها مذكرة تفاهم بدأنا بعد ذلك اتصالات بشركة البترول الوطنيه الصينيه (CNPC) و كان علي رأسها وقتها وانغ تاو WANG TAO الذي رحب ترحيبا كبيرا بالتعاون مع السودان ووجه دعوة لوزير الطاقه السوداني صلاح كرار لزيارة الصين و قد تمت الزيارة و كانت ناجحة وضعت أساسا متينا لمستقبل التعاون بين البلدين في مجال البترول و تم خلالها الاتفاق علي قيام شركة مشتركة للحفر و تبادل الزيارات و التعرف علي المعلومات المتعلقه بالبترول السوداني و التي كانت محفوظه حينها في كندا, وقد ولدت وقتها فكرة انشاء مركز معلومات بالسودان لحفظ المعلومات المتعلقه بالبترول السوداني بالبلاد, و قد تم انشاء المركز ضمن أول المشاريع التي تم تنفيذها مع الصين بمنحة بلغت مليون دولار قدمتها شركة البترول الصينيى للسودان لاحقا.

بعد أن هيأنا القياده الصينيه الحكوميه علي مستوي وزارتي الخارجيه و التجاره الخارجيه و بنك الصين للتصدير و الاستيراد

-4-

و بعد أن أبدت شركة الصين الوطنيه استعدادا للتعاون مع السودان و اصبح تواصلنا مع نائب الرئيس حينها السيد وو ياوين قويا ومستمرا, بدأنا نفكر في الحصول علي مباركة القمة و لم يكن هذا ممكنا الاعبر زيارة لرئيس السودان للصين يلتقي خلالها بالرئيس جيانغ زيميني الذي كان يشغل حينها الوظائف الرئيسيه الثلاث رئاسة الصين و رئاسة اللجنه العسكريه و سكرتارية الحزب الشيوعي الصيني.

طرحنا الفكره للخارجيه الصينية, فرحب نائب الوزير جو بيدنغ و كانت تربطنا علاقات صداقة خاصة به بالزياره و اتفق معنا علي اهميتها في ذلك الظرف خاصة في بعدها الاقتصادي, و الصين تعتبر السودان نموذجا حقيقيا لعلاقاتها مع الدول الأفريقية. فليس للسودان اي علاقات بتايوان ولا حتي المسموح بها من قبل الصين كاقامة مكتب تجاري بتايبيه, بل ساهم السودان في اقناع بعض الدول الأفريقيه بقطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان و اقامتها مع الصين كخيار استراتيجي. كما أن الصين لم تتدخل ابدا في الشئون الداخليه للسودان و تعاملت مع الأنظمه القائمه و ظلت علاقاتها مفتوحه مع مختلف القوي السياسية.

تحولنا بعد وزارة الخارجيه الي وزارة التجارة الخارجيه التي كانت علي رأسها السيده وو يي WU YI و كانت تعرف بالمرأة الحديديه و بدأنا مفاوضات معمقه حول حول النتائج الاقتصاديه الممكنه لزيارة الرئيس السوداني للصين و كانت سياسة اصلاح المساعدات الخارجيه قد اكتملت و أصبح التفاوض حول الحصول علي ما أصبح يعرف بالقروض التفضيلية ممكنا. و كان السودان من أوائل الدول الأفريقيه التي بدأت مفاوضات حثيثة للحصول علي أول قرض تفضيلي بسعر فائده مدعوم موجه لقطاع البترول. و تقرر منح السودان قرضا تفضيليا بمبلغ مائة و خمسين مليون ايوان صيني يوقع أثناء الزيارة.

بعد اكتمال الاستعدادت بدأ الرئيس عمر حسن احمد البشير زيارته للصين في سبتمبر 1995 مباشرة بعد انتهاء مؤتمر المرأة العالمي في بكين.

رافق رئيس الجمهورية وفد كبير علي مستوي عال ضم وزير الخارجية علي عثمان محمد طه, ووزير الماليه عبدالله حسن أحمد, و عبدالرحيم محمد حسين وزير شئون رئاسة الجمهورية, و عوض الجاز وزير رئاسة مجلس الوزراء, و مصطفي عثمان الأمين العام لمجلس الصداقه الشعبية العالميه.

طرح الرئيس البشير التعاون في مجال البترول كخيار استراتيجي لتعاون طويل المدي لصالح شعبي البلدين , و قد رحب الرئيس الصيني بالطرح السوداني و أشار الي أنه يتماشي مع سياسة الاصلاحات الاقتصاديه التي تهدف الي خلق شراكات استراتيجيه للصين مع الدول الصديقه و أكد اعتبار الصين علاقاتها مع السودان نموذجا لعلاقات التعاون بين دول الجنوب الناميه. و كانت نتيجة ذلك اللقاء أن قررت الحكومه الصينيه منح السودان قرضا تفضيليا بمبلغ مائة و خمسين مليون ايوان يخصص مائة مليون منها لمشروع البترول و خمسين مليونا لمشروع الذهب و لوجود عنصر مخاطره في المجالين فقد رأت الحكومه الصينيه أن يكون القرض للشركات الصينيه و علي مسؤليتها اي انها المسئولة عن استرداد القرض مستقبلا.

-5-

عندما أبلغ وزير الماليه بقرار الحكومة الصينيه بحجم القرض و بقرار منحه للشركات الصينيه ليبدأ عملها فورا كبداية لتعاون استراتيجي خططنا له بعناية فائقه انتقد الاسلوب بشدة و ذكر انه لن

يوقع اتفاقية القرض و استنكر أن يحضر الرئيس من السودان ليبلغ بأن القرض سيمنح للشركات الصينيه و ليس للحكومه السودانيه.

عندما احتد النقاش مع وزير الماليه أمام عدد من الوزراء المرافقين طلب مني د.مصطفي عثمان همسا أن أتحدث مع رئيس الجمهورية. ذهبت اليه في مقر اقامته و كنت منزعجا و شرحت له الموقف و زكرته باتفاقنا علي أن الهدف من الزيارة هو التعاون مع الصين في مجال البترول و ان وزيره أكد أنه لن يوقع اتفاقية القرض في صباح اليوم التالي , قابل الرئيس ما ذكرته بهدؤ شديد و أكد تفهمه الكامل للهدف الاستراتيجي من الزيارة و طلب أن اؤكد للجانب الصيني أننا سنوقع اتفاقية القرض,,,,

في صبيحة اليوم التالي تم التوقيع علي اتفاقية أول قرض تفضيلي صيني للسودان بمبلغ مائة و خمسين مليون ايوان, و كانت تلك بالفعل ضربة البداية لدخول الصين مجال الاستثمار في البترول في السودان.

دخلت مفاوضاتنا مع شركة الصين الوطنيه للبترول و قد اتفقنا مع قيادة الشركةعلي المبادئ التاليه لتحكم علاقات الشركة بالسودان

أولا: أن يكون تبادل المنفعه العادل بين الطرفين هو الأساس و أن يقوم ذلك التبادل علي المصلحة المشتركة للطرفين.

ثانيا: أن يمتلك السودان المعلومات حول ثروته البتروليه باقامة مركز للمعلومات البتروليه تحفظ فيه كل المعلومات السابقه و اللاحقه عن البترول السوداني.

ثالثا: أن يمتلك السودان ثروته البتروليه من خلال اتفاقيات شراكة متناقصه لصالح السودان و ان يتم تدريب كوادر سودانيه ذات كفأة عاليه في شتي المجالات لتدير صناعة البترول.

رابعا: أن يشمل التعاون عمليات الاستخراج و التصفية و النقل بالأنابيب و التخزين و التصدير

كان أول المشاريع التي تمت مناقشتها مع الجانب الصيني مشروع انشاء شركة حفريات مشتركة سودانيه صينية و قد أكمل الجانبان الدراسات الفنيه و تمت صياغة اتفاقية الشراكة, غير أن المشروع لم يري النور و دخلت شركات صينية متخصصه في الحفر سوق العمل في السودان كشركة سور الصين العظيم و غيرها.

-6-

أبدت شركة البترول الوطنيه الصينيه CNPC رغبة في الحصول علي امتيازالتنقيب و التطوير للحقل في مربع أربعة (هجليج) كاستثمار من جانبها بعد تسوية استحقاقات شركة ستيت STATE الكنديه, غير أن قرار الحكومه السودانيه كان أن يمنح الامتياز لكونسرتيوم و يفتحح باب المنافسه عن طريق عطاءات مقفوله, وكان ذلك قرارا صائبا يحقق هدفين, أولا توسيع المشاركه الدوليه فتكون الشركات ممثله لمجموعة دول بدلا عن دولة واحدة, و الثاني أن المنافسه تحسن شروط اتفاقية قسمة الانتاج لصالح الدولة.

و قد كانت عملية التقديم و التنافس معقدة شاركت فيها مجموعة شركات بعضها اوربي و بعضها الآخر أمريكي و أسيوي و انتهت بفوز الكونسرتيوم الذي يضم شركة CNPC الصينية بنسبة 45% و شركة بتروناس الماليزية بنسبة 35% و استيت بتروليوم الكنديه بنسبة 15% و سودابت السودانيه بنسبة 5%, و كان العرض الصيني هو الأفضل و الأدني سعرا و الأكثر فائدة للبلاد. بعد ذلك وقعت الشركه الصينيه علي حق الامتياز في مربع ستة (المجلد) منفردة بهدف تطوير الحقل. و قد لعب د. عوض الجاز و د. مصطفي عثمان ادوار هامه و كبيره تساندهم مجموعه من خبراء وزارة النفط علي رأسهم المهندس/ صلاح وهبي و المهندس/ عبد الظاهر و رأس اللجنه الفنيه التي قامت بفرز العطاءات د. عبد الرحمن عثمان و قد أثبت الجميع كفاءة عاليه و التزام قاطع بمصلحة الوطن. بعد ذلك بداء التفاوض مع الجانب الصيني علي انشاء مصفاة الخرطوم و تفقد د.الجاز عدد من المصافي الصينية و اقتنع بالقدره, الفنيه و التقنية الصينية و تم الاتفاق علي قيام مصفاة الخرطوم في شكل شراكة متساوية بقيمة سبعمائة مليون دولار, قامت الشركة الصينية بدفعها و استردتها بعد عمل المصفاة. و تولت شركة صينية تنفيذ خط الأنابيب هجليج بورتسودان و طوله 1610 كلم و تمكنت من تنفيذ الخط قبل الموعد المحدد.

و فعلت خلية النحل الصينيه فعلتها في السودان و تحول مشروع النفط السوداني الي واقع في الاحتفال في العام 1999 بتصدير أول دفعة من النفط السوداني عبر ميناء بشائر علي البحر الأحمر و بدأت سنوات الطفره الاقتصاديه في السودان التي تضاعف اثرها بتوقيع اتفاق السلام في نيروبي في 2005 .

حواشي

عدت الي السودان بعد انتهاء فترة عملي بالسفاره في بكين في يوليو 1998 و منذ ذلك الحين لم يشر أحد الي دور قمت به أو قامت به السفاره السودانيه في مشروع قصة البترول و منح السفير الصيني وسام النيلين من الطبقه الأولي و كان يردد كلما التقاني « نيل لك و نيل لي».

و لم يسبق لوزارة النفط أن وجهت الدعوة لي لحضور احتفالات تصدير البترول التي بدأت بعد أشهر من عودتي من بكين سنة 1999 م و كنت دائما استجير بالمثل الصيني القائل بأن كل من يشرب من البئر يجب أن يتذكر من قام بحفرها.

-7-

ويظل أجمل ذكريات مشروع البترول بالنسبه لي انني حضرت حفل توقيع اتفاقيات انشاء الكونسرتيوم بمنزل الرئيس و قد شاهدنا حفل التوقيع عبر التلفاز سويا بعين الرضا و السعاده علي حلم تحقق .

الخرطوم: السفير : علي يوسف:اخر لحظة
DCfWSa

‫6 تعليقات

  1. سعادة السفير/على يوسف

    الشكر لك من بعد الله ولكن عهدنا بالسودانيين الإصيليين العمل لبلدهم بتجرد ونكران ذات ودون أنتظار شكر من أحد ودونكم الرعيل الأول من الذين عملوا للأستقلال ومن بعده وعموما مساهمتكم فى أستخراج خيرات السودان تحسب لك اذا ذكر الحدث كأحد جنوده الخفيين فشكرا لسعادتكم مرة ثانية ولا ينكر الفضل الا قليل أصل .

  2. البترول استخرجه النميري الرجل الذي كان حريصا على رفعة السودان ولكن ايدي خبيثة لاتريد للسودان رفعة تآمرت على ازاحته وها نحن اليوم نترنح من هاوية الى اخرى ابتداءً بالمجلس العسكري الى الانقاذ الجبهة القومية الاسلامية المؤتمر الوطني والشعبي .
    أين نحن الآن ما قيمة السودان وما وضعه بين الدول في المحافل الدولية كيف يعيش المواطن واّن اردت ان تعيش فعليك بالتطبيل كذبا للتنظيم والا لا مكان لك .التجارة الوظائف كلها للمحسوبين على التنظيم وليتهم يخافون الله؟؟؟؟

  3. شكرا للسيد السفير على جهوده النيره واعماله الجليله ولكن عتبى عليه بانه ينتظر الشكر والثناء لماذا؟ لانه سفير وواجب عمله تحسين العلاقات وجلب المصلحة للوطن بدون اى شكر او ثناء

  4. غاندي قال لإبنته أنديرا غاندي وهو يوصيها : أن هناك من يعمل وهناك من يستلم الراتب – بمعني أن هناك من يعمل ويجتهد ولايجد مقابلا بينما هناك من يدعي العمل ويتكلم أكثر ويجد التقييم أكثر بمعني أن هناك من يعمل وهناك من لايعمل

  5. [B]
    و لعل من أهم نتائج تلك الفتره تأكد الفشل الذريع للثورة الثقافية و حرسها الأحمر و الوثبة الكبرى التي حاول الزعيم ماو تحقيق طفره انمائيه بها و احداثهما لشروخات عميقه في المجتمع الصيني من خلال ترسيخها لصراع الطبقات و استخدامهما في الصراعات السياسيه و تصفية الخصوم من قبل عصابة الأربعة بقيادة زوجة الزعيم و تدهور الاقتصاد الصيني الي ما يشبه الانهيار الكامل و تدميرها المنظم للقوي الانتاجية و محاولة الفصل بين الثورة و الحضارة الصينيه القديمة خاصة الكونفوشيه المتأصلة كمنظومة قيم في المجتمع الصيني. كما أنكرت الثورة الثقافية دور العلوم و الثقافه في دفع المجتمع الي الأمام, لذا فقد وجدت دعوة دينغ شاو بينغ للاصلاح و الانفتاح أرضا خصبة متعطشة للتغيير.
    >>>>الفقرة دى بالذات تنطبق عليــــــــنا بأمتياز. فقط مع تغيير الشخوص,,[/B]

  6. سعادة السفير، حفظك الله، ومبارك لك هذا الجهد الكبير وهدفك كان ساميا وهو خدمة بلدك بتجرد ولم تكن تتوقع أن تكافأ ولكنك آلمك أن ترى ممن كوفئوا بمجرد أنهم اتخذوا مكانك واختذلوا دورك تم تجيير كل تلك الأعمال الجليلة لصالحهم ونسوا أنك كنت وراء هذا النجاح الكبير وليتهم اعطوك مجالا أكبر لتثبت أنك وطني تستحق التكريم. اعلم سعادة السفير، هناك الكثير من الفرص اتيحت للبعض وأنا منهم، ولكنك حظيت بدرجة، لأنك كنت سفيرا وتملك أدوات النجاح، ولكن الكثيرين تم اختزال أدوارهم في خدمة هذا البلد بمجرد أن طرحوا أفكارا كانت أن تؤدي الى نمو هذا الوطن “السودان” ولكنهم بسبب الأطماع الشخصية والظهور بمظهر العباقرة أضاعوا تلك الفرص بمردأن تولوا أدوار الذين ابتدأوا تلك النجاحات فأضاعوا “الخدمة أوالمنفعة” على البلد وأضاعوا أصحاب الفكرة وأضاعوا الخبرة والا كانت البلد تزخر بالكثير من الخيرات بفضل الله أولا ثم بخبرات أهل السودان الخيرين.