منوعات
ضاق به الحال.. ففر إلى «قبقبة» حيث الذهب.. فكانت المفاجأة: «…»
وصل عبد الرحمن إلى «قبقبة»، وهي منطقة تنجيم أهلي شمال شرق أبو حمد غنية للمحظوظ أوالعندو إمكانيات وفلوس. وعبد الرحمن لامن هؤلاء ولا أولئك.
مكث فيها أياماً حتى فلس.. وأصبح ذات يوم ما عندو لا حق الرجعة إلى أهله ولا حق الفطور، بي الحاصل تب ما هو مسرور.
وهو هائم في المنطقة ذاك الصباح جيعان وحيران أبصر عن قرب مطعماً.. تفوح منه رائحة الشواءات الشهية وقدرة الفول الكبيرة ومتكية، والرغيفات المنفخات زي كضيمات زوجتو علوية.
فتوكل وقصد صاحبها.. وهمس في أذنه بحاله وأنه «مقشط» عدمان طفاي النار وجيعان لامن شامي ريحة مصارينو» وضايق بيهو الحال.
صاحب المطعم نظر إليه فاحصاً، فقرأ من سمات وجهه أنه رجل صادق يرجى منه الكثير.. فابتسم في وجهه ورحب به وأكرم وفادته.. وأحضر له بالتربيزة فطور مدنكل أعقبه الماء البارد والعصير والشاي والقهوة، صاحبنا لامن إنبسط تب.. والدنيا بي غيرها.
والمفاجأة الكبرى أنه عرض عليه عمل. وذلك ما كان يبغيه ويقصده ويفتح أمام عينيه الأمل.
قال الرجل لـ عبد الرحمن:
ـ «أنا عندي بير.. زول قبالك إنت وضع عليها إيدو مافي.. وأنا واثق أنها فيها ذهب وفير.. دحين يا ود أعمي إنت وشطارتك وحظك.. عليك أمان اللَّه قسم الحلال بالبلال، رأيك شنو؟
ردّ عليه عبد الرحمن متحمساً:
ــ «رأيي؟؟» يا زول قوم من دربك وأديني عدة الشغل.. وبعدين بتشوف براك.. إن شاء اللَّه يحصل خير» وبدأ عبد الرحمن العمل منذ صباح اليوم التالي مبكراً جداً.. بدأه بحماس شديد.. كان كلما يدق أب راسين أو يحفر بأي معول مخصص، كان مع كل دقة يحلم بأنه دق المعول على رأس دين من الديون فحطمه.. ويسمع صوت أطفاله الصغار يشجعونه «أسرع يا بابا.. نحن طردونا من المدرسة عشان المصاريف أسرع أسرع السخينة قددت مصارينا.. أسرع نحن جيعانين.. يا أبوي سيد البيت قال لينا بجدع عفشكم في الشارع وكان كلما خيل إليه صوت سيد البيت «يتفش» في الصخرة التي أمامه بضربة قوية تتفجر على إثرها شظيات ويتطاير منها الشرر.
وأخيراً أنتج عبد الرحمن في «12» يوم «12» شوال.
ولحظه العجيب وإصراره الرهيب فقد ابتسمت له الدنيا بعد طول غياب، فالشوال الواحد أنتج «50» جرام دهب، كان نصيب عبد الرحمن فيها «650» جرام بالتمام والكمال. ووجد عبد الرحمن أنه في خلال «12» يوم يمتلك ثروة من المال تقدر بـ «200» ألف من الجنيهات.. بالجديد.
وجلس عبد الرحمن بعد هذا العناء الشديد يتونس مع صديقه الجديد صاحب المطعم صاحب البير المحظوظة.
فقال صاحب البير لـ عبد الرحمن:
ـ «أنا عندي ليك مفاجأة» يا عبد الرحمن.
سأله عبد الرحمن: ما هي!؟
قال الرجل: «أصلوا البير دي يا عبد الرحمن كانت منطلقة حولها إشاعة إنها مسكونة.. عشان كده كل الناس اتفادوها.. وطول فترة بقائي هنا بـ «قبقبة» ما لقيت ليها إنسان مناسب غيرك.. شوف يا عبد الرحمن القسمة الجابتك لي وإنت جيعان.. أنا كان عندي إحساس إنو الإنسان لو دخل البير بي «وهم» إنها مسكونة أكيد حيفشل.. عشان كدا لو تتذكر أول شرط قلتوا ليك: ما في واحد يهوب عليك من الناس أو يعرف عنك حاجة والخطة نجحت.
كان عبد الرحمن في تلك المدة يجهز حاله بعد أن مكن «القروش» في قرار «مكين».. كان ما يهمه هو بعد ذلك أهله.. ولعل الجن حينها قد خافوا من ذلك الرجل الذي كان يدق الصخر بإصرار وهو يردد مع كل دقة وعيده بأن يهزم الديون وأن ينتصر على سيد البيت وأن يفرح العيال.. فأكيد أكيد في تلك اللحظات لو هوب أي من الجن نحوه وأبصره في أي شكل مجسد.. حيوان أو ثعبان.. أكيد كان حيشق ليهو راسو.
٭ هذه القصة واقعية من منطقة «قبقبة» وهي من الحكايات التي رواها لنا الصديق القارئ الفريد محمد أبو علامة الذي عمل كثيراً بمناطق الذهب وننتظر منه المزيد.
والأرزاق بيد اللَّه.. وهي ليست بالفلاحة أو الفهلوة، يقول الشاعر:
عليك بتقوى اللَّه إن كنت غافلاً
يأتيك بالأرزاق إن كنت لا تدري
فكيف تخاف الفقر واللَّه رازق
فقد رزق اللَّه الطير والحوت في البحر
فمن ظن أن الرزق يأتي بقوة
ما أكل العصفور شيئاً مع النسر
ونواصل في حلقات أخرى طرائف وحكايات الأرزاق.. ففيها التفكر والعبر. إن شاء اللَّه.
صحيفة الانتباهة