سياسية

«عرمان» بين زيارتي «حسبو» و «غندور»


  
  حملة «عرمان» ضلت طريقها تماماً.. فهو يحتج على زيارة المسؤول الرابع «بروتوكولياً» في الحكومة السودانية بروف غندور إلى واشنطن.. وواشنطن يمكنها فهم واستيعاب دوافع عرمان ومن معه للوقوف ضد الزيارة.
>  وكان يمكن أن ترفضها كما رفضت من قبل زيارة دكتور نافع حينما كان في نفس موقع غندور.
>  كان رفض تلك من دوائر في واشنطن لرؤيتهم حول توقيتها. لكن الآن التطورات في الميدان على صعيد الحرب في دارفور، وإنهاك قوات قطاع الشمال وتحويل دعمها لمحاربة قوات مشار.. كل هذا جعل المسؤول في حكومة الخرطوم مرحباً به في واشنطن. ولسان حاله يقول لها ما تريدينه من خلال التمرد من موارد البلاد يبقى طريقه وعراً وصعباً، لكن الخرطوم يمكنها أن تعرضه لك في السوق العالمية مع «الصمغ العربي».. والخرطوم في غنى تام عن أن يكون تصنيفها كارهابية ضمن قائمة الإرهاب، والارهاب نفسه لا يحتاج  إلى السودان في شيء.. فهو في القارة الآسيوية وفي شرق وغرب إفريقيا يفعل الأفاعيل في مناطق النفوذ الأمريكي واليهودي.. ومثل السودان يمكن أن تستفيد واشنطن من تفكيره في تذويب «الإرهاب» لو أرادت ذلك. لكنها لن تريد لأنه سيحدثها عن أرحامه التي يتولد منها، وهذه الأرحام هي السياسات الخارجية لواشنطن ولندن وتل أبيب وبعض العواصم التي تتعاون معها. الإرهاب يتولَّد من دعم الاحتلال الأمريكي والاوروبي ودعم التمردات  والتهاون مع النظامين الطائفيين في بغداد ودمشق، في عاصمتي العباسية والأمويين. والضباط البعثيون السابقون في العراق تحت مظلة الدولة الإسلامية يحرقون الطيار الأردني لأن قوات بلاده ضمن التحالف الخمسيني الذي يحارب في العراق وسوريا دولة العشائر العربية السنية التي تحمل اسم «داعش» والبادئ أظلم. كل هذا ليس للخرطوم موطئ قدم فيه.. فلماذا اذن لا تخشى واشنطن تفكير الخرطوم اذا استمرت في دعم وتمويل مشروع التمرد في السودان رغم الاتفاقيات والنداءات ورغم انفصال الجنوب؟! الا تخشى واشنطن؟! أم أنها الآن بدأت تستحي، وبعد ان اعترضت زيارة نافع إليها احتجاجات سابقاً فرشت البساط الاحمر لغندور؟!
>  وعرمان يبدو عليه متخبطاً، فهو لم يستوعب استقبال موسفيني منفذ مؤامرات واشنطن في إفريقيا لنائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن بعد استقبال واشنطن لمساعد الرئيس غندور.
>  إن موسفيني لاعب كبير وموظف كبير في مشروع المؤامرات الامريكي في افريقيا.. أما عرمان فهو موظف صغير في هذا المشروع شأنه شأن موظفي المنظمات الأجنبية. وموسفيني يرى غندور مرحباً به في واشنطن فلا بد أن يسير سفينته باتجاه أمواج المؤامرة. وليس هو من يحدد استقبال او دعوة مسؤول سوداني رفيع، وانما يفعل فقط ما تفعله واشنطن. اذا قيل له استقبل قرنق يستقبل قرنق.. اقتل قرنق.. يقتل قرنق..ادعم سلفا كير.. يدعم سفا كير.. افعل له كذا.. يفعل له كذا. وهكذا. وإذا تمرد فإن الدعم سينهال على جيش الرب تحت دعوى ان قبيلة الاشولي تواجه اضطهاداً من كمبالا. وعرمان إذا كان لا بد من احتجاجه فليحتج على استقبال موسفيني لوفد نائب الرئيس «حسبو» وان يحتج على قرار موسفيني بطرد قادة الحركات المسلحة السودانية من كمبالا. فهذا طبعاً يبقى أقسى من استقبال واشنطن لمسؤول في حكومة دولة هي عضو في الأمم المتحدة.
>  إن غندور ليس مسؤولاً في حكومة جمهورية ارض الصومال «شمال الصومال» التي لم تظفر حتى الآن بعضوية الأمم المتحدة ولا مسؤول في حكومة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في اقليم العشائر العربية السنية.. فهل يرى عرمان أن استقبال واشنطن للمسؤولين الإسرائيليين أثناء المذابح التي ترتكب ضد أهل الأرض من الأطفال والنساء أمراً عادياً.. لكن استقبال مسؤولي حكومة الخرطوم ليس أخلاقياً؟! نعم مثله ومن على شاكلته يمكن أن يرى ذلك.
>  وإن كان هو من نبات الحزب الشيوعي، فقبل عقود كانت موسكو الشيوعية ترى أن الوقوف مع الاحتلال اليهودي ضد الفلسطينيين تبرره النظرية الشيوعية التي تقول إن نصرة الرأسمالي مقدمة على نصرة الإقطاعي، وهم يصنفون الفلسطينيين إقطاعيين.

صحيفة الانتباهة