الصادق الرزيقي : التصالح السياسي لا مفرَّ مِنْهُ..!!
> الحكومة التي تستعدأحزابها للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، يتوجَّب عليها أن تبحث قبل الشرعية الدستورية، عن ما يقوِّي الساحة الداخلية، ويحفظ كيان البلاد وتماسُكها، ويضمن وحدة شعبها. فما تواجهه منطقتنا العربية وأقطارنا الأفريقية في المرحلة المُقبلة، يستحق أن ننتبه إليه ونتعامل معه بجدية، قبل حلول الطامة والكارثة..
> من الواضح أن العمل الهدمي الذي يجري في تراكيب العالم العربي، السياسية والجيوإستراتيجية توطئة لبناء جديد، أمراً بالغ الخطورة ويستحيل التفرُّج عليه دون وضع الاحتياطات اللازمة التي تعصم من القواصم. فالعالم العربي الذي يتشكَّل من جديد، لم يكن محض صدفة، الصدفة كانت هي ثورات الربيع العربي التي خلْخلت أركان النظام العربي التقليدي، وأفاقت القوى التقليدية ومن خلفها القوى الغربية من هول الصدمة، فلجات إلى الحملة الارتدادية العكسية، ونجحت في بعض بلدان الربيع العربي، واستفادت من سيولة الأوضاع في بعضها، لتعيد ترتيب المنطقة وفق ما تريده، وبصورة أكثر بشاعةً مما كانت عليه في حالات الأنظمة السابقة التي عصفت بها الأنواء الثورية وحملتها الأعاصير إلى مثواها.
> والسودان لم يكن بعيداً ولا محصَّناً، لكن المُخطط الموضوع له، كان يختلف بعض الشيء في طرائق تنفيذه، وكان يُراد من الحركات المتمرِّدة وتحالُفها مع الحركة الشعبية بعد توقيع اتفاقية نيفاشا مباشرة، أن تُحقِّق نصراً كاسحاً، وبسهولة يسقط النظام وتُقام على أنقاضه السلطة الجديدة التي تُحقِّق مرادات القوى الدولية، وترك السودان في خِضمِّ أمواج متلاطمة بعد عجز الحركات المتمرِّدة وفشل التحرُّكات الداخلية لتفجير الوضع من لُب وعمق البلاد، وفشل تلك الخطة لا يعني نهايتها. فالمؤامرات لا تنتهي وتموت، إلا بعد أن تُحقِّق أغراضها كما قال القذافي عن قضية دارفور، التي أسهم هو بشكل كبير في إشعال أوراها وتضخيم نارها.
> والآن تُشير كل المؤشرات والسيناريوهات في المنطقة، أن بِنية النظام السياسي العربي، ستتغيَّر ولن يسلم منها أحد. وقد حدثت تطوُّرات إستراتيجية هائلة خلال الفترة القصيرة الماضية، كما تشهد الساحة الأفريقية تحرُّكات غير مُعلنة وبعضها يتحرك تحت الغاب وظلال الأحداث، لصناعة هزة ذات متواليات إستراتيجية، ستعقب الهدوء الراهن.
> وهذه ليست مجرد تحليلات وتخمينات، فهناك صناعة دقيقة لنظام إقليمي أفريقي بجانب نظام عربي مجاور له، وطلائع هذه الصناعة والتركيبة المرتقبة واضحة الآن، وأطلًّت برأسها في صيغ متعددة وتحالفات جديدة وقوى صاعدة وأخرى منصرفة تتراجع وتنكشف عنها الأضواء..
> هذا يفرض علينا في السودان التعجيل بما علينا أن نفعله لسد الذرائع وتحصين البيت السوداني من التدمير والخراب أو الحريق، ولم نفعل ذلك التحصين إلا إذا سعينا بجد وإخلاص في بناء الثقة مع بعضنا البعض، ومد أيادينا جميعاً بيضاء من غير سوء لكل سوداني حريض على سلامة ترابه ووطنه..
> إذا كان مشروع الحوار الوطني يمضي متعثِّراً أو أُجهضت فاعليته، فعلينا البحث عن أسلم وأقرب صيغة لاحتواء خلافاتنا والتفاهُم في كيفية الحفاظ على بلدنا موحَّداً ومتماسكاً وقادراً على البقاء كما هو، وإلا سنندم ذات يوم على تضييعه وفقدانه، وهذه مسؤولية الجميع من هم في الحكومة ومن اختار معارضتها..
صحيفة الإنتباهة [/JUSTIFY]
الصلح خير والبلد حتمشي لدام