صحفيون سودانيون: المصادرات فاقت حدود المعقول
عادت الخلافات بين الصحافة السودانية والسلطات الأمنية تطل برأسها من جديد، عقب إجراءات عُدّت مخالفة للقانون اتخذتها السلطات ضد كتاب وصحفيين وصحف سياسية مستقلة.
وشبّه صحفيون القرارات الأمنية العقابية ضد بعض الصحف بالسحابة السوداء، مشيرين إلى أنها تخطت حدود المعقول من مصادرات وتوقيف وحجب عن الصدور.
ودفع استمرار القرارات الأمنية بمصادرة صحيفة الجريدة السياسية المستقلة لخمس أعداد متتالية اتحاد الصحفيين السودانيين -المحسوب على الحكومة- للإعراب عن قلقه البالغ إزاء ذلك.
بينما عدّت شبكة الصحفيين السودانيين -المحسوبة على المعارضة- الإجراءات الأمنية مواصلة لنهج لم ينقطع إلا فترات بسيطة لم تتعد الأشهر.
وأكد اتحاد الصحفيين أن تعطيل صدور الصحيفة من شأنه الانتكاس بمناخ الحريات، وتبديد الآمال المنعقدة على أن يقود الحوار الوطني القائم في السودان الآن إلى انفراج في المشهد السياسي.
وطالب الاتحاد -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- بعدم اعتماد الإجراءات الاستثنائية في مواجهة الصحف وإيقاف مصادرتها من المطبعة، والاحتكام للقضاء إذا رأت أي جهة وجود مخالفة للقانون في أداء الصحيفة المعنية.
وأكد البيان أن عدم إبداء الأسباب الموجبة لحرمان الصحيفة من الصدور لا يعبر عن الشفافية المطلوبة، ولن يقود إلى حلول تدفع استقرار مناخ الحريات بالبلاد إلى الأمام.
وأصدرت شبكة الصحفيين السودانيين تقريرا أشارت فيه إلى نحو أربعين حالة عدّتها انتهاكات حقيقية لحرية الإعلام في البلاد، من بينها مصادرة صحف وحجب أعداد منها ومنع كتاب وصحفيين من مزاولة المهنة.
ويصف التقرير مستقبل العمل الصحفي بالمظلم؛ بسبب اتساع دائرة الجهات المنتهكة لحرية التعبير، وأشار إلى أن فضاء حرية الإعلام في السودان يتسع ويضيق بناء على مؤشرات غير ثابتة تحكمها الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية؛ “فكلما كانت هناك خلافات بين الحكومة وجهات أخرى داخلية كانت أو خارجية ضاق هامش الحرية”.
وقال عضو شبكة الصحفيين حسين سعد إن هناك عشرات الحالات لانتهاك حرية الصحافة لم توثق بعد، وأوضح للجزيرة نت أن كل هذه الحالات تتم خارج إطار القانون.
بينما يرى الخبير الإعلامي ورئيس تحرير صحيفة الأيام المستقلة محجوب محمد صالح أن وجود نيابة للصحافة بجانب مجلس الصحافة “كان يفترض أن يمنع تدخل الأمن لمعاقبة الصحف”.
وعبر محجوب -في تعليقه للجزيرة نت- عن اعتقاده بأن ما يجري من مصادرات “هو معاقبة بعدية على ما ينشر من مواد صحفية”، ودعا إلى الاحتكام للقانون “الكفيل بمعالجة كافة المشكلات”.
أما الخبير القانوني نبيل أديب فرأى أن ما يحدث هو عمل خارج إطار القانون والدستور، ونبّه إلى ضرورة معالجة قانون الأمن الوطني بما يمنع تدخله في شأن النشر الصحفي.
وأشار أديب -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تدخل الأمن وفق ما هو كائن الآن يمثل دوما انتكاسة في جانب حقوق الإنسان بالبلاد، وأكد أن اللجوء للقضاء في حال وقوع أي ضرر سيساعد جميع الأطراف على تجاوز محنة الصحافة الحالية.
الجزيرة نت