منوعات

المدينة التي أخطأوا قبل 5 قرون وسموها ريو دي جنيرو

كثيرون يخطئون بكتابة اسم المدينة الجارية فيها الألعاب الأولمبية هذه الأيام، فيكتبونه ” #ريو_دي_جانيرو” بينما الكلمة الصحيحة، لفظا وكتابة، هي “جنيرو” سريعة على اللسان. والشيء نفسه ينسحب على “الباراغواي” والصحيح هو البراغواي.
لريو دي جنيرو، قصة لا يعرفها معظم البرازيليين، وأنا نفسي لم أعرفها إلا بأواخر سنوات إقامتي 20 سنة تقريباً ببلاد الأمازون. مع ذلك التبست عليّ الأمور، لأني قرأت أن مكتشفها هو من أطلق عليها هذا الاسم، ولأن البحار البرتغالي الشهير، بيدرو ألفاريس كابرال (وليس الفاريز) هو من اكتشف البرازيل في 22 أبريل عام 1500 وضمها لأراضي البرتغال، فقد كنت أعتقد دائما أنه هو من أطلق اسمها، ومعناه “نهر يناير” بالبرتغالية.

ريو ليلا ونهارا، المدينة التي يسكنها 10 ملايين، بينهم أكثر من نصف مليون لبناني بين مغترب ومتحدر
إلا أن المعلومات الصحيحة، والمستمدة من مدونات ومخطوطات ولفائف من زمن يعود إلى أكثر من 5 قرون، إضافة إلى التواتر، تشير وفق ما قرأت “العربية.نت” في موقع مجلة Superinteressante البرازيلية، كما بموقع “ولاية ريو دي جنيرو” نفسها، إلى أن صاحب الاسم هو بحار غير الذي اكتشف البرازيل، ولم يطلقه عليها، لأنها لم تكن موجودة أصلا، بل أطلقه على الخليج، ومنه استمدت اسمها ثاني مدينة على كل صعيد بعد سان باولو.
ظن الخليج نهرا فسماه نهرا
قرب الخليج بنى البرتغاليون مستعمرة، استمدوا اسمها من الاسم الذي أطلقه البحار على الخليج، وأصبحت مع الزمن عامرة وعاصمة للبرازيل، يقيم فيها أكثر من نصف مليون لبناني بين مغترب ومتحدر، إلى أن بنوا بأقل من 4 سنوات مدينة #برازيليا ودشنوها في 21 أبريل 1960 عاصمة جديدة لبلاد، هي الخامسة عالميا بمساحتها البالغة 8 ملايين و515 ألف كيلومتر مربع، والخامسة أيضا بسكانها البالغين 203 ملايين.
بعد مكتشف #البرازيل Pedro Álvares Cabral الراحل في 1520 بعمر 53 سنة، أبحر إليها عدد من البحارة البرتغاليين، لاكتشاف المزيد من سواحلها وبرها، ومنهم بحار اسمه Gaspar de Lemos المجهولة معظم تفاصيل حياته، فوصل بسفينته إلى ساحل ما تحتله المدينة حاليا، ووجده خليجا يسميه السكان الأصليون Guanabara بلغتهم، المعروفة باسم Tupi ويستخدمها للآن هنود ولاية الأمازون بأقصى الشمال البرازيلي.

وعندما عبر البحار غاسبار دي ليموس خليج غوانابارا في أول يوم بيناير، ظنه نهرا، فسماه نهر يناير
ولأنه دخل الخليج بأول يناير 1502 ورآه شبيهاً بمجرى مائي، لذلك ظنه نهرا، فسماه Rio de Janeiro أو “نهر يناير” استعجالا منه بلا تدقيق، ولو ذاق طعم قطرة واحدة فقط من الماء الذي كان مبحرا فيه، لربما سمى المكان Mar de Janeiro أو بحر يناير، وأن الإنسان ليعجب كيف يعبر بحار محيطات ليصل قبل 5 قرون من البرتغال إلى وسط البرازيل الساحلي على الأطلسي، ويدخل خليجا من دون أن يدرك الفرق بين بحر ونهر.
وهناك قصة ثانية عن اسم المدينة، الذي يختصرونه بكلمة ريو في معظم الأحيان، لكنها أضعف بعض الشيء من الأولى، ولم تجد لها “العربية.نت” أي أصل تاريخي موثوق، إنما روايات ملخصها أن البحار غاسبار دي ليموس سمع أصداء وترددات صوتية حين عبر بسفينته الى الخليج، فسماه Ria de Janeiro أو “صدى يناير” ببرتغالية ذلك الزمان، ثم حدثت التباسات على الألسن بين “ريا” وكلمة ريو، فجرت الثانية على الألسن أسهل وأكثر، وأصبح “ريو دي جنيرو” هو الدارج. إلا أن الرواية الأولى عن ظنه الخليج نهرا هي الأصح لمعظم المؤرخين.

للراقصة المصرية الراحلة تحية كاريوكا علاقة من 1940 بريو دي جنيرو

كل مولود في الريو لقبه كاريوكا
والجميع في البرازيل يطلقون اسم Carioca على كل مولود في أشهر مدينة كرنفالات بالعالم، وهذه مما يعرفه كل البرازيليين، إلا أن معظمهم يجهل السبب، وهو أن الماء الذي كانت ترتوي به المدينة قبل 200 عام، كان يأتيها من نهر اسمه “كاريوكا” ويصب في خليج “غوانابارا” المستلقية عنده ريو دي جنيرو.
وهناك رقصة أميركية اشتهرت باسم “كاريوكا” لظهورها في 1933 بفيلم Flying Down to Rio وهو موسيقي الطراز أبيض وأسود، وصوّروه في “ريو” لذلك استمدت اسمها من اللقب المعروف به سكان المدينة، وأشهر من قامت بتأديتها شرقيا، هي الراقصة المصرية الراحلة في 1999 بعمر 80 سنة، بدوية محمد علي النيداني، بحسب ما قرأت “العربية.نت” في سيرتها، المتضمنة أنها رقصتها في 1940 بأحد عروض الممثل سليمان نجيب، الراحل في 1955 بعمر 63 سنة، فاشتهرت بدوية بها إلى درجة أن اسمها الفني أصبح تحية كاريوكا.

شاطيء كوباكابانا شهير للزائر، أما للمقيم ففي ريو شواطيء أكثر شهرة وجذبا للسكان
ريو دي جنيرو، مدينة ساحرة الطبيعة المتنوعة، وربما هي أجمل مدن العالم، ففيها مناخات لاتينية ورومانسيات يصعب على من أقام فيها أن ينساها، والبحر يمدها بما يعبّر البرازيليون عنه بكلمة لا يعرفون معناها إلا شعورا به فقط، ولا نجد ترجمة لها بأي لغة، وهي Saudade التي تشعر بمعناها من دون أن تعرفه. قد تشير إلى ما بقي من حب وشوق فيك لشيء لا تدري ما هو تماما. أو لإحساسك بالبعد عن حنو وثيق كنت معه سعيدا ولم تكن تدري، أو ينقصك شيء ما، وفي الريو تنتابك “ساودادي” ولا تدري السبب، ربما لأنها المرفأ الذي رست فيه معظم سفن المهاجرين من أوطانهم في رحلة حزينة وسعيدة معا، بلا عودة ومع حلم دائم بالعودة.

العربية نت