كاراسكو.. حصان سيميوني المهاري للتحول من الدفاع إلى الهجوم
سخر دييغو سيميوني من منتقديه بشدة بعد الفوز على ملغا بالأربعة، ليرد على اتهامه المستمر باللجوء إلى الدفاع فقط، “ينسى البعض ما يحدث في الماضي، في 2012 لعبنا بخمسة مهاجمين دفعة واحدة، لكن هناك من يتذكر مباراة أو اثنتين فقط”. وبعيدا عن تصريحات الشولو، خلال المؤتمر الصحافي، فإن الأتليتي أثبت هذا الموسم أنه فريق يجيد ضرب التكتلات الدفاعية، ويعود الفضل في ذلك إلى لاعبه الأول حاليا، يانيك فيريرا كاراسكو.
التجربة البلجيكية
تطورت الكرة في بلجيكا منذ بدايات الألفية الجديدة، لدرجة أن حقوق الدوري البلجيكي في عام 1997 كانت 13 مليون يورو فقط، ليبدأ الاتحاد المحلي في محاولة تحسين عائدات البث وحقوق النقل في عام 2002، حينما تعاقد مع أكثر من محطة تليفزيونية وشركات دعاية كروية، لتتحسن الجوانب الاقتصادية لمعظم الأندية وتصبح قادرة علي الاستثمار في شراء وبيع اللاعبين.
وكانت الخطوة الأخرى التي اهتم بها مدراء اللعبة هناك، هي الاهتمام بقطاع الناشئين، عن طريق إنشاء عدة أكاديميات لتنمية مهارات الصغار والاستفادة من المواهب المميزة. وبرز في هذا المجال أندية ستاندرلييغ وجينك، بالبحث عن الشبان والاهتمام بهم رياضيا وصحيا ونفسيا وفنيا، وبعد الوصول إلى مرحلة ثبات، تبدأ عملية إعارتهم وبيعهم إلى فرق أوروبا.
مع تحسين العائدات المالية وتكوين مراكز الناشئين، تم عقد مجموعة اتفاقيات كروية بين الأندية البلجيكية ونظيرتها الأوروبية لتبادل الخبرات والشبان، وهذا ما حدث مع كاراسكو، الصغير الذي بدأ مسيرته صغيرا مع جينك، قبل أن يلتحق بالفريق الرديف لموناكو في فرنسا، لينتقل بعد عامين فقط إلى اللعب مع الكبار في 2012، حتى قبل أن يبلغ عامه العشرين.
موسم خيالي
حصل كاراسكو على الشهرة في موناكو ليجذب أنظار أتليتكو مدريد سريعا. يتعامل النادي الإسباني مع متطلبات السوق بذكاء حاد، كلما فرط في اسم بمبلغ كبير، يقوم بتعويضه بلاعب شاب ذي مستقبل أفضل وبسعر أقل، لذلك باع النادي الآخر في العاصمة أردا توران إلى برشلونة، واشترى يانيك من فريق الإمارة الفرنسية، ليفوز بلاعب أفضل على جميع المستويات.
يقدم البلجيكي مستوى خاصا هذا الموسم، بتسجيله 3 أهداف وصناعته 2 في بطولة الليغا، مع هدفين في دوري الأبطال الأوروبي، ليتحول سريعا إلى واحد من أبرز نجوم كتيبة الشولو، ويحل مكان ساؤول نيغويز في قائمة المفضلين للأرجنتيني. وجاءت مباراة ملغا بالدوري لتكون بمثابة الإعلان الرسمي للدور الجديد لكاراسكو في تكتيك 4-4-2.
يعتبر ملغا خصما صعب المراس بالنسبة لأتليتكو، مثله مثل أي فريق يدافع بشكل قوي ويغلق مناطقه جيدا أمام سيميوني، وبالتالي تقل الفرص في صناعة هجمة مرتدة خاطفة، بسبب عدم تقدم المنافس للأمام والبقاء باستمرار في مناطقه، لذلك يعاني الشولو أمام هذه النوعية من الفرق، وينزف نقاطا سهلة ضدهم في سباق اللقب، ليخسر آخر نسختين أمام برشلونة بنفس الطريقة تقريبا.
المنقذ
بعد طرد سافيتش أما ملقة، فكر سيميوني سريعا في الحلول، ولجأ إلى الدفع بلوكاس في الخلف، لكن على حساب نجمه الأول أنطوان غريزمان، ليُبقي على كاراسكو حتى النهاية. ورغم انتقادات الكثيرين لما فعله المدرب، إلا أن اللاعب رد على جميع المشككين وأنقذ قائده بهدف رائع في الدقائق الأخيرة، ليفوز الأتليتي بالأربعة على فريق معقد في البطولة الإسبانية.
يحتاج أي فريق بطل إلى لاعبين يجيدون النجاح في مواقف 1 ضد 1، يملكون السرعة والمهارة للتغلب على مثل هذه اللعبات في المباريات المغلقة، ويتغلبون على منافسيهم بما يعرف، إحصائيا، بعنصر المراوغة، وبالتالي مهما تطورت الخطط يبقى اللاعب المهاري عملة نادرة بالنسبة لكل المدربين، وكاراسكو واحد من هؤلاء الذين يصنعون الفارق فرديا في أضيق الفراغات المتاحة.
البلجيكي ليس مهاريا فحسب، بل أيضا لاعب يمتاز بالسرعة والخفة، أي أنه عنصر فعال في لعبة التحولات من الدفاع إلى الهجوم، ونتيجة لكل هذه المقومات راهن سيميوني عليه فقط عندما تأزمت الأمور، سواء في نهائي الشامبيونزليغ أمام ريال مدريد أو في الليغا ضد ملقة، وفي حالة استمرار الرقم 10 بهذا المستوى، فإننا على موعد مع اسم سيحمل الأتليتي لسنوات قادمة، في حالة بيع غريزمان إلى واحد من أباطرة أوروبا خلال الفترة القادمة.
العربي الجديد