منوعات

قصة «نائب» وضع حدًا للدعارة في مصر: دبر مقلبًا لوزير الشؤون الاجتماعية مع فتيات الليل

اقترن حي باب الشعرية باسم الراحل سيد جلال، والذي ظل نائبًا عنها لنصف قرن تحت قبة البرلمان، تمكن فيها من خلال حيله من القضاء على أكبر ظاهرة عانى منها المجتمع المصري لسنوات طويلة.

حاز «جلال» إعجاب أهالي دائرته من خلال سيره بصندوق داخله 5 قروش، وقال: «من يرد انتخابى فعليه أن يضع ٥ قروش في الصندوق» حسب المنشور على موقع «أرشيف مصر».

ولقي تصرفه قبول الجميع، خاصة بعد اكتشافهم أن أموالهم ذهبت لبناء مستشفى باب الشعرية، وكان ذلك سببًا في عدم خروجه من المجلس التشريعي لمدة طويلة.

كان لـ«جلال» صداقة قوية بالشيخ محمد متولي الشعراوي، وكشف الأخير في حوار مع الكاتب سعيد أبوالعينين، حسب المذكور بـ«أرشيف مصر»، أن نائب باب الشعرية يرجع إليه الفضل في إلغاء البغاء في مصر.

وحكى «الشعراوي» أن دائرة باب الشعرية، التي ينوب عنها سيد جلال، تضم أشهر شارع للبغاء العلني في مصر حينها وهو «كلوت بك»، وهو ما كان يثير ضيقه بشكل مستمر.

وكانت العاهرات بشارع «كلوت بك» يقفن على الناصية ويتبادلن الشتائم بينهن، إضافةً إلى تسابقهن على الزبائن وإغرائهن لدخول بيوتهن، ولم تفلح محاولات «جلال» في إنهاء هذه الظاهرة بالطرق المقبولة.

ومن هنا بدأ «جلال» في تدبير حيلة لإنهاء الأمر حسب رواية «الشعراوي»، والذي قال: «انتهى به التفكير إلى تدبير مقلب لوزير الشؤون الاجتماعية في ذلك الوقت، لإحراجه ودفعه إلى العمل لإلغاء هذه الوصمة، باعتباره الوزير المسؤول الذي باستطاعته أن يصدر قرارًا بذلك».

حينها توجه «جلال» إلى وزير الشؤون الاجتماعية جلال باشا فهيم، وأخبره بأنه يعتزم إقامة مشروع خيري كبير يضم مدرسة سيبنيها على الفور، معربًا عن سعادته في حال حضور الآخر لرؤية الموقع، وهو ما يثير فرح أهالي الدائرة حسب ادعائه.

وبالفعل قبل الوزير دعوة «جلال»، وارتاد حنطورًا للتوجه إلى المقر، قبلها اتفق «جلال» مع السائق أن يمر بـ«فهيم باشا» من شارع «كلوت بك».

وبمرور الوزير داخل شارع «كلوت بك» التفت حوله العاهرات ظنًا منهم أنه زبون جديد، وانتهى ذلك التجمع بسرقة محفظته وتمزيق ملابسه، حتى خرج وهو يسب سيد جلال، لإدراكه أنه خلف ما حدث له حسب رواية «الشعراوي»، بعد امتناع أي فرد من التدخل وحمايته من تلك الورطة.

بعدها بيوم أصدر وزير الشؤون الاجتماعية قراره بإلغاء البغاء في 1947، حينها توجه «جلال» إلى مكتبه وقال له: «لقد فعلت شيئًا عظيمًا، وسوف يذكره الناس لك»، ليرد الآخر: «سيقول الناس أيضًا إنك أنت الذي دبرت المقلب الذي جعل الوزير يصدر هذا القرار».

الحكاية لم تنته عند هذا الحد حسب رواية «الشعراوي»، بل عادت من جديد بمقترح من أحد نواب محافظة الإسكندرية، والذي طلب إعادة الدعارة وجعلها محصورةً في دائرة محددة، على أن يتم الكشف صحيًا على البغايا لفترات متقاربة، وهو ما يحمي من انتشار الأمراض السرية.

وختم النائب بحجة أن «الشباب سيجد في بيوت البغاء الرسمي ما يبعده عن التعرض للنساء في الشوارع»، وهنا رد «جلال»: «إن الذين يعتقدون أن إلغاء البغاء يؤدي إلي انتشار الأمراض السرية أكثرهم على خطأ، وعندي الإحصائيات التي أعلنتها المؤتمرات الطبية العالمية والتي تثبت أن الأمراض السرية تنتشر أكثر في الدول التي تعرف نظام البغاء، وتقل في التي حرمته».

وتابع «جلال»: «الشباب يعاني من الفراغ ومهمتنا أن نهيئ له مجالات العمل، ليعمل ويتزوج ويقيم أسرة.. إن مصر نسيت مسألة البغاء ولم تعد هذه المسألة في أفكار أحد»، وختم: «إذا كان النائب صاحب الاقتراح بإعادة البغاء مصرًا على اقتراحه فعليه أن يتبرع لنا بخمس سيدات من أسرته ليكن نواة لإحياء المشروع من جديد».

ومن هنا انتهت فكرة عودة البغاء من جديد، ولم يقف النائب تحت قبة البرلمان مرة أخرى حسب رواية «الشعراوي».

المصري لايت