ثقافة وفنون

سوريو السودان .. دبكة حنين إلى الوطن

معاذ الحسن (21 سنة)، شاب سوري من حماة، حضر إلى السودان، العام الماضي، لدراسة علوم التقانة بجامعة “ابن سيناء”. واختار منطقة أركويت (جنوب الخرطوم) سكناً له. وحينما التقته “العربي الجديد” وجدته منهمكاً مع بعض الشباب السوريين في رقصة الدبكة السورية داخل صالة “سبارك سيتي”، أشهر الصالات في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث تُنظم كل يوم جمعة حفلة سورية. الحسن يقول لـ”العربي الجديد” إنه يحضر إلى الصالة كل أسبوع، ومعه العشرات من السوريين وأسرهم، للاستمتاع بأغنيات الحنين للوطن، وكثير من الأغنيات التراثيَّة، والقليل من الأغنيات العاطفية.

ويشارك معاذ الحسن ألق حضور عشرات السورين غادرت أغلبيتهم سورية منذ سنوات، بسبب الحرب التي اشتعلت في عام 2011. ففي تلك الحفلات يستعيد السوريون ذكريات جميلة، ويرقصون على أنغام أغنيات العتابا، ويتفننون في رقصة الدبكة. ويشاركهم حتى أطفالهم الذين يرثوا ما ورثه آباؤهم عن أجدادهم من تراث فني وتاريخ اجتماعي.

ويشارك في إحياء تلك الحفلات عدد من الفنانين السوريين الموجودين في السودان، مثل ساري فضة وزكريا رمضان وأمير الرسام وريم بيطار. بينما يتوفر عدد ليس بالقليل من الموسيقيين السوريين الذين يعزفون في الحفلات. ويختار الفنانون معظم أغنياتهم من التراث، فيما لا يمل الحاضرون من طلب موال “أبو الزلف” أشهر المواويل السورية كل أسبوع.

ويعيش في السودان ما بين 500 إلى 600 ألف لاجئ سوري، اختاروا السودان وطناً بديلاً بعد تصاعد الحرب في وطنهم الأم. وبعد أن رفضت غالبيَّة الدول العربية منحهم تأشيرات دخول، قررت الحكومة السودانية معاملتهم كمواطنين سودانيين.
ويتوزع غالبيَّة السوريين الذين لجأوا إلى السودان، على أحياء العاصمة الخرطوم، خاصة الأحياء الجنوبية الشرقية من المدينة. وعمل أكثرهم في مجال العقارات والمطاعم والكافتيريات وتصنيع وبيع الحلويات الشامية، وغيرها من الحرف اليدوية.

لكن، ولأسباب متعلقة بتباين مواقفهم مما يدور في سورية، ليس ثمة كيانات جامعة لهم تنشط في مجالات التواصل الاجتماعي وإقامة الفعاليات الوطنية والثقافية. حتى فكر أصحاب عدد من المطاعم والأندية في التقاط المبادرة بتنظيم فعاليات على أساس تجاري بحت، مثل مطعم “بيانو” ومطعم “ريفنديل” وصالة “سبارك سيتي” .

ويقول عمر وليد من صالة “سبارك سيتي”، وهو سوري الجنسية، إن الفكرة من إنشاء الصالة هدفت إلى تحريك عمل الصالة من ناحية بيع المأكولات والمشروبات من ناحية، ومن ناحية أخرى، هي متنفس للسوريين ليلتقوا بعضهم بعضاً، واستعادة التراث الشعبي السوري من خلال الدبكة وغيرها، وذلك خلال أربع ساعات كل أسبوع.

ويضيف وليد بأنهم مثل ما ينظمون حفلات سورية منفصلة، فإنهم ينظمون أيضاً حفلات سورية سودانية مشتركة. الغرض منها زيادة مساحات التلاقي الثقافي والفني بين الشعبين السوداني والسوري. ويتم الإعلان عادة عن الحفلات ومواعيدها واسم الفنان الذي حييها، من خلال مجموعات التواصل الاجتماعي للسوريين. وبدا الإقبال كبيراً على تلك الحفلات مع بداية ذيوعها وتنفيذ فكرتها قبل أشهر. لكن الإقبال تراجع إلى حد كبير بعد غلاء المعيشة في السودان.

العربي الجديد

‫2 تعليقات