اقتصاد وأعمال

السكر.. إستراتيجية تلتهمها مافيا السوق


ضوابط جديدة أعلنتها لجنة الصناعة بالبرلمان لحل أزمة السكر التي تفاقمت وباتت السلعة في ارتفاع مستمر بلغ سعر الجوال منه زنة 50 كيلو 1100 جنيه بدلاً عن 800 جنيه فضلاً عن ندرة في الأدوية والسلع الأخرى، الضوابط التي أعلنتها اللجنة متمثلة في تسليم حصة الولايات للولاة وتسلمها من مخازن الشركة علي أن يضع الولاة تكاليف الترحيل وعمولات الممولين أو تقوم الشركات بترحيل حصص الولايات إلى مخازنها بالولايات ومن ثم التسليم، ويشهد قطاع السكر المحلي الذي يبلغ حجمه في العام الحالي 400 ألف طن العديد من التحديات يمكن إجمالها في ارتفاع تكلفة الإنتاج والذي تمثل فيها تعدد الرسوم والضرائب السمة البارزة فيها، مما أحدث عدم تنافسية بين المنتج المحلي والمستورد البالغ 550 ألف طن بالرغم من فرض رسوم جمركية مؤخراً عليه أسوة بالضرائب التي تفرض على المصنع منه محلياً في خطوة لتصحيح السياسات الخاصة بالسكر التي انتهجتها الدولة مؤخراً.

مصدر مطلع بقطاع السكر ـ فضل حجب اسمه أكد لـ(الصيحة) أن الكمية المصدقة للاستيراد السكر والبالغة 550 ألف طن تحتاج الى 247 مليون دولار لجهة أن الطن يباع عالمياً بواقع 450 دولاراً، وتساءل هل الدولة قادرة على تغطية هذا المبلغ في ظل عجزها عن استيراد الجازولين والبنزين والتي بدأت تظهر صفوفه مجدداً، ويرى ذات المصدر أن هنالك مشكلة إدارية في البلاد، وأضاف أنه قبل عام 2014م عندما تم تحرير استيراد السكر كانت الشركة السودانية للسكر تنتج حوالي 50% من استهلاك البلاد وتقوم باستيراد الـ50% الأخرى لتغطية الفجوة في الاستهلاك والبالغة 700 ألف طن، مشيرًا الى أن التجار قاموا ببيع المستورد بسعر أرخص من المحلي وظهر التلاعب في استيراد مليون أو مليوني طن للسكر لمحاربة المنتج المحلي، وظل الأمر لسنوات لحين ارتفاع أسعار البورصة العالمية التي أدت بدورها الى ارتفاع سعر السكر، وعزا أزمة السكر إلى توجيهات من الدولة بوقف الاستيراد بصفة عامة مؤخراً بغرض الحد من هبوط قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، بجانب وقف شركات السكر توزيع السكر للتجار وإنما لحكومات الولايات بواقع 750جنيهاً والتي تقوم بيع السلعة للمواطنين تحت مظلة البيع المخفض، لافتاً إلى أن التجربة أفضت إلى وجود صفوف للمواطنين بغرض الحصول على السكر نسبة لضيق المواعين التوزيعية، داعياً الدولة إلى دعم قطاع السكر وتغيير سياستها نحوه بتوجيه العملات الصعبة لتأهيل الإدارات والمصانع بغرض زيادة الإنتاج وليس دعم السكر المستورد.

وتشير الإحصائيات إلى أن حجم الاستهلاك الكلي من سلعة السكر بالبلاد يقدر بحوالي 1,2 مليون طن بفجوة تقدر بـأكثر من 450 ألف طن، فأزمة السكر المتكررة التي رفعت الدولة يدها عنها بتحرير السلعة الاستراتيجية ظلت متبادلة بين التجار وشركات السكر التي تشكو دائماً من ارتفاع تكلفة الإنتاج وارتفاع مدخلاته حسب إفادات الشركات مما يحتم إجراء دراسات لمكونات سعر السكر من حيث الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي ربما تقارب قيمتها، إلا أن لجنة الصناعة بالبرلمان أرجعت الأزمة إلى سوء التوزيع وغياب الرقابة على السلعة.

ويذهب الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي الى أن سلعة السكر إستراتيجية ومهمة للسودان وتعد من السلع (المُقَيدَة) أي لا يتم استيرادها إلا في حالة عجز الإنتاج المحلي عن ملء الفجوة والنقص في استهلاك المواطنين، مشيراً إلى شروع وزارة الصناعة منذ فترة في استيراد 600 ألف طن من السكر الأبيض و250 ألف طن من الخام استعداداً لشهر رمضان الكريم بعد الارتفاع الكبير في الأسعار وظهور بوادر أزمة في هذه السلعة وندرة وارتفاع أسعارها، جازماً بأن فتح باب الاستيراد لمنع أي أزمات محتملة في السلعة قبل شهر رمضان الكريم الذي يتم فيه طلب عالٍ جداً على سلعة السكر واقتراب الموسم الزراعي الذي يتطلب توافر الجازولين بكميات كبيرة، واعتبر تراجع البنك المركزي الذي أوقف حركة الاستيراد، عدا سلع القمح والمواد البترولية والأدوية في السابق وعدل عنه قرار في الاتجاه الصحيح بعد حدوث ندرة محسوسة وملموسة لهذه السلع الضرورية، وأبان أن آخر الأرقام أفادت أن الإنتاج المحلي (700) ألف طن في العام وتبلغ الفجوة (50%)، إذ يوجد في السودان أكثر من سبعة مصانع مُنتجة للسكر، مؤكداً أن سعر السكر المستورد حتى وصوله إلى بورتسودان يكلِّف سعر الطن منه حوالي (450) دولاراً تقريباً.

قفزة كبيرة شهدتها أسعار السكر ضمن موجة الغلاء التي اجتاحت السلع الاستهلاكية مطلع العام الحالي، والتي واصلت ارتفاعها بصورة يومية تزامناً مع انهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية نتيجة خروج الدولة من السوق وتحرير الأسعار الذي قابله التجار بشهية مفتوحة واشتعال الأسعار، حيث تباينت أسعار السكر في أسواق بالخرطوم، حيث بلغ سعر جوال السكر (نمرة واحد) (كنانة) زنة 50 كيلو جراماً 1500 جنيه، والسكر السعودي نمرة 2 زنة 50 كيلو جراماً 1450 جنيهاً، وسعر الجوال زنة 10 كيلو جرامات (كنانة) 300 جنيه، والسعودي زنة (10) كيلو جرامات 270 جنيهاً.

صحيفة الصيحة.