الاعتداء على سفارة السودان (ببانقي) .. الدبلوماسية في خطر
لم تمضِ أيام قلائل بعد إقالة وزير الخارجية السودانية إبراهيم غندور، حتى أصدر رئيس الجمهورية المشير البشير قراراً جمهورياً بإغلاق 13 بعثة دبلوماسية خارج البلاد، دون تسمية الدول الموجودة
فيها بعد أن دعا غندور البرلمان إلى التدخل لحل أزمة رواتب الدبلوماسيين السودانيين في الخارج والتي بلغت متأخراتها 30 مليون دولار، هو ذات الاتهام الذي نفاه البنك المركزي ولكنه بعد أيام قام بإجراءت مالية تتعلق بالبعثات الدبلوماسية وهو الإجراء الذي علق عليه آخرون بأن ما قاله غندور لم يكن خطأ، بينما جاء بيان البنك المركزي والذي أوضح أنه سدد ما نسبته 92% من ميزانية البعثات وسيقوم بسداد المتبقي قبل انتهاء الثلث الأول من العام 2018م يعتبر اعترافاً ضمنياً من المركزي بتأخير مستحقات الخارجية لدى المركزي، فيما شمل قرار الرئاسة أيضاً إغلاق كافة الملحقيات الاقتصادية والتجارية، عدا الملحقيات الاقتصادية في بعض الدول العربية، وكذلك إغلاق كافة الملحقيات الإعلامية في الخارج عدا ثلاث ملحقيات دون تسميتها. ويرى متابعون أن ترشيد الإنفاق الحكومي لم يكن هو الهدف من القرار، وإنما إعادة النظر في دور الدبلوماسية سيما تحسن علاقات السودان الخارجية وإظهار الجانب الأفضل حيث لم تمر كذلك بضعة أيام حتى تعرضت السفارة السودانية في جمهورية أفريقيا الوسطى (بانقي) لهجوم من قبل مجموعات معارضة مسلحة لإطلاق نار مما أدى لمقتل أحد حراس السفارة، عليه احتجت الحكومة السودانية رسمياً على العدوان الذي تعرض له منزل سفيرها واستدعت الحكومة على تلك الخلفية والأحداث سفير جمهورية أفريقيا الوسطى بالخرطوم السفير عبد الرحيم عبد الله وشددت على أهمية تقديم الجناة للعدالة وحماية طاقم السفارة، فيما يعتبر هذا الاعتداء بأن الدبلوماسية أصبحت في خطر مما يتوجب على القائمين الالتفات لها وإزالة كل ما من شأنه أن يمس الدبلوماسية في مقتل.
الخارجية تدين
وجاء البيان الصادر من وزارة الخارجية وفقاً للناطق الرسمي لوزارة الخارجية السفير قريب الله خضر، أن الوزارة استدعت السفير على خلفية الاعتداء الذي تعرض له منزل سفير السودان ببانقي بواسطة عناصر من شرطة أفريقيا الوسطى وأسفر الاعتداء عن مقتل أحد حراس السفارة. ووفقاً للبيان الصادر من الخارجية فإن سفير أفريقيا الوسطى بالخرطوم تسلم الاحتجاج الرسمي من حكومة السودان لتسليمه لحكومة بلده ومطالبة الخرطوم بتقديم الجناة للعدالة وحماية السفير وطاقم السفارة بعاصمة أفريقيا الوسطى بينما وعد رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى والذي رافقه وزير داخليته لمنزل سفير السودان ببانقي بتقديم الجناة للعدالة.
انتهاك للقانون
السفير الرشيد أبوشامة قال (للإنتباهة) إن ما حدث من اعتداء على السفارة السودانية بأفريقيا الوسطى، مناقض للقانون الدولي بشكل كبير، لأن القانون الدولي يمنح السفارات حماية ومنع الدخول إليها إلا عبر إذن مسبق وفقاً لنص قانون الحصانات والامتيازات للعام 1961 من قانون (فينا) مضيفاً أن حدوث الاعتداء على السفارة ببانقي، يعني انتهاكاً للقانون الدولي واتفاقية فينا مما يتوجب على الحكومة السودانية اتخاذ موقف واضحة منها سحب البعثة الدبلوماسية او قطع العلاقات الدبلوماسية مع أفريقيا الوسطى سيما وأن السفارة لديها حصانة دولية مما يوضح بأن الدولة المعنية لا تستحق أن يحدث فيها تمثيل دبلوماسي، لأن السفارة أصبحت مفتوحة لكل من أراد الدخول إليها وهو انتهاك واضح. وشدد أبوشامة بضرورة وجود حرس من الدولة المعنية لتلك السفارات واذا لم تستطع تلك الدولة حماية السفارة كان على الحكومة السودانية أن تأخذ الإذن بدخول قوات سودانية لحماية سفاراتها في كل مكان موضح بأن ما حدث مؤسف للغاية. بينما قال أبوشامة إن السودان ينتهج نهج ما يسمى بحسن العلاقات مع دول الجوار، لذلك لم تكن هنالك خطوة شديدة اللهجة وهي خطوة دبلوماسية تنتهجها الحكومة السودانية، مبيناً بأن السودان يمتلك سبباً قوياً وقانونياً لقفل السفارة وهو ما يتعارض مع سياسة السودان الخارجية، فيما طالب أبوشامة بقفل سفارة السودان في دولة أفريقيا الوسطى ويتم التمثيل الدبلوماسي من بلد آخر مثل تشاد او غيرها وهو يعتبر تمثيلاً غير مقيم لعدم احترام تلك الدولة للقانون الدولي جراء إطلاق النار داخل السفارة السودانية ومقتل أحد الحراس، وعلى إفريقيا الوسطى أن تفعل كل تراه مناسباً لعودة البعثة السودانية بعد انجلاء الموقف او بعد تغير النظام وتقديم اعتذار واضح. وقلل أبوشامة من دور الخارجية السودانية في اتخاذ موقف قوي وشديد اللهجة، وأولها سحب البعثة او التمثيل القنصلي، معللاً أن ما يحدث من الخارجية ربما للسياسة الدبلوماسية التي ينتهجها السودان تجاه العلاقات الخارجية وحول السؤال المتعلق بعدم وجود وزير للخارجية السودانية، أوضح أبوشامة أن عدم وجود او تسمية وزير لوزارة الخارجية السودانية، لم يكن له أثر كبير سيما وأن وزير الدولة بالخارجية يمكن أن يقوم بكل أعباء الوزير والتواصل مع الرئاسة من أجل السياسة الخارجية..
أجواء متوترة
البروفيسور الفاتح محجوب مدير مركز الراصد للدراسات الإستراتيجية أوضح (للإنتباهة) أن ما تم من اعتداء للسفارة السودانية بأفريقيا الوسطى، أن ما تم ليس بالشيء الكبير سيما وأن أفريقيا الوسطى تعاني من صراع، كما أن حكومة الدولة وفق الاتفاقيات الدولية مطالبة بحماية وضمان أمن القنصليات والسفارات والبعثات الدبلوماسية، خاصة في ظل الاضطرابات التي تحدث مما جعل بوجود إخفاق واضح لحكومة أفريقيا الوسطى، مبيناً بأن الحكومة السودانية برغم ما حدث، إلا أن أرفع المسؤولين من رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى ووزير الخارجية فتم سحب السفير السوداني وهو إجراء تأخر كثيراً عن موعده، مشيراً بأن الأوضاع لازالت غير مستقرة، وهنالك فوضى في الشوارع ونهب للمنازل، وما حدث كان متوقعاً في إطار الجو العام لأفريقيا الوسطى، مؤكداً بأنه ليس هنالك تأثير كبير بين الدولتين لما حدث. إن الوضع الحالي لأفريقيا الوسطى جعلها خارج دائرة التأثير الفعال، كما أن العلاقات التجارية بين الدولتين تنحصر في تجارة الحدود فقط وهي أحوال ستستمر سواء في ظل هذه الظروف أم غيرها، لذلك فإن ما يحدث تتم معالجته في ظل رغبة رئيس الجمهورية وتقليل التمثيل الدبلوماسي خارجياً وهي خطوة وقرار جاء في وقته، فقامت الحكومة بسحب السفير سيما وأن المصالح الاقتصادية بين الدولتين ضئيلة وكذلك المصالح السياسية ولا تحتاج الى وجود سفير، بينما أضاف محجوب أن الطريقة التي تم بها استدعاء السفير تعتبر بلغة الدبلوماسية سحب، خاصة الإعلان عن استدعائه وأنه لن يرجع إلا في ظروف مختلفة تماماً.
بينما اعتبر محجوب أن بيان وزارة الخارجية بالرغم من أنه جاء مندداً، إلا أن هنالك الكثير من الإجراءات كان يجب أن تتم حيال هذا الأمر، مبرراً أن ما حدث لم يكن مقصوداً من حكومة أفريقيا الوسطى وغير متعمد لأن العملية تمت في إطار جو متوتر، كما أن سفراء وممثلو الدول الكبرى يُقتلون في مثل هذه الأجواء المتوترة ولا يحدث شيء!!.
النذير دفع الله
الانتباهة