في حب الله .. صهيب الرومي رضي الله عنه
صهيب الرومي هو الصحابي العربي الجليل صهيب بن سنان بن خالد بن عمرو بن طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد النمري، وليس كما عُرف بالرومي، نمري الأب وتميمي الأم، من ثلة الصحابة الضعفاء الذين طالهم عذاب أهل مكة لهم للتخلي عن دين الأسلام، هاجر مع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى يثرب تاركاً أمواله في مكة، شارك إلى جانب الرسول عليه الصلاة والسلام جميع الغزوات والمعارك.
سيرة صهيب الرومي في الجاهلية
عمل والده قبل الإسلام عاملاً وولياً عند كسرى على مدينة أبلة القديمة في العراق،وعاش طفولة جميلة وسعيدة في قصر كبير على شاطئ الفرات.
سبب لقبه بالرومي أنه سُبيّ صغيراً عندما هجم الروم على منازل قومه، وأخذوه مع العبيد، فإشتراه رجل من بني كلب، وباعه إلى رجل أعتقه في مكة
يدعي عبدالله بن جدعان التيمي الذي لاحظ ذكاء وإخلاص الصغير له فأشركه في تجارته ورفقته حتى أصبح يملك مالاُ وفيراً.
إسلام صهيب الرومي
سمع صهيب بدعوة الإسلام في مكة ودعوة النبي العظيم محمد صل الله عليه وسلم الناس إلى الدخول في دين الإسلام ، فذهب إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم مُلاقياً على الباب عمار بن ياسر، فدخلوا سوياً على الرسول الكريم وأعلنوا إسلامهم، ومكثوا يتعلموا من الهداية حتى المساء إلى أن خرجوا مستخفّين من أهل قريش، ولم يكن قد أسلم وقتها سوى جماعة قليلة من الرجال.
حاول صهيب مُصاحبّة رسول الله وأبي بكر في هجرتهم إلى يثرب، غير أن أهل قريش تعرضو له ومنعوه، فكان قناصاً ماهراً خيّرهم بين أن يرميهم ويقنصهم بسهامه أو يدلهّم على مخبأ ماله ويتركوه في حال سبيله ففعلوا بعد أن إستدلوا على المال، وأدرك صهيب الرسول وأبي بكر في يثرب حتى قيل أن الرسول الكريم عندما رآه مُقبلاً على يثرب ناداه مرحباً (ربح البيع يا أبا يحيى…ربح البيع أبا يحيى) فرد عليه صهيب (والله يا رسول الله ما سبقني إليك أحد، وما أخبرك إلا جبريل عليه السلام)، حيث نزلت الآية الكريمة به قوله تعالى “ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد”صدق الله العظيم.
هجرته إلى المدينة :
بعد أن هاجر الرسول ومن معه من المسلمين أراد صهيب الخروج والهجرة إلا أن المشركين منعوه، وكان صهيب من الرماة الذي اشتهر بمهارته فعرض عليهم إما أن يرميهم بسهم أو أن يدلهم على ماله ويتركوه، فوافقوا على هجرته على أن يخلي مال، فكان صهيب آخر المهاجرين إلى المدينة.
أهم صفات الصحابي صهيب الرومي
عُرف عنه الجود والكرم، فكان معطاءاً، ينُفق ماله في سبيل الله ومساعداً للمحتاجين وإغاثة الفقراء،ويقدم الطعام لليتامي والمساكين والأسرى، حتى قال عنه سيدنا عمر بن أبي الخطاب “أراك تُطعم كثيراً حتى أنك تُسرف”فرد عليه صهيب إنني سمعت رسول الله يقول “خياركم من أطعم الطعام ورد السلام” عاملاً بقول النبي الكريم.
اتسم صهيب بروح الدعابة والوجه السمّح الضحوك.
مكانته بين الصحابة :
شهد صهيب الرومي جميع الغزوات مع رسول الله صل الله عليه وسلم، وأبلى فيها بلاءً حسناً، فقد كان أحد الرماة الذين اشتهروا بحدة البصر ودقة التصويب فلا يخطئ عدوه، وعن مكانته بين الصحابة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : “السباق أربعة : أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس”، كان صهيب من رواة حديث رسول الله وعمر وعلي حتى توفى رضي الله عنه.
بعد وفاة النبي صل الله عليه وسلم بقي صهيب الرومي في المدينة المنورة، صاحب مكانة وتقدير بين المسلمين، ولما تعرّض عمر بن الخطاب إلى الطعن وهو يصلي، إختاره ليصلي بالمسلمين لحين اختيار خليفة جديد.
اعتزاله الفتن :
ظل صهيب بالمدينة المنورة بعد وفاة رسول الله، وكان يوقره الصغير والكبير، حتى تم طعن عمر بن الخطاب في المسجد، فاختاره عمر ليتولى الأمر حتى يختار المسلمون الخليفة، وبعد حادثة مقتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان، اعتزل صهيب الفتن التي وقعت بين المسلمين ولم يشترك حتى بالرأي فيها، حتى توفى بالمدينة عام 38 هـ، وتم دفنه بالبقيع رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.
موقع النيلين.