منوعات

كيف نجا الثلاثة الذين حجزتهم الصخرة في الغار؟.. تعرف على قصتهم

استدعت واقعة اختفاء أطفال تايلانديين داخل أحد الكهوف وإعلان السلطات هناك العثور عليهم مؤخراً، ورغم ما تشوب عمليات إنقاذهم من صعوبة بالغة نظراً لصعوبة الكهف الجغرافية وامتلائه بالمياه، وامتداد المساعدات الدولية دون جدوى واضحة- حتى الآن- فإن أملاً بدأ يلوح في الأفق حيث تمكّنت فرق الإنقاذ، أمس الأحد، من إخراج 4 من أعضاء فريق كرة القدم الـ 12 ومدربهم، المُحتجزين منذ أسبوعين داخل كهف جبلي غمرته مياه الفيضانات، بعد ساعات من انطلاق أولى مراحل عملية الإجلاء المحفوفة بالمخاطر.. ما يستدعي إلى الذاكرة قصة رواها النبي- صلى الله عليه وسلم- عن الثلاثة الذين آووا إلى الغار وانطبقت عليهم صخرة كبيرة حجزتهم ومنعتهم عن الخروج إلا أن الله تعالى كان رحيماً بهم فأنقذهم ونجاهم من الغم الذي كانوا فيه.. ويرصد مصراوي قصتهم وفق الرواية الواردة في الصحيحين:

قال الإمام البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.

فقال رجل منهم : اللَّهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً ( أي : لا أقدم في الشرب قبلهما أحداً ) ، فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما، فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي ( أي يصيحون من الجوع )، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه.

فقال الآخر: اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليَّ، وفي رواية: كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها على نفسها فامتنعت، حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فاعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى أذا قدرت عليها وفي رواية فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفضن الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج.

وقال الثالث : اللَّهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم ، غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال :يا عبدَ الله أدِّ إليّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال : يا عبدَ الله لا تستهـزئ بي ! فقلت : لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستقاه فلم يترك منه شيئاً . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون». صحيح البخاري وصحيح مسلم.

فهؤلاء الثلاثة عرفوا الله في الرخاء فعرفهم الله في الشدة.. وهكذا كل من تعرف إلى الله في حال الرخاء واليسر، فإن الله تعالى يعرفه في حال الشدة والضيق والكرب فيلطف به ويعينه وييسر له أموره . قال الله تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } الطلاق، وقوله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} الطلاق .

فالأول من هؤلاء الثلاثة:

ضرب مثلاً عظيماً في البر بوالديه، بقي طوال الليل والإناء على يده لم تطب نفسه أن يشرب منه، ولا أن يسقي أولاده وأهله، ولا أن ينغص على والديه نومهما حتى طلع الفجر فدل هذا على فضل بر الوالدين، وعلى أنه سبب لتيسير الأمور وتفريج الكروب، وبر الوالدين هو أعظم ما يكون من صلة الرحم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه» متفق عليه.

وثاني هؤلاء الثلاثة:

رجل ضرب مثلاً بالغاً في العفة الكاملة، حين تمكن من حصول مراده من هذه المرأة، التي هي أحب الناس إليه، ولكن عندما ذكرته بالله تركها، وهي أحب الناس إليه، ولم يأخذ شيئاً مما أعطاها. جاء في الصحيحين في حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله أن من ضمن هؤلاء السبعة: «رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله».

وثالث هؤلاء الثلاثة:

رجل ضرب مثلاً عظيماً في الأمانة والنصح، حيث ثمَّر للأجير أجره فبلغ ما بلغ، وسلمه إلى صاحبه، ولم يأخذ على عمله شيئاً.. وجاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: قال الله تعالى: « ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه فقد خصمته»، وذكر منهم: «رجلاً استأجر أجيراً فاستوفى منه ثم لم يعطه أجره».

مصراوي