سياسية

وزارات القطاع الاقتصادي.. محاكمة الأداء

رئيس مجلس الوزراء القومي، معتز موسى أعلن في خطابه للعاملين بالأمانة العامة لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، أولويات الحكومة في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وهيكلي شامل، يبدأ ببرنامج صدمة قصير الأجل يهدف إلى معالجة اختلالات ومعاملات الطلب الكلي التي يجيء على رأسها التضخم وسعر الصرف، وذلك لأجل خلق أرضية صلبة لمعالجة واستدامة فك الاختناقات الهيكلية والتشوهات التى لحقت بالقطاع تمهيداً لدعم العرض الكلي والإنتاج، وأضاف: فترة التكليف الحالية حوالي ٤٠٠يوم وتعادل حوالي ٣٠٠٠ ساعة عمل حتى نهاية الاستحقاق الدستوري في ٢٠٢٠م الأمر الذي يحتم ضرورة التخطيط والمتابعة والحزم والمحاسبة لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

لجوء رئيس الوزراء الجديد معتز موسى للعلاج عبر (الكي) باستخدام الصدمة، بدأ مثيراً للحيرة بالنسبة للكثيرين، لجهة أن الفترة الماضية شهدت العديد من القرارات الاقتصادية والسياسات التي لم تحقق ما يصبو إليه الشارع العام في تحقيق استقرار اقتصادي وثبات في أسعار السلع.. (السوداني) سعت لجرد حساب أداء وزارات القطاع الاقتصادي خلال الفترة الماضية عبر رؤية بعض المختصين.

جرد حساب

سلسلة قائمة الوزارات والمؤسسات الاقتصادية قبيل تعديلها ودمج بعضها، تضم على رأسها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، النفط والغاز، الزراعة، التجارة، الثروة الحيوانية، الاستثمار، المعادن، الصناعة، الموارد المائية والري والكهرباء، العمل والإصلاح الإداري ثم بقية الوزارات الأخرى.
وأجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين، على مسألة ضعف أداء الوزارات الاقتصادية عموماً، مستدلين على ذلك بأن النتيجة واضحة للجميع من خلال الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد، ما اضطر رئيس الجمهورية للتدخل واتخاذ قرار بحل حكومة الوفاق الوطني.

واعتبر الخبير الاقتصادي د. ياسر يوسف عليان في حديثه لـ(السوداني)، أن تقييم الأداء الاقتصادي للوزارات الاقتصادية خلال الفترة الماضية غير مقبول، فالنتيجة واضحة من خلال الوضع الذي وصلت إليه البلاد، وأضاف: الإجراءات والخطوات التي تمت مؤخراً جاءت صحيحة وتمضي في الاتجاه السليم وكان من الضروري اتخاذها قبل الوصول إلى هذه المرحلة، مشدداً على ضرورة تفعيل وإصلاح الخدمة المدنية لأنها تعتبر مفتاح الأداء لكل القطاعات وخاصة القطاع الاقتصادي، وأن يكون هناك إنزال لكل القرارات والإصلاحات التي تتخذ واقعياً، وأضاف: أنا متفائل بالتشكيل الوزاري القادم، لان رئيس الوزراء الجديد يتميز بالخبرة والتجارب والكفاءة والنشاط والحيوية. داعياً إلى وجود برنامج قصير المدى لحل المشكلات الاقتصادية العاجلة، وخطة أخرى طويلة المدى لمعالجة المعوقات الجذرية للتنمية الاقتصادية، وأشار عليان إلى أن البلاد تمتلك موارد وإمكانات هائلة ولكنها لم تستغل جيداً، متوقعاً أن تحقق قفزة إيجابية خلال العشر سنوات القادمة حال الاستفادة من هذه الموارد.

التحدي الأكبر

من جانبه يذهب الاقتصادي والأكاديمي د. محمد الناير في حديثه لـ(السوداني) إلى التأكيد على ضعف الأداء الاقتصادي عموماً، مشيراً إلى أن الضعف ظهر من خلال موازنة عام 2018م التي أجازها القطاع الاقتصادي و إصراره عليها دون تغيير. كما ورد على لسان رئيس القطاع السابق “لن نغيير سطراً واحداً في الموازنة” ، واضاف الناير : نتيجة الموازنة جاءت واضحة للجميع، وهذا ما دعا رئيس الجمهورية لاتخاذ هذه الاجراءات بالتوافق مع أحزاب الحوار الوطني، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر هو اختيار الكوادر المؤهلة للجهاز التنفيذي في المرحلة المقبلة.

أخطاء سابقة

ونوهت الاقتصادية د. جهاد ميرغني لـ(السوداني) ، إلى أن الدولة لم تستفد من أموال النفط، بإدخالها في دورة إنتاج جديدة وإنما استهلكت في سلع ولم تذهب إلى الاستثمار، كما شكت البلاد من مشكلات الحروب والديون الخارجية، إلى جانب عدم التحسب الجيد لانفصال الجنوب بطريقة اقتصادية حتى تحافظ على التوازن الاقتصادي لها. وأضافت أن سعر الصرف عند الانفصال لم يتجاوز الـ(2.5) جنيه للدولار، كما أن عدم المحافظة على اتفاق النفط مع دولة الجنوب انعكس سلباً على استقرار الميزان التجاري، داعية إلى ضرورة الانتباه في المرحلة المقبلة للموارد الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، ثم المعادن والذهب والبترول لجلب موارد العملة الأجنبية للبلاد.

الوزراء القادمون

وفي المقابل وصفت الاقتصادية د. آمال حسن شلبي لـ(السوداني) الأداء الاقتصادي بـ(السيئ) وارجعت ذلك إلى الخيارت الخاطئة والقرارات غير المدروسة، معتبرة أن البلاد تمر بأسوأ مرحلة اقتصادية، وأضافت: لا يعقل استمرار ارتفاع سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه، مع حدوث أزمات متتالية للخبز والوقود وزيادة الدولار الجمركي وغيرها من المشكلات. وقطعت بأن القرار الخاطئ يؤدي إلى نتائج سيئة تنعكس سلباً على كل الشعب، وهو ما برز من خلال أداء الوزارات خلال الفترة الماضية. وأضافت : هناك تقدم خجول في بعض الوزارات ولكن الواقع يفترض أن يكون أفضل من ذلك. وتطلعت آمال إلى أن تكون الكوادر المقبلة من الشباب ذات قرارات متجددة ومنفتحة وأكثر ابتكاراً وحكمة. وأشارت إلى أن الضرورة تتطلب من الوزراء القادمين أهمية الاستعانة بمراكز وبيوت الخبرة في اتخاذ القرارات المصيرية.

الخرطوم: ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني.