حسبو: (ما بنفك السلطة بالساهل كده)
قال عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني نائب رئيس الجمهورية السابق حسبو محمد عبد الرحمن ، أن هنالك دولاً كشفت لهم عن وجود شركات في الخارج تقوم بـ(فتوشوب) للصور وتروج للمظاهرات ، لافتاً إلى أنه تم اتخاذ إجراءات قانونية ضدها وتابع (قيادة الدولة واعية بالمؤامرات والكيد وما بنفط السلطة بالساهل كده)، وزاد (العيار الما بصيبك بقويك) ، مؤكداً إيمانهم بالتداول السلمي للسلطة ، ولفت غلى أن الاحتجاجات استهداف داخلي وخارجي لتغيير النظام وليس المطالبة من أجل الدقيق والوقود .
وقال حسبو لدى مخاطبته قيادات وهياكل المؤتمر الوطني بنيالا ، الاحتجاجات تم استقلالها استغلال تاني لكن لن يهزم الشيوعيون المشروع الإسلامي ، وطالب حسبو عضوية الوطني وقياداته بعدم التعامل بردود الأفعال والعمل على قيادات المبادرات وتوحيد الصف ، بجانب إعلاء القيم والمبادئ وتعزيز الأمن والاستقرار بحسب صحيفة آخر لحظة ، داعياً إلى ضرورة الرجوع إلى الله بالدعاء والتضرع لرفع البلاء والغلاء والفتن .
وقال حسبو المشروع الإسلامي السوداني النهوضي حقق إنجازات كبيرة خلال الـ(30) عاماً رغم ما يواجهه من تحديات وعقبات قديمة متجددة من حروبات ومؤامرات ، وأضاف أن الموارد الموجودة في دارفور لا توجد في أي بقعة من السودان لكن دخلها الشيطان على حد قوله .
الخرطوم (كوش نيوز)
أين هو المشروع الإسلامي ؟؟؟؟
لو كان مشروع إسلامي حقيقي لعدنا لعهد عمر بن عبد العزيز عندما بحث عن من توزع لهم الزكاة ولم يجد
العهد الذي نحن نعيشه لا علاقة له بالإسلام إلا استخفاف بالعقول ولعب بالمشاعر وتشويه الإسلام
لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها
لم نسمع فقه التحلل إلا في عهدكم
فيثاب الفاسد بنقله من مكان لآخر دون محاسبة خوفا على سمعة التنظيم
قالها الزبير محمد صالح رحمه الله لو رايتمونا نملك العربات والعمارات اعلموا أننا فسدنا
عليكم ان تستيقظوا المؤتمرات الخارجية لا تحرك الشوارع الشوارع تحركها المأساة الاقتصادية
أن تكون نقودي في البنك واحتاجها واعجز عن الحصول عليها
قد تكون حاجتي طعام أو دواء أو ترحيل أو تعليم أو تسديد مطالب حكومية التي ما يزال بعضها يسدد نقدا
دفن الرأس في الرمال لن يعيد الاستقرار لكن الاحساس بالمشكلة والسعي لحلها أفضل
أحاديث كل المنتمين للحكومة تستفز الشعب ولا تسترضيه لأنه يفهم أنها استغفال
مطلوب متحدث واحد بإسم المؤتمر البطني وواحد فقط بإسم الحكومة وبقية الفاقد التربوي والقطط المسعورة يسكتوا.
حاورها: ناجي الكرشابي
ـ يغيب عدد كبير من قيادات الحركة الإسلامية المعروفين عن المشهد الآن وتعقيداته.. أين دكتورة عائشة الغبشاوي؟
أنا موجودة وسط الجماهير، ولم تنقطع محاضراتي للنساء التي تقوم بترتيبها لي رابطة المرأة العاملة أو الاتحاد العام للمرأة السودانية أو حتى المؤسسات الجامعية، وأظن أن الله سبحانه وتعالى جعل أفضل الأدوار الإنسانية التي أقوم بها في خدمة هذا المجتمع لأنني أكن للسودان وشعبه شعوراً بالحب كبيراً يفوق أو يتساوى مع حبي لأبنائي وعائلتي لظني بأن السودان معطاء ولم يقصر أبداً في حق أبنائه ويشرفهم أينما ذهبوا ولا يشعرهم بأنهم أقل من الشعوب الأخرى، بل على العكس نتفرد بنوع من الصفات والفضائل عليهم، بجانب التكافل كأنما نحن المعنيين بقوله (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).. بس ربنا يرفع كبوتنا.
ـ أي كبوة تقصدين .. السياسية أم الاقتصادية التي تخنق بلادنا الآن؟
السودان بلد متعدد المناخات وأراضيه خصبة وماؤه وفير.. وأذكر في وقت مضى كانت الخرطوم تصدّر الخضار إلى جدة السعودية.. حينها كان الخضار السوداني في المحال التجارية بجدة يباع في غضون ساعة واحدة فقط.. لأنه إنتاج أرض بكر مسقية بماء عذب.. وما تزال اللحوم السودانية من أجود اللحوم لأن الثروة الحيوانية عندنا تتغذى على المراعي الطبيعية وتختلف عن اللحوم الأخرى، وبالتالي فإن بلداً بهذه الميزات الطبيعية يجب ألا يجوع أهله بأي حال، لكن للأسف الجوع الاَن منتشر في كافة أحياء العاصمة المثلثة خاصة الطرفية منها والتي بها عدد كبير من النازحين الذين فروا من ولاياتهم إما من الحرب أو الأحوال الاقتصادية.. بلد فيه كافة أنواع الخيرات ولكل ولاية خصوصية معينة في منتجات المحاصيل الزراعية والحيوانية، فيه بترول وذهب ومعادن أخرى نفيسة.. بصراحة لا أستطيع أن أتصور لماذا السودان فقير ولماذا الشعب فقير؟؟
ـ هل يمكن وضع تصورات لأسباب سياسية أدت إلى الأزمة الاقتصادية؟
في هذه الحالة يجب أن نسأل هل أدرنا هذه الثروات بالصورة العلمية الصحيحة التي من خلالها يتمتع الشعب بكل احتياجاته الضرورية، ومن خلالها ينمو البلد وتنجز البنية التحتية وتتطور البلد؟ أم إن هناك عقبة كؤوداً تقف أمام هذا الانطلاق؟ حقيقة أنا لا أجد أي مبررات لما يحدث بخلاف آخرين ربما لديهم مبررات لما يحدث لكنني لا أجد أي مبرر لهذه الحالة الاقتصادية التي نحن عليها الآن.
ـ هل صحيح أنك كنتِ أول من تنبأ بانهيار الاقتصاد أثناء وجودك بالبرلمان؟
نعم، قبل ثلاث سنوات قلت بالمجلس الوطني السابق إن الاقتصاد في طريقة إلى الانهيار، وفي ذلك الوقت “الجنيه” بعافية ولم يصل إلى مستواه اليوم، وقلت إن الأزمة الاقتصادية في الأساس هي أزمة ضمير قبل أن تكون أزمة نقد أو غيره.
ـ الاقتصاديون بالحكومة لهم تبريراتهم.. هل ما زلتِ عند تصوراتك السابقة التي تحصر المشكلة الاقتصادية في “أزمة ضمير”؟
نعم، لا زلت عند رأيي بأن الاقتصاد السوداني بخير وعافية.. وفي ندوة حضرتها قبل أسبوعين تقريباً، عدّد الخبراء الاقتصاديون الأسباب التي قادت إلى الأزمة وهي معلومة حتى لعامة الناس.. فالترهل الحكومي البائن بجانب كثرة المجالس التشريعية وكثرة الوزراء ومن هم في مرتبة وزير أرهق ميزانية السودان، وأكاد أجزم بأن الفساد أصبح يجري في دم أي سوداني، ومن المفارقات الكبيرة أنه عندما زاد سعر اسطوانة الغاز (5) جنيهات وأصبح سعرها الرسمي (80) جنيهاً بيعت في محال التوزيع بـ(125) جنيهاً.. لذلك أقول إن أي فرد يجد فرصة في صحن المواطن لا يقصر .. حتي نحن كمواطنين بيننا وقس على ذلك.
ـ أين هو الحزب الحاكم “القائد” “الرائد” مما تقولين؟
بما أننا في المؤتمر الوطني نعلن الشريعة الإسلامية ونهتدي بهدي الإسلام .. كان لابد لـ(27) عاماً التي حكمنا فيها السودان أن تترك بصمات واضحة جداً على سلوك وأخلاق الشعب السوداني وأن تكون الحكومة نفسها مع الشعب في نفس المستوى من الانضباط الإسلامي، وأن تعلي من قدر الشورى والحرية والمساواة وترفع راية العدل وترفع الظلم.. لكن ذلك لم يحدث.. قرأت عن فساد القطارات وغيرها.. أرى أنه يجب صلب كل من تورط في أمر القطارات التي حدثت وقطعه من خلاف، وكل هذه النقاط من صميم مبادئ الإسلام المعروفة في النظام السياسي، ويجب أن تكون موجوده وأن وتكون هي الحاكم أولاً أخيراً.. لو نظرنا إلى المجتمع الجاهلي مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم تكن النقلة الحضارية العلمية فقط لمجمتع الجزيرة العربية إنما النبي الكريم أثر في كل المجتمعات التي حوله بل في العالم أجمع، وهذا يتأسس بمعطيات الإسلام الصحيح وبمبادئه الأساسية .
يجب ألا “تشدهنا” أو تلفت أنظارنا المبادئ التي تنادي بها الأمم المتحدة أو التي تحتضنها المواثيق الدولية لأنها موجودة في ديننا، وكل هذه المبادئ قام المستشرقون بأخذها من الإسلام وبلورتها في ما يعرف بالمبادئ الإنسانية أو غيرها من المبادئ التي استخْلِصَت من الإسلام الذي وضع النقاط على الحروف.
ـ هل تنادين بإعادة قراءة المرجعية الإسلامية للحزب الحاكم؟
لو انتهجنا خلال الـ(27) سنة منهج النبوة وقام القائمون على أمر المؤتمر الوطني بقراءة متأنية للسيرة النبوية لكنا فعلاً قد أخرجنا البلاد مما كانت عليه إلى أفضل الأحوال.. لكن المسافات بعيدة جداً، لذلك لابد للقائمين على أمر المؤتمر الوطني ونحن معهم أن نتواثق ونتواضع ونعترف بالأخطاء.. ونحن بشر غير معصومين نخطئ ونصيب.
ـ هل يصلح الاعتراف بالأخطاء ما أفسدته السياسات؟
عندما عصى سيدنا آدم أمر الله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه.. نحن لسنا بعيدين عن هذا المنهج.. يجب أن نعترف بأخطائنا ويجب معالجة الأخطاء فوراً ويجب تفعيل مفوضية الفساد ومحاسبة أي شخص مخطئ مهما كان.. إطلاقاً لا يوجد شيء اسمه الحصانة في الإسلام..هناك التقوى والخاصية الوحيدة التي تميز الإنسان عن أخيه الإنسان هي التقوى وهذه الحصانة إن أصبحت ستاراً من ورائها يلعب الآخرون ويفعلون باسمها الأفاعيل.. فهي لابد أن تنزع حتى نعالج علاجاً جذرياً قضية الانهيار الاقتصادي ويتعافى الاقتصاد ويؤدي دوره المنوط به من تعليم وصحة وخدمات لأن الوضع الآن في كل شيء “مكسح”.
ـ كيف تنظرين لدور نواب البرلمان في ظل هذه الأوضاع والعلاقة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي؟
البرلمان يحاول تصويب الأمور.. وأحياناً يحدث بعض التضارب الذي يحتاج إلى معالجة.. مثلاً هناك تضارب بين توجه الحزب وآرائه وبين الجهاز التشريعي والتنفيذي، وأحيانا التنفيذي لا يأبه للجهاز التشريعي ويستخف بآرائه.. وكذلك الوزراء يأتون ويحاسبون وقد ترفض تقاريرهم وأحياناً يصل الأمر إلى درجة طرح سحب الثقة.. أظن أن النواب يبذلون قصارى جهدهم لتوجيه الجهاز التنفيذي لإصلاح المسيرة، لكن أحياناً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
ـ من خبرتكِ التشريعية الطويلة..هل تعتقدين بوجود مبررات للغلاء المتفشي بالبلاد حاليًا؟
الآن الدولة تعتمد اعتماداً كلياً على الجمارك والضرائب لأن وارداتنا 9 مليارات بينما الصادر 3 مليارات فقط، وهناك فجوة تحتاج إلى إصلاح.. أيضاً المظاهر البذخية التي تحدث لا تتناسب وحديثنا عن الانهيار الاقتصادي، فهناك سيارات فارهة جداً للمسؤولين بجانب أن الشعب يتحمل المنصرفات المرهقة للمسؤولين من فاتورة الكهرباء والمياه والهاتف، والميزاية لا تغطي هذه المنصرفات.
ـ هل أنتِ من المؤيدين لخفض الإنفاق الحكومي؟
نعم، لأن الشعب الآن يضحي من أجل الأمن واستتبابه ومن أجل الاستقرار، لا يريد أن يكون سورية أخرى أو يمناً اخرى، والشعب يضحي بالكثير ويأكل الآن من لحم جسده، ولابد أن يمثل الدستوريون والوزراء والقيادات الأسوة الحسنة, وأشيد بمولانا أحمد هارون الذي رفض المخصصات حينما صار والياً لجنوب كردفان واكتفى براتب 4 آلاف جنيه فقط. ويجب علينا كنواب ووزراء ودستوريين أن نثمن هذه التضحيات وأن نضحي جميعاً مثله.. إذ لا يعقل أن يتمتع الدستوريون بكل شيء ويحرم الشعب من أي شيء.
ـ أنتم أيضاً في البرلمان تصرفون صرفاً بذخياً يا دكتوره؟
أنا مثلاً عضو برلمان وكذلك اُضحي مع المواطنين.. فأنا أستاذة جامعية أيضاً ودخلي من الاثنين لا يكفيني، في نقطة لابد أن نصحح بعضاً من الفهم الخاطئ بالنسبة للنائب يتصور البعض أنه يكتنز المال.. بل حتى أولادي يقولون لي ” يا أمي انتو خامين قروش البلد كلها والنائب راتبه كبير ولديه مخصصات”. وهذا غير صحيح، فالنائب يتقاضى راتباً متواضعاً جداً 3 آلاف إلى 3 آلاف و900 كحد أقصى وليس لنا مخصصات أو بدل ترحيل أو سكن، وهناك نواب من خارج الخرطوم لديهم بدل ترحيل.
ـ ما حقيقة الاتهامات المنسوبة إليك بوجود “منافقين” و”منتفعين” حول الرئيس؟
إبان رفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع الأساسية قلت للأخ الرئيس الذي جُمع له قطاعات من الشعب السوداني.. قلت له إني موفدة النساء إليك ومن ورائي خلق كثير يقلن بقولي ويرين رأيي، وأذكر جيداً أنني قلت له هؤلاء الأخوات الموجودات أمامك إما مطلقات أو أرامل أو عوانس أو مهجورات وإن المسؤولية أصبحت على عاتق المرأة، طلبت من الرئيس أن يكون قدوة بالنسبة للدستوريين وأن نقلل نوع العربات التي يركبونها والمواكب التي يخرجون بها، لأن هذه الأشياء لا تتناسب مع بلد يرفع الدعم عن السلع وبلد “تعبان” واقتصاده منهار.. ومظهرنا كحكومة يخالف الواقع المعاش وقلت للرئيس حولك الكثير من المنافقين والمنتفعين، والحقيقة الرئيس غضب جداً مني وقال لي أنا خصيمك أمام الله يوم القيامة.
ـ هل ما تزالين تعتقدين بوجود منتفعين ومنافقين في حزبكم؟
يقول تعالى (وَمِنَ النّاس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّه عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ*وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّه أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ* وَمِنَ النّاس مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّه وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد)، فهناك من يظهر حبه ووده للمؤتمر الوطني وهو صاحب منفعة.
ـ إذن من هم أهل المؤتمر الوطني الحقيقيون؟
المخلصون الآن بعيدون.. إما على الرصيف أو متفرجين، وعلى الرغم من أن هناك تطعيماً ببعض الشخصيات.. لكن الأمر أصبح لغير أهله.. لأننا نعمل الترضيات والجهويات والقبليات النتنة والتي أوصلت البلد لهذا الحال البائس.
ـ هل صحيح أن الإصلاح خلق خلافات داخل الحزب؟
شوف.. دي شهادة لله والتاريخ والحقيقة، عندما كنت عضواً بالمكتب القيادي، كان المكتب يحلل الوضع الذي عليه البلد، ويضع الحلول المناسبة له وقد تحدث بعض الاختلافات في وجهات النظر والبعض كان لا يقبل إطلاقاً توضيح الأخطاء والحديث عن السلبيات ويعتبره نوعاً من الأحباط.. أذكر أن أحد الإخوة في مركز قيادي بالوطني تحدثنا عن بعض الأشياء وقال :”دا حديث محبط ولو انتي حاسة أن هذا الوضع لا يناسبك بهذه الصورة تفضلي أمشي”.
أعتقد أن مذكرة الأخ غازي صلاح الدين والأشخاص الذين وقعوها معه كانت هي خميرة الإصلاح، وقبل ذلك لم تكن هناك مناداة بالإصلاح إطلاقاً، ولم تكن نبرات الإصلاح بهذه الصورة.. أفتكر أن كل الذي حدث بعد المذكرة من حوار ورفع راية الإصلاح في الحزب والدولة كان مولوداً شرعياً للمذكرة التي كانت ضافية واحتوت الكثير من الآراء والأفكار التي من خلالها يمكن أن ينصلح حال الحكومة والمجتمع.
ـ هل يمكن أن نقول إنك ناقمة على المؤتمر الوطني؟
أنا ضد أن يكون الإنسان ناقماً على أي جماعة، وهذا ليس من الدين، وأمراض القلوب هذه أوضحها الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين وشرح كيفية التخلص منها, أنا لا أحمل حقداً على أحد ولست ناقمةً على أحد.. ولكن ما يغضبني هو أننا نتحدث باسم الإسلام ولكن أفعالنا بعيدة كل البعد عن حديثنا.. ممارساتنا وسياساتنا تحزنني جداً.. وأتمنى أن يكون القول كالفعل، وأن ينعم الشعب بقواعد الإسلام من شورى وشفافية وحرية ومساواة وعدل ورفع للظلم، وأن نرى أمراض القلوب والمحسوبية والرشوة والجهوية تُقبَر في قبر واحد.
ـ ما حقيقة أن الخلافات تعصف بحزبكم؟
لا أرى إلا ما تنقله الصحف، في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة.. لكن هنا في العاصمة لا أعتقد بوجود خلاف واضح بين قادة المؤتمر الوطني.
ـ كيف تنظرين للخارجين عن حزبكم وفيهم شخصيات ذات وزن سياسي كبير؟
بالنسبة للقيادات التي خرجت.. فقد كانت الأهداف واحدة والهدف الأسمى في تقديري هو خدمة السودان وتنقية السياسة من الشوائب والأمراض التي أقعدت البلاد.. ولابد كذلك من المراجعة.. المؤتمر الوطني يجب أن يمد يده بيضاء لكل هؤلاء القيادات التي خرجت لأنه يعلم أنهم المخلصون وأنهم المكتوون بالنار والذين يريدون الخير لهذا البلد والإسلام، وأنا آمل في نهاية الحوار الوطني ومخرجاته أن يلتئم الشمل.. والدعوة مفتوحة.
ـ لكن هناك مآخذ على التجربة القديمة نفسها قبل هذه الانقسامات؟
التجربة في بداية الأمر كانت راشدة.. كان هناك التزام بالمبادئ والقيم وحظ النفس كان ضعيفاً.. لكن للأسف بعض جينات الشيطان الذي أُخرج بها أبونا آدم من الجنة تسللت.. وذلك جزء من الارتباط بهذه الحياة، “الملك الذي لا يبلى جارٍ في دم الناس”، وقد تحول الملك عند بعضهم من خدمة شعبية إلى منفعة ذاتية، وأصبح بدل خدمة الشعب أصبحت الحكاية بالعكس، وهناك انحراف كثير.
ـ ألم تضعف تجربة المشروع الإسلامي بخروج العديد من المؤثرين؟
الإسلام لم تضعف شوكته إلا بعد ظهور الأحزاب بعد موقعة صفين سنة 40 هـ وانتحى سيدنا (علي بن أبي طالب) بجانب، وسيدنا (معاوية بن أبي سفيان)، وظهر الخوارج والمعتزلة وأهل السنة والجماعة.. كل هذا أضعف جسد الأمة الإسلامية، لذلك كثرة الأحزاب ليس مبشرة، وإنما هي طامة كبرى، ونحن في حاجة ماسة إلى جمعهم في بوتقة واحدة خاصة وأننا نشهد كلنا: أن لا إله إلا الله، وجميعنا مؤمنون بمبادئ الإسلام.. وبالنسبة لغيرنا من المسيحيين وغيرهم ننفذ فيهم ما قام به الرسول في دولة المدينة حيث كان أول دستور عالمي، وقال لهم قوله المشور” لهم مالنا وعليهم ما علينا” لذلك كلنا أمام القانون سواسية المسلم والمسيحي والقبطي والوثني.. وأظن أن التعايش ممكن خاصة أنه تجمعنا العديد من الأواصر .. وليكن شعارنا السودان أولاً.
ـ من سيُنفذ هذا المشروع الإسلامي الذي تتحدثين عنه؟
مشروع الحركة الإسلامية لا يؤمن به إلا أبناؤها وهؤلاء هم المنوط بهم حمل هذه المسؤولية ويرفعون الشعارات وينزلونها حيز الواقع، أما الآخرون هؤلاء فلهم مآربهم وطموحاتهم والأسباب التي تجعلهم يلتحقون بالحكومة.. أفتكر أن الذي ينشطر عن حزبه مثلاً (الأمة انقسم إلى خمسة والاتحادي أيضاً)..هذا يعني أنهم يقدمون المصلحة الخاصة وإلا لما خرجوا من كيانهم الأصلي.. رغم ذلك أجد العذر لغازي صلاح الدين والذين خرجوا من الوطني.
ـ ألا يساعد الكيان الحزبي (المؤتمر الوطني) في هذا المشروع؟
المؤتمر الوطني أصبح حزباً ووعاءً جامعاً شاملاً (ماعون كبير) ممكن يجمع كل الناس.. أتمنى أن يستطيع تنزيلها لهؤلاء الملتفين حوله.. صراحة مسألة التربية السياسية الأخلاقية مهمة.. والوطني كونه يرفع المبادئ يجب أن يقف بشدة وبقوة ضد الفساد والمحسوبية والجهوية والقبلية وضد الأشياء التي أقعدت البلد.. فهذه أوجب واجباته.. مشكلتنا أننا نفصل في الدين مفاصلة كبيرة، حيث نتصور أن الدين هو فقط الأركان الخمسة ولا نلتفت إلى سلوكنا ولا نعتقده نوعاً من الدين، في حين أن الدين دقيق جداً.. والله سيسألنا عن كل كبيرة وصغيرة حدثت بالبلد.. والآن انتشر مرض عدم مخافة الله في كافة البلد ولو وضعنا هذه القيم نصب أعيننا لانتفت السلبيات كافة.
ـ ثم ماذا؟
لقد خبا ضوء هذه المبادئ السامية وهذا أدى إلى الفشل، ولكن الآن يجب أن نلملم أطرافنا ونتواثق على ضرورة إحياء القيم الإسلامية في الحكم مرة أخرى.. الشعب مستعد متى ما شعر بالإخلاص وبالتفاني وشعر بأن القادة يعملون لمصلحته سيحدث الخير، لأن به كوامن الخير، فقط نحتاج إلى أن تُبعث وتقوى من جديد.. ولننظر إلى تجربة شبابنا في شارع الحوادث، فهي أعظم تجربة يمكن أن تكون مقياساً نفسياً واجتماعياً لمدى تفاعل الشعب هذا مع أي مجموعة جادة.. والسودان بخير وربنا يصلح المسيرة ويقوّم مسارها لنرى السودان في أفضل الأوضاع.
ـ إذن أنتِ ممن يعتقدون بعدم فشل تجربة حكم الإسلاميين في السودان؟
دعني أقول لك: لو أن هنالك مهندساً أخطأ في تقديرات إنشاء عمارة وسقطت فهل نحكم على كافة المهندسين بالفشل؟ التعميم ليس بالحكم العلمي.. نعم حدثت بعض الإخفاقات إذا انتُبه لها, وطريق الإصلاح لايزال، والأمل موجود فقط يحتاج تعبيداً وتعضيداً من القائمين على الأمر.
ـ بعد كل هذه التجربة؛ ألا يمكن القول بأن الحركة الإسلامية فشلت في إقامة حكم راشد؟
لا نقول كل المشروع الإسلامي فشل، ولكي يكون الحكم عادلاً لابد أن تكون هناك موازنة بين الإيجابيات والسلبيات.. لقد كانت هناك خطوات إيجابية في الفترات الطيبة من عمر الإنقاذ، لكن لا شك حدث انحراف في المسيرة .. ولا ننسى كذلك هذا الشعب قد ابتُلي بحروب كداحس والغبراء والحروب تنهش جسد البلد من كل جانب، وهذه معوقات.. المشروع الإسلامي كان من الممكن أن يكون رائداً ونموذجاً يحتذى به في كل العالم، لكن التقاعس عن إعلاء المبادئ الإسلامية من حيث الشورى والحرية العدل والمساواة التي أرسى قواعدها الإسلام السياسي.
ـ هل ما تزالين تثقين في إمكانية الإصلاح؟
أشعر بصدق دعاة الإصلاح والمنتقدين.. فهم حادبون على المسيرة، وينطبق فيهم المثل (أسمع كلام من يبكِّيك ولا تسمع كلام من يضحِّكَك)، أتمنى من القائمين على الأمر أن يستمعوا بأذُنٍ صاغية لهؤلاء المنتقدين والمحللين، وأن يأخذوا حديث الصحف التي تنشر بعض المفاسد بالوثائق مأخذ الجد.
ـ من هو خليفة البشير؟
لا أعلم الغيب. لكني إقول اللهم ولِّ من يصلح.
ـ ما المتوقع من مسيرة الحوار الوطني؟
أن تكون الحلقة الأخيرة من حلقات الحوار الوطني هي الحلقة القوية، وأدعو المتحاورين كافة أن يقدموا التنازلات . وأن تكون جميع القوى السياسية همها السودان وإنقاذ كامل السودان، واستتباب الأمن والسلم والاقتصاد والسياسة وأن يتواثقوا على أن السودان أولاً وثانياً وأخيراً.. فلو قدمنا العام على الخاص سنجد أننا في الطريق الصحيح.
ـ إذن ترين ضوءاً في آخر النفق؟
وحدة الصف هي مخرج السودان. كفانا تنافراً وتناحراً .. جينات التقارب قوية جداً في السودانيين وعلى قادة الأحزاب أن يأخذوا بها ويطوروها ويخرجوها للوجود.
ـ كيف سيتم ذلك؟
بتقارب وجهات النظر وعدم الإصرار على الآراء المخالفه بقدر الإمكان حتى بيننا وبين الحركة الشعبية نفسها. وأحسب أن الجميع يدرك أن السودان على حافة الانهيار، وأن السودان الآن في موقف أن يكون أو لا يكون.
الصيحة
د.الغبشاوي ٢٠١٦