سياسية

(تسقط بس) تدمر السودان.. ماذا يقصد الوطني؟

“تسقط بس” عبارة اعتبرها العديد من قيادات الحزب الحاكم مدخلا لتدمير السودان، وأن المعادلة الموجودة حاليا بفعل الاحتجاجات تجعل “تسقط بس” معادلا لـ”الفوضى بس”، في وقت أكد فيه رئيس الجمهورية لدى لقائه بالصحافيين، أن ذلك الأمر ليس فزاعة ولا محاولة للتخويف وإنما عرض للحقائق في أبسط أشكالها.
الكثيرون اعتبروا إصرار الحزب الحاكم على ترديد ذلك نوعا من محاولات البقاء في الحكم حتى 2020م موعد الانتخابات القادمة، مستدلين على ذلك بحديث رئيس الجمهورية في كسلا بأن (الحكومة لا يمكن أن تسقط عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولكن عبر الانتخابات في 2020م)، وهو ما أكده مقربون من الحكومة بأنه لا تنازل من السلطة إلا عبر الصناديق.

الربيع العربي
البشير اعتبر لدى زيارته القاهرة ولقائه بالسيسي أن شعار “تسقط بس” محاولة لاستنساخ الربيع العربي في السودان بنفس المواقف والشعارات، وأضاف: لكن الشعب السوداني واعٍ ويُفوِّت الفرصة على كل من يحاول زعزعة الاستقرار.
نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني محمد مصطفى الضو أكد أمس الأول، أن شعار (تسقط بس) سيؤدي إلى تدمير البلاد، داعيا إلى عدم تخوين الشباب أو دمغهم بالعمالة ووجه بإدارة حوار معهم.

ماذا قال الوطني؟
نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني محمد مصطفى الضو، يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن العنف للاستيلاء السلطة مرفوض في العالم كله، ولا يمكن أن يرجع إليه السودان مرة أخرى، مؤكدا أن الوصول إلى السلطة يكون عبر صناديق الانتخابات، داعيا الأحزاب السياسية لتجهيز نفسها للانتخابات القادمة وأن تقدم برنامجا يقتنع به الناس لأن ذلك من حقها.
الضو أكد أن الوصول إلى السلطة عن طريق العنف والتخريب وتعطيل دولاب العمل أمر مرفوض، وإذا ادّعت أحزاب أنها تتحدث باسم الشعب عليها أن تثبت ذلك عبر الانتخابات وإذا أعطاها الشعب التفويض فمن حقها أن تحكم وسيبارك المؤتمر الوطني ذلك. وأضاف: العنف يولد العنف ولا يمكن أن يرجع السودان لهذا المربع ولا بد أن نختط طريقا سلميا لتداول السلطة، مؤكدا أن الحوار الوطني يعتبر الحل لمشكلات البلاد وما يزال الباب مفتوحا لانضمام الأحزاب والحركات المسلحة للانضمام أو إضافة توصية في مخرجاته.
نائب رئيس القطاع السياسي قطع بأنه عندما نتحدث عن أن البديل لـ”تسقط بس”، سيدمر البلاد لا نقصد تهديدا لأحد، وأضاف: التهديد مرفوض، مشيرا إلى أن الشعارات الداعية لإسقاط النظام تصدر من حفنه من الناس ونعرف من يقف وراءها. وأضاف: هم ليسوا قوة انتخابية ويستغلون الشباب الذين يعتبرون رصيد السودان ومستقبله ويريد أن يحقق ما عجز عنه وهذه انتهازية للظروف الاقتصادية.

تصورات المستفيدين
الحزب الحاكم ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها أن البديل لـ”تسقط بس” هو الخراب أو الفوضى بالبلاد، وسبق أن أعلن مدير الأمن صلاح قوش أن جيوشاً تنتظر ساعة الصفر لتتقدّم نحو الخرطوم، واتّهم قوى اليسار بالسعي إلى تسلّم السلطة لتطبيق مشروع السودان الجديد، وهو ما اعتبره ناشطون نوعا من الإقصاء الضمني لجهة أن السودان الجديد أو الوصول إلى السلطة ليست تهما.
رئيس منبر السلام العادل ولجنة الإعلام بالبرلمان، الطيب مصطفى، أكد في حديث سابق لـ(السوداني) أنهم مصرون على عدم إسقاط النظام لأن ذلك يعد قفزا في المجهول ويمكن أن يورد البلاد موارد الهلاك. وأضاف: نرفض أن يكون البديل الشيطان.
واعتبر مصطفى أن انتخابات 2020م هي الحل والبديل السلمي، واستدرك: أتحدى أن يكون هناك بديل لا يسبب حريقا كبيرا للبلاد. مشيرا إلى أن قوى المعارضة تتحدث فقط عن إسقاط النظام وليس لديها أي بديل، محذرا من أن السودان الآن ليس سودان أكتوبر 1964 ولا أبريل 1985م، وأضاف: الآن السودان في هشاشة ولا سبيل للخيارات التي حدثت في الماضي وذلك لوجود حركات تمرد وبعض الاضطرابات الأمنية.
القيادي بالمؤتمر الشعبي بارود صندل أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن تصورات الحزب الحاكم بعدم وجود بديل لشعار “تسقط بس” سوى الفوضى والحرب الأهلية تصور لا يقبله العقل، مشيرا إلى أن طبيعة السودانيين لا يتقاتلون حول السلطة، وأضاف: البلاد حاليا تعيش في حالة يُرثى لها وإذا صحة فرضية الوطني بأن السودان سينهار بمثل تلك الشعارات فإن هذا الكلام يصرح به من لديه فائدة من انزلاق البلاد إلى الفوضى وتجريدها من الاستقرار. معتبرا أن الحل في استجابة الحكومة لشعارات الشار علت تجنب الكثير من الكراهية وغضب المواطنين عقب التدهور الماثل؛ ساخرا في الوقت ذاته من حديث الوطني عما ستؤول إليه البلاد أو الوضع بعد “تسقط بس”، وأضاف: السودان به أحزاب ونقابات وشخصيات قومية تستطيع أن تقود البلاد إلى الأفضل.
رئيس حركة العدل والمساواة -دبجو- وزير الدولة بالزراعة نهار عثمان نهار يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن “تسقط بس” أو “تقعد بس” يعكسان نوعا من ثنائية الاستقطاب. وأضاف: من الممكن أن تسقط الحكومة لكن بالطريقة الديمقراطية الحقيقية. معتبرا أن “تسقط بس” تدخل البلاد في متاهة لا يحمد عقباها؛ مؤكدا أن حزب المؤتمر الوطني لا يقصد تحذيرا مبطنا لأي جهة، ولكن لأنه يريد أن يبعد البلاد من مصير بعض الدول التي تعاني مواطنيها اللجوء بعد أن تفككت.
نهار اعتبر أن مطالب المحتجين أصبحت معروفة، واستدرك: لكن (تسقط) يجب أن تكون عبر صناديق الاقتراع في 2020م أي بانتخابات حرة ونزيهة وبطريقة سلمية، مؤكدا أن حركتهم اقتنعت بأن حل المشكلات يكون عبر الحوار وليس حمل السلاح، وأضاف: لا يمكن أن نعود إلى حمل السلاح نهائيا لجهة أن تغيير الحكومة لا يعني بأننا لسنا جزءا من الحكومة القادمة.

معادلة سياسية
في الوقت الذي ما تزال فيه موجة الاحتجاجات تضرب بعض شوارع الخرطوم ومدن أخرى، إلا أن البعض يرى أن خطورتها تراجعت، بينما أكد المؤتمر الوطني على لسان قيادته ضرورة عدم التقليل منها وأهمية النظر للأسباب التي دفعت الشباب للخروج إلى الشارع وترجمتها لتصبح جزءاً من العملية السياسية، مؤكدا أنها إذا ظلت خارجها ستشكل تهديدا للاستقرار والأمن القومي، لذلك لا بد من الحوار مع الشباب وذلك من أجل الوصول لـ(نهايات) ترضي جميع الأطراف.
المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن مشكلة المؤتمر الوطني ليست في شعار “تسقط بس”، لجهة أن الشعار يختصر الأزمة في إنهاء كل الوضعية السياسية السائدة بالبلاد منذ 1989م، وأضاف: “هذه الوضعية أتاحت للوطني السيطرة على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والأندية والاجتماعية وحتى الرياضية والفنية، بالتالي هذه الوضعية المسيطرة على مؤسسات الدولة وعلى قطاعات الحياة المختلفة تضمن تصدر الوطني للمشهد سواء بشكل ديمقراطي أو غيره”، قاطعا بأن مقلوب هذه المعادلة يعني عكس هذه الوضعية وتفكيك سيطرته على جميع أوجه الحياة العامة والخاصة بالبلاد وهذا يقود إلى إخراج الوطني من المعادلة السياسية، مؤكدا أن خروجهم من المشهد السياسي لن يحتاج إلى حل الوطني كما حدث في الاتحاد الاشتراكي بعد 85 لأن فقدانه لهذه السيطرة سيقود عمليا لضعف وإنهاء دوره، لجهة أن ذلك عمليا سيجعل حزب المؤتمر الوطني بلا فاعلية وبلا وجود لأنه يستمد حيويته وقوته من تماهي أجهزته الحزبية مع أجهزة الدولة، وأكبر دليل لمستقبل الحزب الحاكم في حال حدوث أي تغيرات في المشهد السياسي واضح جليا منذ بداية الاحتجاجات منتصف ديسمبر الماضي، وأضاف: الحزب الحاكم لا يملك رؤية لحل الأزمة، بل عاجز عن توصيفها توصيفا صحيحا وبالتالي فإن أجهزة الدولة الحاكمة باتت مفتقرة لأي حلول ذات طابع سياسي أو اجتماعي، مشيرا إلى أن أكبر دليل على فشل هذا (الكيان) أنه بعد 30 عاما، ورغم وجود واجهات شبابية يبحث عن حوار مع الشباب، بدلا عن أن يسأل: أين ذهبت الأموال التي تُصرف على مؤسسات التي يُطلق عليها شبابية، في حين أنها حقيقة جاءت لتسكين من تجاوزوا سن الشباب وإرضائهم في وظائف.
ماهر قطع بأن قادة هذا الكيان يخشون “تسقط بس” لأنها حال تحققت ستنزع ورقة التوت التي ظل يستتر بها هذا الحزب وما يُصرف عليه من الأموال الطائلة وهو فعليا بلا وجود أو فاعلية ولا يستمد وجوده إلا بتماهيه مع أجهزة الدولة.

الخرطوم: وجدان طلحة
صحيفة السوداني

‫2 تعليقات