مفردات استثنائية تدخل القاموس السياسي
بين الحين والآخر يصرح أحد القادة السياسيين بخطاب يحمل بين ثناياه بعض المفردات الغريبة جداًً على لغة الخطاب السياسي التي من شأنها إثارة الكثير من اللغط لدى الرأي العام.. ولعل الساحة السياسية كانت شاهدة مؤخراًً على ذلك، وظهر ذلك في عناوين الصحف من تصريح رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا لدى اجتماعه بعدد من الوزراء حول الوضع بالبلاد وما يشهده من أحداث، وقوله: سلوك المعارضة وتحرشها بالمؤسسات النظامية مغامرة سيئة ستقف لها أجهزة الدولة بالحزم الذي تسانده تقديرات واحترام الشعب السوداني.
المفردات الاستثنائية في القاموس السياسي لم تكن مستغربة، بل ظلت مستمرة ومتجددة في مراحل تاريخية متباينة وحاضرة. ففي فبراير الماضي حمل خطاب الرئيس البشير لإعلان الطوارئ وحل الحكومة مفردات لدى توصيفه خيارات المحتجين، ومحاولات البعض القفز إلى الصف الأول للاحتجاجات، والعمل على استغلالها لتحقيق أجندة تتبنى خيارات صفرية ومجهولة تقود البلاد إلى مصير مجهول والأكثر إثارة للقلق هو بث سموم الكراهية والإقصاء بين أبناء الوطن. وقبل ذلك انشغل الرأي العام أيضاً بالخطاب الذي ألقاه الرئيس البشير في 2014م لدى افتتاحه الحوار الوطني.
مفردات الخطاب الرئاسي حينها شغلت الرأي العام لبرهة من الوقت ووجدت حظها من التداول في الشارع العام والمنصات الافتراضية، الأمر الذي وصفه المحلل السياسي د.الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني) بالمفردات الملفتة للنظر وتأتي أحياناً لإبراز أهمية الخطاب وتزيد من قوة تأثيره.
إيلا دخل في ذات القاموس بمفردتي (تحرش ومغامرة سيئة) وهو ما استهجنه رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل في حديثه لـ(السوداني)، واصفاً تصريح إيلا بغير المهم وبالمفتقد للمنطقية، وأضاف: يجب على القوات النظامية أن تتسم بالحياد في أداء واجبها، منوهاً إلى أن الأخيرة تقف دون الحيلولة أمام القوات المسلحة.
الاستياء والسخرية
مسؤولون كثر تصدروا قائمة المفردات الاستثنائية مؤخراً، واعتبرها كثيرون مثيرة للسخط والاشمئزاز، فوزير الصحة بروفسير مأمون حميدة لم يكن بعيداً عن ذلك عندما حث المواطنين على أكل “الضفادع” التي انتشرت بكثافة مع موسم الأمطار.
ذات الاستنكار حظي به والي جنوب دارفور سابقاً اللواء آدم محمود جار النبي في قوله (إن انتشار الدراجات النارية بالولاية مخطط غربي صهيوني) على خلفية منعه استخدام الدراجات النارية للتنقل كونها تستخدم في عمليات السرقة بالولاية. وعلى ذات وتيرة الاستنكار جاءت مفردة (تصدير البني آدمين) في تصريح وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم، عفاف أحمد عبد الرحمن بقولها إنها (مع هجرة الشباب، ومع مبدأ الهجرة، فتلك سنّة وأنها مع تصدير البني آدمين).
غرابة واستفزاز
ولم تخلُ الساحة السياسية من المفردات الاستثنائية شديدة الحدة كمفردة (شذاذ الآفاق) التي وصف بعض قيادات الوطني بها المتظاهرين، وكذلك مفردة (لحس الكوع) وقالها القيادي بالمؤتمر الوطني نافع علي نافع حين فكر ناشطون بالخروج في مظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة تماشياً مع روح الربيع العربي، وارجع الحاج حمد تلك المفردات إلى فقر القاموس السياسي وضعف لغة مطلقها، معللاً ذلك بحالة اللجوء إلى الكلام بدلاً من وضع الحلول وأيضاًً هي نتاج للكوادر غير المؤهلة والمدربة على الانفتاح السياسي واتقان لغة الخطاب وكذلك لغياب التربية السياسية .
الغرابة ظلت حاضرة في مفردات اللغة السياسية بتصريح وزير المالية السابق معتز موسى عندما تناول معضلة التضخم وسعر الصرف معلناً عن نظرية العلاج بـ(الصدمة) ويمكث غير بعيد من الغرابة تصريح مدير الإدارة العامة للشؤون الفنية بهيئة الطرق والجسور ولاية الخرطوم ساًبقاً المهندس طارق شاكر عباس عن إغلاق جسر “المنشية” أمام الحركة بقوله إن ذلك يعود إلى نخر طال الجسر بواسطة “الجقور”.
وتلاه على ذات النسق رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق سالم الصافي حجير بقوله إن ارتفاع سعر الدولار عائد إلى توجه التجار لشراء الكريمات والإكسسوارات النسائية وأضاف: لا شيء يرفع سعر الدولار إلا التجار ليشتروا به الكريمات وحاجات البنات.
الخرطوم: هبة علي
صحيفة السوداني